أزمة المواصلات في نابلس.. ظاهرةٌ طال وجودها وحلولها باتت تُحلق بِالأُفق
نابلس- رايــة:
فراس ابو عيشة:
تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي لهيبها أثناء ساعات الظهيرة، يقف عشرات المواطنين، بل المئات منهم من طلبة وموظفين، بانتظار تلك السيارة العمومية (الصفراء- السوداء)، التي سَتقلهم من مكان تواجدهم، إلى مكانهم المُراد، ولكن ماذا لو طال الانتظار لأكثر من ساعة ونصف الساعة؟.
أزمة المواصلات في نابلس، باتت ظاهرة بدلاً من مشكلة، تتربع على عرش المشاكل، وتتركز تلك الأزمة أمام الحرم الجديد لجامعة النجاح الوطنية "الأكاديمية"، حيث أنَّها أصبحت مُعاناة يوميَّة وروتينيَّة، اعتاد عليها كل منتظرٍ هُناك، واشتكوا منها كثيراً، وناشدوا جميع الجهات المعنيَّة، ولكن لا استجابات لهم.
وتصف الطالبة في جامعة النجاح الوطنية آية أحمد معاناتها قائلة "محاضراتي تبدأ عند العاشرة صباحاً، فأخرج من المنزل، وأتجه إلى مجمع نابلس التجاري، لانتظار تلك المركبة العمومية التي ستقلني، فأنتظر قُرابة النصف ساعة حتى يُحالفني الحظ بِصعود إحداها، بِفعل التدافع من الطلبة والمواطنين".
وتُضيف "أذهب للجامعة، وينتهي دوامي، وأخرج إلى الباب الرئيسي، لأرى مئات الطلبة ينتظرون مركبات عمومية تقلهم إلى مركز المدينة، ويُعاد مسلسل الصباح من جديد".
وأما الطالبة شموع البزرة، تقول "أتأخر عن المحاضرة نصف ساعة في انتظار تكسي، وبعض السائقين يستغلون الأزمة الحاصلة، ويرفضون أُجرة السرفيس، ويُطالبون بِأُجرة الطلب، ألا وهي 10 شواقل، وكذلك نفس الحكاية، عند نهاية دوامي، ورغبتي في العودة إلى المنزل".
178 مركبة مقابل 20 ألف طالب
ويُوضح مشرف خط الأكاديمية- رفيديا- البلد حسام أبو السعود "أبو العبد" أن عدد التكاسي المخصصة لخط الأكاديمية- البلد هي (178) مركبة عمومية فقط، مُقابل عدد طلاب في الحرم الجامعي الجديد في عِداد الآلاف، وبالتالي لن يكون باستطاعتنا إلا أن نعيش أجواء الأزمة، وغالبا ما تزداد الأزمة مع ساعات الظهر، وفي اعتقاده أن الإشارات و"المطبات" لها دور في تأخير وصول المركبات العمومية، وبالتالي مما يتسبب في الأزمة.
وليس ذلك فَحسب كما يرى، ولا يُمكن أن نعتبر المشكلة هي انتظار الطلبة لفتراتٍ طويلة، أو عدم تناسب وتكافؤ عدد المركبات مع أعداد الطلبة، بل تتعدى ذلك، وكثيراً ما يتعرض بعض الطلبة إلى حالات الإغماء بسبب الانتظار الطويل، وخاصة في ظل الأجواء الحارة خلال شهر رمضان المُبارك.
وفي نفس السياق، يُناشد أبو السعود الجهات المعنيَّة والرسمية، وكل جهة لها علاقة بِظاهرة ومشكلة أزمة المواصلات، أن يجدوا حلولاً جذريَّة سريعة، كونَّه لم يتم تنفيذ أي حلول اقتُرحت، كَتحويل خط تكاسي جامعة القدس المفتوحة سابقاً، إلى خط جامعة النجاح الوطنية "الأكاديمية".
لا التزام بالقوانين المرورية
وعلى نفس الصعيد، يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في شرطة نابلس المقدم رائد أبو غربية "لا شك أن هُنالك أزمة مرورية، واكتظاظ مروري، نتيجة البنية التحتية الضيقة في مدينة نابلس، وازدياد عدد المركبات بِشكلٍ يومي ومُستمر، إضافةً إلى تدفق وازدياد أعداد الزوار القادمين إلى نابلس، أكانت من الداخل الفلسطيني المحتل، أو محافظات الوطن الأخرى، كون مدينة نابلس تُعتبر شريان الضفة الغربية".
وتتجاوز الأسباب ذلك، فعدم التزام السائقين بِالقوانين والأنظمة المرورية، وعدم الالتزام بِالإشارات الضوئية والشواخص المرورية، وتحميل وتنزيل الركاب في منتصف الشارع، يتسبب في خلق أزمة مرورية، على الرغم من جهد ووجود عناصر الشرطة على المفترقات لتسهيل وتنظيم حركة المركبات.
ويُضيف "فيما يتعلق بِأزمة المواصلات في منطقة الأكاديمية بِالتحديد، فهذا يعود إلى عدد الطلاب الهائل، الذي يزداد بِشكلٍ مستمر، تزامناً مع قلة عدد المركبات العمومية المُخصصة لنقلهم".
وعن حل الظاهرة، يُبين أبو غربية أنَّه يكمُن بتظافر الجهود بين المؤسسات والشرطة والمواطنين، كوننا شُركاء للحد من الظواهر والمشكلات التي تُواجه المجتمع الفلسطيني، ومن خلال وضع خطة استراتيجية واضحة المعالم، سواء في البنية التحتية، أو مفترقات الطرق والشوارع، أو خطوط السرفيس.
قريباً.. مُجمعات جديدة
ومن جانب آخر، تُشير مهندسة الطرق والمرور في بلدية نابلس رانية دولة إلى أن أزمة المواصلات ليست حديثة، بل هي قديمة نوعاً ما، والبلدية تسعى إلى بناء مُجمعين جديدين بِالقرب من مركز المدينة، أحدهما يتبع للمجمع الغربي، والآخر للشرقي، مما ستُساعد في الحد من هذه الأزمة، والتخفيف منها، وقد نصل إلى حلها.
والمواصلات بِطبيعتها تُجسد رسماً لِهرم ثلاثي الرؤوس، فَأولهما يُشكل الهندسة، وثانيهما الشرطة، وثالثهما هو هرم التعليم ووعي المواطنين، فإن لم تجتمع جميعها على شكلٍ واحد، ألا وهو "الهرم"، فلن يكون هُنالك منظومة مواصلات صحيحة.
وترى دولة أنَّ المجمعات الجديدة التي ستُنشأ قريباً، ستعمل على التخفيف المباشر من الضغط والأزمة الحاصلة في داخل مدينة نابلس، أكانت على خط جامعة النجاح "الأكاديمية"، أو غيرها من الخطوط الأخرى، وشارع يافا الذي تم افتتاحه مؤخراً ساهم في التخفيف من الأزمة.