سوريا: اشتباكات عنيفة بين "الحرس الوطني" وقوات الأمن في السويداء
اندلعت مواجهات عنيفة، ليل الخميس - الجمعة في السويداء، بين مجموعات ما يُعرف بـ"الحرس الوطني" المُشكّلة حديثاً من قبل الشيخ حكمت الهجري، أحد مشايخ طائفة الموحدين الدروز في سورية، من جهة، وقوات الحكومة السورية ممثلة بجهاز الأمن العام من جهة أخرى.
واندلعت الاشتباكات على عدة محاور في ريف السويداء الغربي، شملت المجدل، والنقل، وتل حديد، والثعلة، ونجران، وعرى، وعتيل، وسليم، وأسفرت عن سقوط جرحى في صفوف قوات الأمن، بالإضافة إلى قتلى وجرحى من "الحرس الوطني"، وسط استمرار التوتر وإرسال تعزيزات عسكرية من الطرفين، وفق ما أفادت مصادر مُطّلعة "العربي الجديد".
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" عن مصدر أمني أن "مجموعات خارجة عن القانون" قصفت بلدات في ريف السويداء، منها ولغا وتل الأقرع وتل حديد والمزرعة، مستخدمة قذائف هاون ورشاشات ثقيلة.
واتهمت قيادة الأمن الداخلي في السويداء ما وصفته بـ"العصابات المتمردة" بخرق اتفاق وقف إطلاق النار لليوم الثالث على التوالي، وقصف مواقع لقوات النظام في ريف المحافظة، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف قوى الأمن، وفق ما نقلته قناة "الإخبارية السورية" الرسمية.
وقالت القيادة إن المسؤولية عن التصعيد تتحملها تلك "العصابات" والجهات التي تسعى لزعزعة الاستقرار في السويداء، مؤكدة أن قوى الأمن الداخلي أحبطت محاولات تقدم نفذتها المجموعات المسلحة على عدة محاور.
ويأتي هذا التصعيد في سياق المواجهات المتواصلة بين "الحرس الوطني"، التابع للشيخ حكمت الهجري، وقوات الحكومة السورية في مناطق متفرقة من ريف السويداء.
وأعلنت حركة "رجال الكرامة"، المنضوية ضمن تشكيل "الحرس الوطني" في السويداء، أنها دفعت بتعزيزات عسكرية تابعة لـ"لواء الباشا 104" إلى بلدة المجدل ومحاور ريف السويداء الغربي، في أعقاب ما وصفته بـ"اعتداءات غادرة" نفذتها مجموعات مسلحة تابعة لجهاز الأمن العام السوري.
وقالت الحركة عبر معرفاتها الرسمية إن الهجمات استُخدمت فيها طائرات مسيّرة ورشاشات ثقيلة، واستهدفت مواقع مدنية، في استمرار للتصعيد بين قوات الأمن السوري وتشكيلات "الحرس الوطني" التابعة للشيخ حكمت الهجري.
من جهته، اتهم محافظ السويداء، مصطفى البكور، فصائل مسلحة بـ"محاولة زعزعة الأمن والاستقرار" في ريف المحافظة الغربي والشمالي، وذلك عقب اشتباكات عنيفة شهدتها المنطقة خلال الأيام الأخيرة.
وقال البكور، في منشور عبر "تلغرام"، إن "بعض الفصائل المسلحة غير المنضبطة اعتدت على نقاط فضّ النزاع وقوى الأمن الداخلي"، معتبراً أن هذه الأفعال "تعكس مصالح ضيقة ونزعة إلى الفوضى والنهب، ولا تعبّر عن قيم أهالي السويداء".
ودعا الأهالي إلى الوقوف بوجه هذه "الممارسات الخطيرة"، مؤكداً أن "الأمن والاستقرار مسؤولية جماعية، وحماية المجتمع واجب على كل فرد شريف"، وأضاف: "كفاكم تلاعباً واستغلالاً، فالوطن أكبر من أوهامكم، وأهل السويداء أسمى من أن يُخدعوا بمشاريعكم الهدّامة".
وصرّح مدير مديرية الأمن في مدينة السويداء، سليمان عبد الباقي، أن مجموعات وصفها بـ"العصابات وميليشيات الحرس اللاوطني" تواصل، لليوم الثالث، خرق وقف إطلاق النار واستهداف مواقع قوى الأمن الداخلي في المحافظة.
وأوضح عبد الباقي، في منشور عبر "فيسبوك"، أن "التعليمات من قيادة الأمن الداخلي حاسمة، وتقتضي الرد فقط على مصادر النيران، بعد التثبيت والتوثيق الكامل للخرق"، داعياً المدنيين و"الفصائل الشريفة" إلى عدم الانجرار خلف ما وصفه بـ"الشائعات والأكاذيب" حول استهداف الأمن للمدنيين، مؤكداً أن "هذه الأخبار كاذبة، والأمن على إطلاع دائم بأي نقطة يحصل فيها اشتباك".
وشدّد على أن قوى الأمن الداخلي تحرص على حماية المدنيين وتجنب التصعيد، وأضاف: "لا ضامن لنا ولكم غير الدولة السورية في بسط الأمن والاستقرار في المحافظة"، محذراً من الفتنة ومخاطر الانجرار إلى العنف، واختتم بالقول: "الدم لا يجر إلا الدم، والفتنة أشد من القتل، وأيدينا ممدودة للشرفاء".
وتواصلت الاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء بين قوى الأمن الداخلي ومجموعات مسلحة محلية منضوية ضمن ما يُعرف بـ"الحرس الوطني"، في ظل تصاعد التوترات الأمنية بالمنطقة.
وكانت اشتباكات مماثلة قد اندلعت السبت الماضي، وأسفرت، بحسب مصادر "العربي الجديد"، عن مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي وإصابة آخرين، وذلك بعد مواجهات مع مجموعات تابعة لـ"الحرس الوطني".
وتصاعدت حدة المواجهات خلال الأسابيع الأخيرة، على خلفية التوترات المتزايدة منذ الاشتباكات الدامية التي شهدتها المحافظة في تموز/ يوليو الماضي، والتي خلّفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
وتشهد السويداء حالة من الفراغ الأمني والسياسي منذ سقوط النظام السوري السابق أواخر العام الماضي، ما فاقم من حدّة الصراع بين الأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة المحلية، وسط غياب واضح للحلول السياسية والأمنية.