رام الله .. حكاية على بِساط !
خاص - راية:
مجدولين زكارنة -
نمر بالأماكن على عجل لتوقفنا رائحة الحكايا رابطة المكان بالزمان عبر آلة الذكريات التي غابت بزحام الأماكن بالمارة والمركبات .
هذه المرة لن يكون هناك سيارات ولا مارة بل سنعيد شريط الذكريات الى حكايا عشناها في المكان وربطتنا به حبال الأحلام والآمال.

في وسط مدينة التناقضات والثقافات المختلفة "رام الله" فرشت البسط القديمة ليتربع عليها المارون في لحظة توقف بها الزمن وعاد سجل الذكريات ليعرض ولكن هذه المرة أمام جمع من الناس قرروا تحويل الأماكن العامة الى مكان تتاح لهم فيه فرصة الجلوس والتواصل البصري والشفوي.
عدد من طلاب الجامعات والمتطوعون والمارة الذين استوقفهم الحدث افترشوا الأرض و بدؤوا بالكلام المباح فلا أحد هنا يعرف الاخر ولكن جميعهم يعرفون المكان وتربطهم به علاقة مميزة وذكرى هنا وحلم نما هناك أو خيبة مرت بهم هنا.

سلات من القش الممتلئة بالفواكة زينت الحصر الملونة القديمة الممدودة على الشارع ودلات القهوة كانت ترحب بمتذوقيها الذين تحلقوا ليحكوا بعيدا عن تكنولوجيا التواصل التي غيبت الحكاية المروية وعبثت بعلاقتنا القديمة بالمكان والحارة والشارع .

مؤسسة القطان وبلدية رام الله كانتا المنظم لهذا الحدث الذي تتمثل فكرته في حق المواطن باستغلال الفضاء العام وعدم اقتصاره للمارة وسياراتهم انما لمشاركة تجاربهم والالتقاء فيه.
يهاجر الالاف من الشباب من ارجاء فلسطين الى رام الله تاركين قراهم الخضراء وبساطة حياة القرية باحثين عن لقمة عيش ، صحيح انها هجرة داخلية مؤقتة ولكن اختلاف الثقافات يفقدهم حلاوة اللقاءات العفوية البسيطة في الحارة وسواء أحبوا هذه المدينة أو كرهوها فلهم فرصة التحدث عن علاقتهم بها عبر هذا الحدث.

المهندسة هديل ابو ياسين احدى المتطوعات في الفعالية قالت لـ"راية" ان هدفهم من الحدث يكمن في استغلال الحيز العام في المدينة لزيادة الروابط الاجتماعية وليس لهدف استهلاكي بحت اضافة لتنمية علاقة البشر بالمكان ليتحول من فراغ الى حكاية قابلة للرواية مشيرة الى ان تصميم الاماكن العامة الناجحة يعتمد على تفاعل الناس مع المكان الذين لهم الحق في استغلاله بإضافة بعض العناصر الصغيرة ليصبح صالحا للتواصل الاجتماعي.

أصوات الموسيقى وتحديدا صوت الجيتار عم المكان فحرك فضول المارة مِن مَن لا يعرفون عن الحدث لتجول أبصارهم حول الشارع الذي تعودوا عليه مكتظا بالسيارات والمارة المتعجلين الى مكان متواضع للتواصل.
حمزة عقرباوي من فريق حكايا أحد الفرق القائمة على الحدث قال لـ "راية" انهم يسبحون عكس التيار:" نريد ان نسمع بعض في هذه المدينة الممتدة الواسعة حيث اصول قدوم الناس اليها متعددة نريد ان نكسر علاقتنا بالأماكن باعتبارنا أناس غريبون عنها سنحكي حكايا واقعية نستفيد منها وسنعرف مدى حضور هذه المدينة في وجدان كل واحد مننا".
يحاول المنظمون دفع الناس ليكونوا جزء من الفضاء العام والحارة والشارع وليس مجرد مارة .
الحكواتية المقدسية منال غنيم احد المشاركات بالحدث قالت لـ" راية ": الفضاء والحيز العام ليس للمرور منه فقط نحن نريد تعزيز تواصل العيون والجسد وارجاع قيمة الحكايا الى سابق عهدها هذه المرة قبل ان نموت يجب ان نروي واقعنا لن ننتظر الى نهاية الحياة لنروي حكايانا".

على الرغم من شمس اب الحارقة التي حاول المشاركون التقليل من شدتها بشوادر تعكس اشعتها الصفراء الا ان المشهد كان مغري للتربع على الأرض والتحدث بكل ما يجول بخواطرنا من قصص ربطتنا بالمكان لنرويها بعفوية على بساط .

