صناعة الألمنيوم.. عقود من التحديات والإنجازات ورؤية وطنية للتطوير

2025-11-15 12:53:28

عبّر رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، نصار نصار، عن اعتزازه وفخره الكبير بالصنّاع والشركات والمصانع في شطري الوطن، مؤكداً أن ما تحققه هذه الصناعة يعكس قدرات الفلسطينيين على الابتكار والبناء رغم كل التحديات.

وقال نصار: "لدينا طاقات هائلة ومهارات عالية، وصنّاع يُشرّفون الصناعة الفلسطينية بكل معنى الكلمة. وأنا على ثقة كاملة بأن هذا القطاع قادر على تحقيق قفزة نوعية إذا ما توحّدت جهودنا."

وكشف أنه بدأ اتصالات مع رئيس اتحاد صناعة الألمنيوم في قطاع غزة، بهدف توحيد القطاع ضمن إطار وطني واحد، يعزز مكانته ويرفع مستوى المهنة.

وأضاف: "نحن مقبلون على مرحلة إعادة إعمار غزة، وقطاع الألمنيوم سيكون في الصفوف الأولى. هذه الصناعة ستكون أحد أعمدة البناء من جديد، وسنقف بكل قوة خلف صناعنا ومصانعنا ليثبتوا قدرة فلسطين على النهوض مهما كانت التحديات."

وختم نصار حديثه بالتأكيد على أن المرحلة القادمة تتطلب تنظيماً، وإرادة، وثقة بالنفس، وأن الاتحاد العام مستعد لقيادة هذا الجهد الوطني لضمان أن يصبح قطاع الألمنيوم نموذجاً يحتذى في التطور والانضباط والابتكار، وفق وكالة معا.

وتُعد صناعة الألمنيوم أحد أكثر القطاعات تطوراً ونمواً في السوق المحلية، نظراً لدورها الأساسي في مشاريع البناء والواجهات المعمارية الحديثة، ولما توفره من جودة وشكل جمالي ينسجم مع تطور الهندسة المعمارية.

ويروي نزيه حسونة وهو صاحب شركة لتصنيع الألمنيوم تجربة تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً، شهد خلالها القطاع تحولات جذرية غيرت وجه المهنة بالكامل.

من ورشة متواضعة إلى مصنع متكامل

يستعيد حسونة بداياته في أوائل التسعينيات، حين كانت الصناعة تعتمد على أدوات بسيطة ومكائن محدودة القدرات. ويقول: "بدأنا العمل في صناعة الألمنيوم قبل أكثر من 30 عاماً، وكانت الإمكانيات بسيطة جداً. ومع الوقت، تطورت الصناعة بشكل كبير، خاصة مع دخول خطوط إنتاج حديثة وأنظمة أوتوماتيكية، حتى أصبح بإمكاننا تنفيذ مشاريع كبيرة ومعقدة بسرعة ودقة لم نكن نحلم بها في ذلك الوقت."

وأوضح أنه كان يمتلك في بداياته مشغلاً متواضعاً، إلا أن تزايد الإقبال على الألمنيوم، وتطور المعدات والأنظمة الإنتاجية، دفعه إلى اتخاذ خطوة أكبر؛ إذ قرر افتتاح مصنع جديد يجمع تحت سقفه كل مراحل الصناعة، من التصميم وحتى التركيب، مع فريق من العمال المهرة الذين راكموا خبرات طويلة في هذا المجال.

تغيير ثقافة السوق… من الحديد إلى الألمنيوم

يتحدث حسونة عن مرحلة شائكة واجهها في بداية العمل، قائلاً: "حينما بدأنا، واجهتنا صعوبات كبيرة في تقبل الناس للألمنيوم، حيث كانوا يعتمدون على الحديد، وينظرون للألمنيوم كخيار أقل قوة أو غير مألوف. استغرقنا وقتاً طويلاً لإقناعهم بأن استعمالات الألمنيوم أوسع، وأنه أخف وأجمل وأكثر مرونة من الحديد".

ويضيف أن الإقناع لم يكن بالكلام فقط، بل من خلال جودة العمل والتجربة العملية: "شيئاً فشيئاً، بدأ الناس يلمسون الفرق. اكتشفوا أن الألمنيوم يمنحهم عزلاً أفضل، ومقاومة للصدأ، وشكلاً عصرياً للبناء".

التكنولوجيا تقلب الموازين

ويؤكد حسونة أن دخول التكنولوجيا الحديثة كان نقطة تحول كبرى: "اليوم نستخدم ماكينات الحفر الالكترونية وماكينات قص وتركيب دقيقة جداً. الجودة ارتفعت كثيراً، وأصبحت القطع موحدة، والتركيب أسهل وأسرع. صحيح أن كلفة الماكينات مرتفعة، لكنها على المدى البعيد تقلل التكاليف ونسبة الهدر."

ارتفاع الطلب وثقة الزبائن

يشير حسونة إلى أن السوق المحلية باتت تنظر للألمنيوم كجزء أساسي من أي مشروع إنشائي، سواء في الشبابيك أو الأبواب أو الواجهات أو الديكورات الداخلية. ويقول: "الصناعة المحلية عليها طلب متزايد، خاصة أننا ننافس من حيث الجودة والدقة. نحن نستخدم بروفيلات عالية الجودة، ونقدم خدمات تصميم وتركيب مع ضمان، وهذا ما يبحث عنه الزبون اليوم."

ويؤكد أن الزبون أصبح أكثر وعياً، ويولي اهتماماً أكبر بالجودة والمتانة بدلاً من السعر فقط.

العمالة الشابة… قوة الصناعة المستقبلية

وحول دور القطاع في تشغيل الأيدي العاملة، قال حسونة: "صناعة الألمنيوم من أكثر القطاعات التي تستوعب شباباً مهرة. نحن ندرّب من البداية، ونوفر فرصاً لتطوير المهارات. العامل الماهر مطلوب جداً، والفرصة أمام الشباب كبيرة إن التزم وتعلّم."

لكنه يشير إلى غياب مراكز تدريب مختصة أو إشراف مهني من جهة نقابية منظمة، ما يحد من تطوير مهارات العاملين ويرفع من تفاوت الجودة بين ورشة وأخرى.

تحديات القطاع… أسعار وتنافس غير منضبط

يرى حسونة أن أبرز التحديات تكمن في ارتفاع أسعار المواد الخام وصعوبة الاستيراد أحياناً، إضافة إلى المنافسة غير العادلة من بعض الورش الصغيرة التي لا تلتزم بالمواصفات والمعايير.

ويقول:"غياب التشريعات التي تنظم السوق يؤثر على جودة المنتج، ويجعل المنافسة غير شريفة." ويضيف أن غياب اتحاد مهني في الضفة الغربية يزيد من فوضى السوق، ويعيق تطوير المهنة.

النقابات والتنظيم المهني… دروس من قطاع غزة

وأوضح حسونة أن قطاع الألمنيوم في قطاع غزة كان منظماً قبل الحرب، بوجود اتحاد فاعل لصناعة الألمنيوم لعب دوراً مهماً في ضبط المهنة وحماية العاملين فيها. وأعرب عن أمله بأن تنضم الضفة الغربية لهذا الإطار النقابي، وأن تصبح جزءاً منه لتطوير المهنة وتنظيم السوق ورفع كفاءة العاملين.

وختم حسونة حديثه بالتأكيد على أن صناعة الألمنيوم قطاع حيّ ومتجدد، والاستثمار فيه مربح على المدى المتوسط والطويل، شرط الالتزام بالجودة والإبداع والصدق مع الزبائن، إضافة إلى أهمية وجود مؤسسات مهنية قادرة على تنظيم هذا القطاع الحيوي ودعم تطوره.