خاص | قراءة في قرار مجلس الأمن رقم 2803 بشأن غزة
أثار قرار مجلس الأمن رقم 2803 بشأن غزة، الذي اعتمد مساء الاثنين، موجة واسعة من الجدل والنقاش بين السياسيين الفلسطينيين، وسط تحذيرات من أنه قد يشكّل نقطة تحول خطيرة في مسار القضية الفلسطينية، عبر إعادة تعريف الصراع وفق الرؤية الأمريكية – الإسرائيلية، وتقليص دور السلطة الفلسطينية، وفتح الباب أمام ترتيبات أمنية دولية قد تضع غزة تحت "وصاية عسكرية" بلباس دولي.
جاء ذلك في حلقة جديدة من برنامج "قضايا في المواطنة"، عبر شبكة رايـــة الإعلامية، وتنتجه مؤسسة "REFORM ريفورم"، ويهدف إلى تعزيز نظام حكم إدماجي وتعددي يستجيب لاحتياجات المواطنين.
قرار خطير وفق وصف الخبراء
وقال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور نبيل عمرو إن القرار يركّز أساساً على ترتيبات وقف إطلاق النار في غزة وإدارة القطاع في "اليوم التالي للحرب"، بما يشمل الشق الأمني، وترتيبات القوات الدولية، وآليات الانسحاب الإسرائيلي.
وأضاف أن القرار "لا يقدّم حلاً سياسياً شاملاً للقضية الفلسطينية، بل يفتح باباً لمسار سياسي قد يقود إلى إقامة دولة فلسطينية، لكن ذلك يتوقف على الجهد الفلسطيني والتحالفات الدولية الداعمة".
وأشار عمرو إلى أن "الحديث عن فصل غزة عن الضفة غير وارد"، مؤكداً أن "الوحدة الجغرافية والديمغرافية للفلسطينيين تجعل أي مشروع تقسيم أمراً مستحيلاً".
الصالحـي: القرار يعيد عقارب الساعة إلى الوراء
وخلال مشاركته في البرنامج، قال بسام الصالحي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والامين العام لحزب الشعب الفلسطيني، إن القرار "يعيد الأمور إلى الوراء" مقارنة بالمكانة السياسية والقانونية التي حققتها فلسطين كدولة مراقب معترف بها في الأمم المتحدة.
وأوضح الصالحي أن القرار "أخرج السلطة الفلسطينية واقعياً من غزة، تاركاً لها هامشاً غير مضمون للعودة"، مضيفاً أنه "منح شرعية أمريكية-إسرائيلية لإدارة المرحلة المقبلة على حساب شرعية الأمم المتحدة".
وحذّر من أن القرار "قد يكون جزءاً من مشروع سياسي جديد يعيد طرح حل الدولتين وفق الرؤية التي وردت في صفقة القرن، عبر صيغة دولة منزوعة السيادة".
تحذيرات من مسار قد يُضعف القضية
وأشار الصالحي إلى أن الولايات المتحدة "ترى القرار نموذجاً سياسياً خلاقاً" قد يتم تعميمه في مناطق أخرى، محذراً من أن ذلك يعني "سحب صلاحيات مجلس الأمن ومنحها للوصاية الأمريكية – الإسرائيلية".
كما اعتبر أن ما جرى جاء بعد فشل مشاريع التهجير والضم التي كانت تُناقش في الأسابيع الأولى للحرب، قائلاً: "القرار جاء بديلًا مؤقتاً لمسار خطير اصطدم برفض فلسطيني وعربي ودولي واسع".
تحديات أمام النظام السياسي الفلسطيني
وأكد المشاركون أن النظام السياسي الفلسطيني، بمكوناته الثلاثة: منظمة التحرير، السلطة الوطنية، والدولة الفلسطينية، أمام اختبار صعب في كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، خصوصاً مع غياب آليات تنفيذ واضحة للقرار، ووجود اشتراطات أمريكية حول "إصلاحات سياسية في السلطة".
وقال الدكتور نبيل عمرو إن "الخروج من المشهد لم يكن بسبب القرار وحده، بل لأن السلطة لم تقدّم خطاباً سياسياً واضحاً خلال الأسابيع الأولى من الحرب"، موضحاً أن "تعزيز الحضور السياسي الفلسطيني هو أساس القدرة على مواجهة أي ترتيبات قادمة".
وبين تحذيرات الصالحـي وتفاؤل نسبي لدى عمرو، يظل القرار 2803 محطة شديدة الحساسية، قد تحدد شكل المرحلة المقبلة في غزة وموقع الفلسطينيين في أي مسار سياسي جديد، وسط قلق شعبي ورسمي من أن يؤدي القرار إلى ترسيخ وصاية دولية – أمريكية على القطاع، وتهميش المشروع الوطني الفلسطيني.
تجدر الإشارة إلى أن "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة REFORM ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة