تحقيق.. عصارة النفايات في موائد الغزيين
خاص- رايـة:
تنتج مكبات النفايات عصارةً تشكل جذباً لبعض المزارعين الذين يستخدمونها على المزروعات لتسرع في عملية نموها كما توصلنا في تحقيقنا، لكن تلك العصارة تخفي الكثير من مسببات الامراض الخطيرة على أجساد الغزيين، كما تفرض الجهات المعينة الرقابة على من يستخدمها لكن في هذا التحقيق نكشف عن تفاصيل لاستمرار استخدامها من قبل المزارعين.
لجأ بعض المزارعينَ بغزة لوسائل بديلةَ عن عمليةِ استخدامِ السمادِ الزراعي الذي باتَ ممنوعاً عليهِم بسببِ الحصارِ الإسرائيلي المفروض لأكثر من احدَ عشر عاماً، ودفعَ غيابُه للبحثِ عن البدائل من دونِ النظرِ إلى خطورتها على صحةِ الناس، فهُم سيتناولونَ الخضروات على أنها بلدية (محلية).
البديل الجديد الذي اختاره بعض المزارعين هو عبارة عن عصارة النفايات، وهي مادة سامة تستخرج من خلاصة القمامة بعد جمعها في بعض مكبات قطاع غزة، ويتوجه بعض المزارعين إلى دمج هذه العصارة مع الماء في ري مزروعاتهم على أنها بديل عن السماد.
ومن خلال متابعة سبب توجه المزارعين استخدام هذه العصارة تبين أنها تسرع عملية جني الثمار خلال مدة صغيرة لا تتجاوز ال(72) ساعة، ما جعلنا للتوجه إلى فحص العصارة لمعرفة محتواها من خلال الحصول عليها من أحد مصادرنا الموثوقة من احدى الأراضي الزراعية، لتكون الفاجعة أنها تحمل مواد سامة وخطيرة على جسم الانسان.
وأظهرت نتائج التحليل الخاصة بالتحقيق أن العصارة تحتوي على مواد ثقيلة وخطيرة مثل الزرنيخ والحديد والنيكل والقصدير، لكن الحديد كان الأكثر فيها، وهي بغالبها مواد عالية السمية وتسبب بعضها السرطانات بعد امتصاص التربة لها ثم انتقالها للإنسان عبر الثمر، لكن ذلك مرتبط بالأثر التراكمي بعد الأكل المزمن للثمار المسمومة.
تبين لنا في التحقيق أن الجهات المسؤولة في بعض الوزارات ذات الاختصاص على علم بالموضوع، لكنها لم تحرك ساكنا على اعتبار أن استخدام هذه العصارة مقتصر على منطقة معينة.
احدى البلديات التي تشرف على مكب للنفايات التي يستغلها بعض المزارعين للحصول على العصار منها، كانت بلدية دير البلح التي وضعت "سياج" لمنع الدخول للمكبات والحصول على العصار، لكن المزارعون يستغلون فترة المساء لمحاولة التخفي والدخول للحصول على العصارة منها.
ووفق المعايير الدولية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة لاستخدام نسب وجود عدد من المعادن والمكوّنات التي يمكن ري المزروعات بها، وظهر وجود فارق كبير يمكن ملاحظته في نتائج التحليل المرفقة مقارنة بالمعايير الدولة للنسبة الآمنة لهذه المواد في العصارة.
قابلنا احد المزارعين الذين يعتقدون ان تلك العصارة مفيدة للمزروعات ولا يقتنع بما تتحدث فيه الجهات الرسمية عن ضررها للمزروعات وصحة الانسان.
بينما عمل احد المختصون في المجال البيئي وهو مدير دائرة التوعية البيئية أحمد حلس على العديد من الدراسات وورش التوعوية لمخاصر استخدام متل تلك العصارة منذ عام ولغاية اللحظة، لكن لم يتغير الواقع بعد.
القانون الزراعي الفلسطيني رقم 2 لعام 2003، يقول في المادة 24 أنه لا يجوز تسميد المزروعات بفضلات الإنسان أو بأي سماد أو نفايات سائلة أو صلبة مختلطة بها أو مستمدة إلا بعد معالجتها حسب المواصفات والمقاييس المعتمدة. بينما المادة 26 تقول، أنه بالتنسيق مع الجهات المختصة الأخرى يتم ما تحديد أنواع المخصبات التي يسمح بتداولها وتحديد مواصفاتها وإجراءات تسجيلها وشروط وطرق تداولها.
قطاع غزة يعتبر من اكثر المناطق التي تنتشر فيها الامراض بشكل سريع جداً، وفق منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصحي لعام 2016 وهو ذاته التقرير الذي اعتبر ان قطاع غزة لا يصلح للعيش في 2020، في ظل انتشار الامراض الخطيرة فيه واهمه مرض السرطان الذي وصل لحد مخيف من الأرقام.
في الشارع الغزي لا يبالي بعضهم امام تلك الواقعة على اعتبار ان تراكم الازمات على مدار اكثر من 10 سنوات جعلهم يعتبرون تلك المواد التي تحملها المزروعات شيء عادي لكن بعضهم يحرص على عدم شرائها من الأسواق.
فريق عمل التحقيق: يوسف أبو مغيصيب، سامح أبو دية، أمجد ياغي، محمود هنية، حسام حمدونة، محمد أبو ضلفة.
شاهد التحقيق بالفيديو التالي: