داوود لـ"راية": إخلاء البؤر “مسرحية”.. وميليشيا المستوطنين تتحرك بتوجيه حكومي
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل دولة الاحتلال، أوعز رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال جلسة مشاورات أمنية بإخلاء 14 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، إلى جانب توجيه بضرورة تعزيز ما يسمى بـ"القسم اليهودي" في جهاز الأمن العام (الشاباك).
ورغم أن المؤسسة الأمنية اعتبرت هذه البؤر في الآونة الأخيرة "مراكز أمامية" ينطلق منها المستوطنون لتنفيذ هجمات ضد القرى الفلسطينية، إلا أن دوافع القرار تبدو أعمق، وفق ما تكشفه التسريبات العبرية التي تحدثت عن "خطر مباشر" بات يشكّله المستوطنون على رموز الدولة نفسها.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، علّق مدير التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أمير داوود، على خلفيات هذه القرارات وما يرافقها من محاولات إسرائيلية لـ"الهروب من مسؤولية" رعاية إرهاب المستوطنين، على حد وصفه.
وقال داوود إن ما يجري هو "مسرحية جديدة تُضاف إلى سلسلة مسرحيات" تحاول من خلالها حكومة الاحتلال التنصل من إرهاب المستوطنين، مضيفًا أن الحكومة نفسها هي الراعي الأول للبؤر الاستيطانية، خصوصًا الرعوية، التي تحولت خلال السنوات الماضية إلى منصات لشن الاعتداءات الإرهابية على التجمعات البدوية والقرى الفلسطينية الآمنة.
وأضاف أن "ميليشيا المستوطنين تتحرك بتعليمات حكومية وتتلقى دعمًا ماليًا معلنًا"، مشيرًا إلى تخصيصات واضحة قدمتها الحكومات المتعاقبة لهذه البؤر. وشدد على أنه "لا يمكن الحديث عن معاقبة أو سجن مستوطنين إرهابيين في وقت توفّر فيه الحكومة الحماية والغطاء القانوني لهم".
وأشار داوود إلى أن انكشاف "التبادل الوظيفي" بين جيش الاحتلال وميليشيات المستوطنين أمام العالم، إلى جانب الضغوط الدولية المتزايدة، دفع إسرائيل للجوء إلى هذا النوع من الخطوات الشكلية بهدف امتصاص الضغط وإعادة تلميع صورتها.
لماذا تتحدث إسرائيل عن “خطر على رموز الدولة”؟
وعن توصيف المؤسسة الإسرائيلية لبعض مجموعات المستوطنين بأنها "خطر على رموز الدولة"، قال داوود إن بعض البؤر تُعتبر "خاصرة رخوة" من الناحية الأمنية، وعندما يتدخل جيش الاحتلال لإخلائها—ولو شكليًا—يرى المستوطنون ذلك استهدافًا لمنظومة التوسع التي يقودونها.
وأضاف أن عمليات الإخلاء عادة ما تجري ضمن "اتفاق مسبق" بين الجيش والمستوطنين، كما حدث في بؤرة عطارة شمال رام الله، حيث كان الجيش يخلي المستوطنين ثم يعودون فورًا لإعادة بناء البؤرة في المكان ذاته.
وأشار إلى أن "الاشتباكات الشكلية" بين الجيش والمستوطنين تقدَّم إعلاميًا على أنها اعتداء على رموز الدولة، رغم أن الاعتداءات على مؤسسات إسرائيلية نفذها سابقًا أعضاء كنيست ووزراء في حكومة الاحتلال نفسها، على حد قوله.