عراقة الاثار تنقل حكاية التاريخ جيلا بعد جيل-نفق بلعمه جنين
كتب احمد زكي العريدي
لا بد للمسافر بين شمال الضفة الغربيه و جنوبها من المرور بالمدخل الجنوبي لمدينة جنين شمال الضفة الغربيه تلك المدينه التي تتربع في احضان سهل مرج بن عامر الشهير واذا ما امعنت النظر بين الصخور فلك ان تلحظ بداية نفق بلعمه على احد جنبات الطريق فهو نفق مائى محفور في الصخور
وقال مدير عام ادارة المواقع الاثريه في وزارة السياحه والاثار الفلسطينيه عبد الرحيم حمران
((يعد هذا النفق المائي من أقدم الأنظمة المائية في فلسطين ان لم يكن في العالم بأسره، كان هذا النفق جزءا من مدينة قديمة مندثرة كان يطلق عليها اسم أبلعام الكنعانية وحاليا تعرف باسم خربة بلعمه، يقع النفق والخربة على مدخل مدينة جنين الجنوني على بعد حوالي 1.5 كم عن مركز المدينة. تقع الخربة على أعلى تلة تشرف على وادي بلعمه التاريخي، هذا الوادي الذي كان ولايزال الطريق الرئيسية التي تربط شمال فلسطين بجنوبها. ))
و تاريخ نفق بلعمه جزءا لا يتجزأ من تاريخ مدينة جنين التي تعود الى العصور البرونزية في القرن الخامس عشر ق.م. حيث كانت من المدن الكنعانية الفلسطينية الهامة في ذلك العصر وفي العصر اللاحق الذي يعرف بالعصر الحديدي في القرن الثاني عشر ق.م. وقد شهدت تلك العصور فترات من عدم الاستقرار الأمني بسبب الحروب التي كانت تدور في المنطقة داخليا بين تلك المدن حيث كان النظام السياسي السائد في فلسطين يعتمد نظام ممالك المدن التي كانت تتناحر فيما بينها، يضاف الى ذلك الحملات الأجنبية البابلية والاشورية والفرعونية،
حمران قال
(( كان التحدي الأكبر في تلك الفترة بناء المدن الحصينة القادرة على الصمود في وجه الحصار وكان من أهم اسباب الصمود في الحصار توفر الماء الكافي للسكان. وبسبب وجود عين الماء الوحيدة خارج أسوار مدينة بلعمه أسفل الجبل فقد قام سكان المدينة بحفر نفق في الصخر الطبيعي يربط المدينة بذلك النبع وهو النبع الذي يعرف حاليا بنبع بير السنجل، ذلك ليكون ممرا امنا لسكان المدينة يصلون من خلاله الى هذا النبع دونما أي احتكاك مع العدو الموجود خارج أسوار المدينة في أوقات الحصار)).
نفق بلعمه بطول يزيد عن 180 متر، وكان حجم النفق غير ثابت يتراوح عرضه مابين 4 أمتار الى 2.5 متر وارتفاعه مابين 4 أمتار الى 3 أمتار.
وفي العصور اللاحقة هجرت قرية بلعمه وأهمل النفق ليصبح مطمورا بالطمم بشكل كامل. وفي القرن الأول للميلاد في العصر الروماني تم تأهيل نبع الماء ولكن بصورة عكسية حيث بقي النفق مطمورا ليصبح استخدامه عكسيا وأصبح يخدم السكان والقوافل التجارية التي كانت تسلك الطريق التاريخية المارة من وادي بلعمه، واضيف له مدخل مبني بعقد حجري وقد أعيد بناء هذا العقد عدة مرات في العصور اللاحقة البيزطية والعدوان الصليبي والعصور العربية الاسلامية.
مدير عام ادارة المواقع الاثريه في وزارة السياحه والاثار اضاف
((بعد تأسيس السلطة الفلسطينية أولت وزارة السياحة والاثار الفلسطينية اهتماما خاصا بهذا الموقع من خلال حفريات أثرية كشفت عن أجزاء هامة من هذا النفق اضافة الى حفريات استكشافية لموقع المدينة الأثرية بالتعاون مع جامعة لايدين الهولندية، ثم تبعتها أعمال تأهيل للنفق وأصبح موقعا مفتوحا للزوار الأجانب والمحليين ))
ذلك المكان العريق الذي تم تاهليه من قبل دائرة الاثار والتراث الثقافي في وزارة السياحه الفلسطينيه اصبح ميدانا اثريا حيث يتمكن الزوار من الدخول فيه لمسافة 150 مترا يبدا ببركه للماء غير مستخدمه تقع بمحاذاة الشارع الرئيسي للمدينه
غير ان المتجول في نفق بلعمه قد تا خذه الرهبه للوهلة الاولى من المكان وخاصة مساره المتعرج للاعلى والفتحات البارزه على جنباته والتي كان يعتقد انها كانت تستخدم لتثبيت مصابيح الاناره وعلى بعد عدة امتار من البركه يلاحظ المتجول اثار عين للمياه اضافه الى قناة منحوته في الصخر تصل بين البركه وعين الماء وعلى بعد عشرين مترا من الداخل هناك بئر ماء للمياه وفوقها فتحه حفرت في الصخر العلوي يعتقد انها كانت تستخدم لنشل مياه البئر ومن يواصل التعمق في داخل النفق يلاحظ وجود مرابط للخيول ما يدلل على تعدد استخدامات النفق في الزمن الماضي
ويعد نفق بلعمه اليوم معلما اثريا وتاريخيا مهما من شانه تنشيط السياحه الاثريه في محافظة جنين لتبقى عراقة هذه الاثار تتناقل حكاية التاريخ جيلا بعد جيل