يوسف ويزن .. طفولة مع وقف التنفيذ
القدس المحتلة - رايـة:
فداء الرويضي-
يوسف حجازي "13 عاما" طفل صغير الحجم، كثير الحركة والكلام، لا يهدأ لثانية واحدة، يلقبونه ب "السنفور"، رفيقه في الحي وجاره في البناية ذاتها يزن فروخ "14 عاما" أكثر هدوا من يوسف، والاثنان كثيرا الضحك.

لم يكن يوسف ويزن هكذا يوم الإعتقال مطلع الشهر الماضي، فكانوا يرتجفون خوفا كما يصف والد يوسف، وتحديدا حين ذهبوا صباحا لشراء الخبز قبل الذهاب الى المدرسة، يقول يوسف:"في طريق العودة الى المنزل وجدنا حمامة لا تقوى على الحركة، فبدأنا انا ويزن بإلقاء الحجارة عليها حتى تطير"، قوات الإحتلال المتمركزة كعادتها في سلوان بالقدس بالقرب من منزلهما وجدا الفريسة، وبدأوا اللحاق بيوسف ويزن الذين ركضا خوفا الى المنزل،تمكنت القوات من الإمساك بهما بطريقة وحشية، فرفعوا يوسف لصغر حجمه من قميصه وألقوه في الجيب العسكري، أما يزن فمسكوه من رقبته، ووصلوا الى مركز تحقيق شرطة "شارع صلاح الدين".

في الطريق الى مركز التحقيق انهالت القوات بسيل من الشتائم على يزن ويوسف، الذان بقيا صامتين، بلا حركة ولا كلمة، ويقول يزن أن يوسف بدأ بالبكاء.
حين دخلا الى مركز الشرطة طلبوا من الشرطي الجلوس لكنه رفض، وقال لهما ابقيا ملتصقان بالحيط واقفين، بعد حين عاودا الطلب وقالوا لها:"دعنا نجلس على الأرض أقل ما فيها، لقد تعبنا"، فما كان منه الا أن رسم نقطة حمراء على زاوية الحائط، أجلسهما الاثنين على كرسي واحد وقال لهما:"انظرا الى هذه النقطة، وإن زاح أحدكما نظره عنها سيلقى عقابا شديدا"، بقي يوسف ويزن ينظرا الى نقطة حمراء لعينة مرسومة على الحائط، وكل ما أشاح أحدهما النظر عنها يصيح الشرطي ويهدد ويتوعد، ظل الوضع على ما هو عليه لما يقارب الساعة، واستدعوا يوسف للتحقيق، ثم استدعوا يزن.

حسب قوانين الاحتلال فإنه لا يحق للمحقق أن يحقق مع طفل لم يتجاوز السابعة عشر الا بوجود أحد الوالدين أو المحامي، لكن ذلك لم يحدث ودخل كل من يوسف ويزن لوحده، حتى يواجهوا محققا لا يرحم، تارة يشتم وتارة أخرى يلفق تهم على شكل أسئلة، يقول يزن:"كان المحقق عصبي للغاية، لم أعرف ماذا أجيب أو ما الذي علي قوله، خفت كثيرا لوحدي".
بعد انتهاء التحقيق ذهب يزن ويوسف للمحكمة، ومنها الى المحكمة الثانية، في الطريق قال يزن للشرطي أنه جائع، فهم من الصباح من التحقيق الى المحكمة، والمساء قد حل، ولم يأكل شيئا الى الآن، فأجابه "بدك تاكل، بتاكل بدار أهلك"، وذهبوا للمحكمة الثانية.
حكم عليهما بالحبس المنزلي لمدة عشرين يوما، وكفالة مالية بقيمة 2000 شيقل، يقول يزن:" حين كنا بالمحكمة كانت شرطية تجلس بجانبي، وكلما نظرت الى أبي، تقول لي لا تنظر أبقي عيناك أرضا"، انتهت المحكمة وانتهت رحلة الاعتقال، لتبدأ معاناة جديدة عنوانها "الحبس المنزلي".

يوسف قضى الحبس المنزلي في منزله ببلدة سلوان، أما يزن فأبعد عن البلدة، وقضى الحبس المنزلي بعيدا عن عائلته، لم يسمح لهما بالذهاب الى المدرسة، فبقيا حبيسان للمنزل من شاشة الحاسوب الى شاشة الهاتف، وهكذا حتى جاء اليوم الذي كان من المقرر أن ينتهي فيه الحبس المنزلي 20-04-2017.
في ذلك اليوم كان يوسف ويزن ينتظران أن تدق الساعة على الحادية عشر لينتهي الحبس المنزلي ولينطلقا الى المدرسة والشارع والحارة، لكن ما لم يكن بالحسبان أن يقوم المحامي بإبلاغ والد يزن أن عليهما الحضور الى المحكمة خلال ساعة، وتجدد الحبس المنزلي لأيام إضافية ...
يوسف يحلم أن يصلح مدربا لكرة القدم حين يكبر، اليوم وبعد أن مكث ما يقارب الشهر في الحبس المنزلي أطلق سراحه، أما يزن الذي يحلم أن يصبح طبيبا بيطريا، هو اليوم قيد الحبس المنزلي المفتوح لحين انتهاء الإجراءات القانونية.