هل تترك غزة تَغرق كما تركت تُحرق؟
أتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أرى فيها إلا شعب غزّة؛ الذين خرجوا بأعجوبة من المحرقة والابادة الجماعية، ليجدوا أنفسهم بعدها في خيمة… قطعة قماش خفيفة لا تصدّ شمسًا، ولا تمنع مطرًا، ولا تحفظ كرامة.
وحين أرى الأطفال البواكي الغارقين في خيمتهم، والأمّهات اللواتي يحاولن إخراج الماء بأدوات أقل من البسيطة (دلواً، او القشاطة) … لا يخطر ببالي إلا سؤال واحد يلدغني ولا يهدأ: هل نترك غزّة تغرق كما تركناها تُحرق؟
منذ الهدنة التي مرّ عليها 37 يومًا، والاحتلال لا يزال يتفنّن في تعذيب أهل غزّة، كأنّ الحرب لم تتوقف أصلًا. والعالم — كالعادة — لا يزال يتفنّن هو الآخر في الخذلان. لا يكاد يمرّ يوم واحد دون خرق جديد؛ تارةً يقصف، وتارةً يقنص المدنيين، يجوّع، يعطّش، ويغلق المعابر.
ويواصل جيش الاحتلال خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. أمس فقط، شنّ قصفًا مدفعيًا وغارات جوية استهدفت مناطق متفرقة من القطاع؛ من خانيونس جنوبًا، إلى بيت لاهيا ومدينة غزّة شمالًا.
ووفق آخر تحديث لوزارة الصحة في غزّة، بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، فقد ارتفع عدد الشهداء منذ بدء الهدنة إلى 260 شهيدًا، إضافةً إلى 632 مصابا.
من الجانب الانساني
من ناحية إنسانية، يواجه أهل غزّة وضعًا لا يمكن احتمالُه. فمع استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي داخل أجزاء واسعة من القطاع، تتراجع مقوّمات الحياة إلى أدنى مستوياتها. نقص المياه وصل لمرحلة حرجة؛ أغلب العائلات تعتمد على كميات محدودة وغير منتظمة من المياه غير الصالحة للشرب أصلًا. أما الأمن الغذائي، فقد انهار تمامًا؛ الطوابير تمتدّ لساعات طويلة، والمخازن فارغة، والدخول اليومي للطعام لا يغطي الحدّ الأدنى من الاحتياجات. قلّة الطعام باتت واقعًا يوميًا، والعائلات تضطر إلى تقاسم ما هو غير كافٍ أصلًا، بينما تشهد الأسواق شحًّا في السلع الأساسية وارتفاعًا حادًا في الأسعار. كل ذلك يحدث في ظلّ وجود عسكري مستمرّ، يعرقل الحركة، ويقيّد وصول المساعدات، ويجعل أي محاولة لتنظيم الحياة داخل القطاع أقرب للمستحيل
في الامس القريب كان يسقط على غزة الاف الاطنان من القنابل المتفجرة، التي ارتقى على اثرها حوالي 70 ألف شهيد، اما اليوم فتغرق غزة بالخذلان المرير الذي يعد اكبر خذلان تعرض له شعب في تاريخ البشرية غالباً، اما ان الأوان ان يتوقف الموت لحظة؟ حتى نحصي الرقم الفعلي لعدد الشهداء!