القيادة الفلسطينية في مأزق سقوط الدولة المنشودة
رام الله- رايـة:
فارس كعابنة-
تواجه القيادة الفلسطينية مأزق تخلي الادارة الامريكية الجديدة عن خيار إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على الأراضي المحتلة عام 1967، أو كما بات يعرف بخيار حل الدولتين.
وفي الجانب الاسرائيلي، يعول كثيرا على الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترمب في دعم خطة الحل التي ترمي لها الحكومة الاسرائيلية، والبعيدة عن "حل الدولتين"، ويرى مراقبون انها تتركز في حل اقليمي يحمل ترتيبات امنية تكون اسرائيل شريكة فيها مع الدول العربية.
وقال المحلل السياسي خليل شاهين لـ"رايــة"، إن المرحلة الحالية هي مرحلة التوصل الى تفاهمات امريكية اسرائيلية بشأن ملفات هامة على رأسها القضية الفلسطينية، بما يقترب كثيرا من موقف اليمين الاسرائيلي المتطرف في إطار حل الصراع وفق الرؤية الاسرائيلية، خاصة في ما يتعلق بالموقف من القدس، والاستيطان في الضفة.
وصرح مسؤولون اسرائيليون مؤخرا عن وجوب عدم التطرق لحل الدولتين كخيار للسلام، بالتزامن مع تصريحات تدعو الى ضم مناطق "ج" لإسرائيل، أي ما مساحته 60% من اراضي الضفة.
ويرى شاهين ان هذه التصريحات تعكس الواقع الذي تسعى اسرائيل الى فرضه، وتعمل على الارض من اجله من خلال زيادة الاستيطان.
وكثفت القيادة الفلسطينية من تحركاتها للخروج بأقل الاضرار من لقاء ترامب ونتنياهو في واشنطن أمس وهو اول لقاء بينهما منذ تولي الاخير مقاليد الحكم في الولايات المتحدة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات بمؤتمر صحفي امس، إن حكومة الاحتلال تسعى لدفن حل الدولتين وإلغاء فكرة إقامة دولة فلسطين 1967، من خلال توسيع المستوطنات وسرقة الأرض والموارد والمياه.
وعبر عريقات عن امال القيادة بالتزام ترامب بحل الدولتين كبقية الادارات الامريكية السابقة.
لكن ترامب صرح في مؤتمر صحفي مع نتنياهو مساء امس إن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد من أجل السلام.
وفي ظل التصريحات المتكررة عن "الغاء حل الدولتين" يتوقع مراقبون ان تتجه الانظار نحو دور الاقليم العربي في بلورة خطة حل جديدة.
وتحسنت العلاقات الاسرائيلية مع بعض الدول العربية في ظل الربيع العربي وحالة الاقتتال والتجاذبات التي طرأت بين محاور اقليمية، وهو ما يرفع من امكانية صياغة حل عربي اسرائيلي يفرض على الفلسطينيين وبدعم امريكي.
وقال نتنياهو في تصريحات له اكثر من مرة ان الدول العربية باتت تنظر لاسرائيل حليفا وليس عدوا.
ويعزو المحللون هذا التقارب العربي مع اسرائيل، لوجود المحور الايراني، الذي دفع بدول خليجية على رأسها السعودية الى تطوير العلاقة مع اسرائيل لمواجهة ما تسميه "المد الايراني"، في حين نفذ مسؤول امني سعودي كبير زيارة للسعودية العام الماضي التقى خلالها قيادات اسرائيلية كبيرة.
ووفق تسريبات وصلت لـ"رايــة" فإن خطة للتسوية اعدها المبعوث البريطاني توني بلير تقضي بإقامة مناطق حكم ذاتي فلسطيني في غزة والضفة على مساحات معينة من الاراضي.
وبحسب مصادر دبلوماسية فإن دول الرباعية العربية تدعم هذا الحل.
وقال عضو اللجنة المركزية في حركة فتح ناصر القدوة بمؤتمر صحفي اليوم الخميس ان حديث ترامب عن مشاركة الاقليم والتسوية الكبيرة التي يجري التخطيط لها هو امر مرفوض وستواجهه القيادة الفلسطينية.
وأضاف "نحن مع دور الاقليم ونحتاج لدور الاقليم ..والرافعة الاساسية للقضية الفلسطينية هي الرافعة العربية"، مشيرا في الوقت ذاته الى رفض ترتيب العلاقة العربية الاسرائيلية ومن ثم البحث لحل للقضية الفلسطينية.
واكد القدوة على مواصلة القيادة جهودها مع المجتمع الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية ورفض المستوطنات ومقاطعتها عالميا.
وقال: نريد اجراءات عقابية جديدة ضد المستوطنات ... القرار الاممي 2334 يمكننا من ايجاد منظومة لمحاربة المستوطنات.
ووفق المحلل السياسي شاهين فإن القيادة الفلسطينية بإمكانها اتخاذ قرارات ضاغطة على الاقليم العربي لدفعه للتراجع عن اي دور تفاوضي مع اسرائيل وفرض الحلول على السلطة.
وقال شاهين أن بإمكان القيادة الفلسطينية التلويح بكشف الاطراف العربية التي تسعى نحو صياغة هذا الحل لدفعها الى التراجع.
وكما يبدو فإن القيادة الفلسطينية لن تحدث اي تحول في استراتيجيتها المعتمدة على المجتمع الدولي والقرارات الاممية.
في حين يرى خبراء ان مخاطر المسار الاقليمي وصياغة حل امني مع الدول العربية بمشاركة اسرائيل ستطفو الى السطح خلال المستقبل القريب. وتوقعوا ان تحركا امريكيا سيتم في هذا المضمار.
يبدو ان الدولة الفلسطينية لن تقام عاجلا ولا آجلا، والتغير الابرز يكمن في تحول القيادة من مرحلة المناداة بإقامة الدولة، مسلحة بالدعم الدولي، الى مرحلة الخروج بأقل الخسائر امام الاستيطان على الارض، مسلحة بلا شيء.