جباليا المدمّرة.. عودة فوق الركام بحثا عن الحياة

2025-11-02 13:01:40

جباليا، شمال قطاع غزة، بعد أشهر من الدمار الواسع، عاد عدد محدود من سكّان مخيّم جباليا إلى ما تبقّى من منازلهم، لكنّ واقع العودة يواكبه معاناة يومية قاسية: بيوتٌ مهدّمة، شبكات مياه مقطوعة، أسواق معطّلة، ومساعدات إنسانية لا تصل إلى معظم العائلات.

في لقاء ميداني مع أحد العائدين إلى المخيّم، عصام غنام "أبو هيثم"، وصف المشهد قائلاً إنّ «الواقع على الأرض مختلف تماماً عن الصور الجوية» وإنّ الأزقّة والأحياء التي اعتاد عليها اختفت وتحولت إلى أكوام ركام.

وأشار إلى أنّه يمتلك ثلاثة منازل، أحدها «معدوم كلياً» والباقي قائم «بشكل شبه متهدّم» ويعيش في غرفة واحدة محاطة بأعمدة وزُرعت حولها شُوادر خشبية مؤقتة.

وأضاف أن نحو «98%» من المنازل في بعض أحياء الشمال متضرّرة، و«لا شيء قائم» في كثير من المناطق.

ماءٌ على مسافات طويلة

تحدّث غنام عبر شبكة رايـــة الإعلامية عن أزمة الماء: «أول مرة في حياتي أحمل جرتين ماء — أمشي كيلو أو أكثر وأقف بالدور»، مشيراً إلى أنّ شريان الحياة مفقود وأنّ السكان يقطعون مسافات طويلة للحصول على جرّات مياه.

وأضاف أنّ البدائل المؤقتة هي خيام أو شُوادر لا تحمي من برد الشتاء، وأنّ موسم الشتاء المقبل يثير قلق الأهالي.

انعدام الأسواق والخدمات

سوق جباليا، الذي كان من أكبر أسواق القطاع، شبه متوقّف؛ الباعة نادرون والأسواق المنتظمة لم تعد قائمة، ما يدفع السكان إلى التنقّل إلى مناطق بعيدة للحصول على حاجاتهم. المواصلات شحيحة للغاية، والطرقات الداخليّة لا تزال مغلقة أو غير آمنة، بحسب إفادات السكان.

تعطيل المساعدات وتوقّف التوزيع

وذكر غنام أن «لا جهة توزّع مساعدات منظّمة على الأهالي حتى الآن»، مشيراً إلى بيان مشترك صادر عن نحو أربعين منظمة إنسانية أكد أن دخول المساعدات مقنّن أو ممنوع من قبل السلطات الإسرائيلية.

وقال إنّ ما يصل لبعض العائلات «كارتونة أو دفعة صغيرة» ليس إلا استثناءً نادراً.

نداءات لإدخال آليات وفتح ممرّات

السكان والبلديات ولجان الطوارئ يكررون نداءاتهم لإدخال آليات ثقيلة لرفع الأنقاض، وإيصال مياه صالحة، وإعادة تأهيل البنية التحتية للمخيمات، إضافةً إلى إنشاء مخيّمات إيواء منظمة بديلة لعشرات الآلاف من النازحين.

اللافت أن تنظيم عمليات إزالة الركام وتنظيف الشوارع المركزية بدأ بشكل محدود جداً، بينما الغالبية العظمى من الأحياء لا تزال بلا أي تدخل منهجي.

طلب إنساني

يبيّن تقرير الحالة في مخيّم جباليا أنّ العودة إلى المنازل ليست عودة إلى «حياة طبيعية» بل بمجرد البقاء المؤقّت وسط مخاطر بنيوية (انهيار سقوف، انقطاع مياه، برد قارس، نقص غذاء) — ما يحوّل الحاجة إلى تدخل إنساني فوري ومنهجي إلى أولوية لا تحتمل التأجيل.

المطالَبات الميدانية تشمل: فتح معابر إنسانية منتظمة، إدخال كميات كافية من المياه ومستلزمات الإيواء والشتاء، إرسال آليات رفع أنقاض ومعدات إنقاذ، وتنظيم توزيع موحّد وشفّاف للمساعدات وصولاً إلى الأسر الأكثر هشاشة في جباليا وباقي شمال القطاع.