إسرائيل الكبرى تتحرك

2025-12-25 16:26:36

في خطوة جديدة لتعزيز سيطرتها على الضفة الغربية، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) مع اقتراب نهاية عام 2025 على خطة لإقامة وشرعنة 19 مستوطنة، إلى جانب بناء 1200 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة بيت إيل شمال رام الله، وإحياء مستوطنة صانور شمال جنين، مع تجريف الأراضي وإقامة بنية تحتية جديدة تشمل شق طرق ونقل معسكرات الجيش، ضمن إجراءت تعكس السياسة الأيديولوجية الهادفة إلى تثبيت الهيمنة الإسرائيلية وتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي، ما يزيد صعوبة تحقيق دولة فلسطينية مستقلة ويهدد استقرار المنطقة.

وفي تصريحات مثيرة للجدل، أكد وزير الحرب الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" أن إسرائيل لن تنسحب بالكامل من قطاع غزة وأنها تخطط لإقامة مستوطنات شماله، مع الالتزام بعدم التحرك “ميلميتر واحد” من سوريا، رغم تراجعه لاحقاً لتجنب أزمة مع الإدارة الأمريكية. كما تستمر بعض المجموعات الاستيطانية، مثل “رواد الباشان”، بمحاولاتها للتوسع إلى الأراضي السورية، ما يعكس بعداً توسعياً يتجاوز  حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة. 

تتماشى هذه السياسات مع مفهوم “إسرائيل الكبرى”، الذي يسعى للسيطرة على أراضٍ تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق، وقد تحول هذا المفهوم من أيديولوجية هامشية إلى خطة سياسية رسمية، مدعومة بالمستوطنات والخطط الاستراتيجية، ما يعقد إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة ويهدد استقرار دول الجوار.

دعت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان "فرانشيسكا البانيزي" المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ضد إسرائيل، بما في ذلك تعليق عضويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومقاطعتها سياسياً وثقافياً، ومحاسبتها على الانتهاكات والجرائم المرتكبة في قطاع غزة على مدى عامين. ويمكن النظر إلى هذه الدعوة ليس فقط كإدانة، بل كاستراتيجية واضحة لتوجيه الخطوات السياسية والقانونية والإنسانية اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني وصون حقوقه على الأرض.

تتطلب المرحلة الحالية إعادة تركيز الجهود على المشروع الوطني الفلسطيني ووحدة الصف الداخلي، مع تكثيف التوثيق المستمر للانتهاكات الإسرائيلية عبر منصات رسمية ودولية لضمان استمرار الضغط القانوني والسياسي. كما يستدعي الوضع تحركاً عاجلاً على الصعيد الدولي لمساءلة إسرائيل وفرض مقاطعة سياسية وثقافية، إلى جانب تعزيز الدعم الجماهيري والدولي للمشروع الوطني الفلسطيني وتحويله إلى ضغط عملي على الاحتلال.

 وفي الوقت نفسه، من الضروري مواصلة الجهود السياسية والدبلوماسية لتثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتطوير آليات الإغاثة والتعافي بشكل مستدام، مع الحفاظ على حقوق السكان وممتلكاتهم، وتجديد الالتزام بحل الدولتين وفقاً للشرعية الدولية.

تظل المقاومة الجماهيرية الذكية والسياسية عنصراً حاسماً في هذه المعادلة، إذ يجب أن تتحول الحشود الشعبية والدعم الدولي إلى قوة ضغط فعالة، تضمن حماية الأرض والشعب الفلسطيني، وتحد من الزحف الاستيطاني المستمر.

 قد يكون الطريق طويلا وصعبا، لكن اعتماد هذا المنهاج كخارطة عمل استراتيجية يضمن حماية الحقوق الفلسطينية، وتحويل التحرك الفلسطيني إلى عمل جماهيري وسياسي وقانوني متكامل، بما يعزز صمود الشعب الفلسطيني ويمهد الطريق نحو إنهاء الاحتلال وتجسيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و إقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس.