خاص| ما سبب فورة سوق الفوركس عالمياً في 2025؟

2025-11-02 00:44:57

خاص - راية

في حلقة جديدة من برنامج "نبض الاقتصاد" عبر إذاعة "راية"، تحدث الخبير المالي وعضو مجلس إدارة شركة "ويندسور بروكرز" ومفوضها في فلسطين، إياد أبو ميزر، عن الطفرة غير المسبوقة في حجم تداولات سوق الفوركس العالمي خلال عام 2025، موضحًا أسباب هذه الفورة وانعكاساتها على الأسواق الدولية، وطبيعة العلاقة بين المخاطر السياسية وحركة العملات والمعادن الثمينة.

ارتفاع قياسي في حجم التداولات

قال أبو ميزر إن سوق الفوركس شهد خلال العام الجاري قفزات كبيرة في حجم التداول اليومي، إذ ارتفع من نحو 6 تريليونات إلى أكثر من 10 تريليونات دولار في بعض الأيام، وخصوصًا في سبتمبر الماضي.

وأوضح أن هذا النمو في حجم التداول يعد مؤشرًا إيجابيًا على ارتفاع كفاءة السوق وزيادة السيولة، مشيرًا إلى أن “وجود هذا الحجم من التداول يعني أن هناك توازناً بين المشترين والبائعين، وأن الأسعار تعكس الواقع الاقتصادي والسياسي العالمي بشكل أكثر دقة”.

وأضاف أن زيادة السيولة تمنح الأسواق قدرة أكبر على امتصاص الصدمات، وتجعل الأسعار أكثر شفافية وعدالة، لأنها تتأثر بتوقعات المستثمرين واستجابتهم الفورية للأحداث.

السياسة والاقتصاد وجهان لتذبذب السوق

وربط أبو ميزر بين الارتفاع المفاجئ في التداولات وبين تصاعد التوترات السياسية والتجارية حول العالم، لا سيما بين الولايات المتحدة والصين، حيث أدت السياسات الجمركية والرسوم التي فرضتها إدارة ترامب إلى خلق تقلبات حادة في الأسواق.

وأوضح أن الاقتصاد الأمريكي لم يعد يعتمد على الصناعة التقليدية، بل أصبح اقتصاد خدمات وتكنولوجيا، وأن كثيرًا من شركاته الكبرى تعمل خارج الأراضي الأمريكية، ما يجعل تقلبات الدولار والسياسات التجارية مؤثرة بشكل مباشر على أرباحها.

وأشار إلى أن الصين لعبت دورًا مزدوجًا في الاقتصاد العالمي؛ فمن جهة ساهمت في خفض التضخم العالمي بفضل انخفاض تكاليف الإنتاج، ومن جهة أخرى أغرقت الأسواق بالسلع الرخيصة، ما تسبب في ضغط على الصناعات المحلية في العديد من الدول.

هل ينهار الدولار؟

وحول المخاوف التي تثار بين الحين والآخر بشأن انهيار الدولار الأمريكي، شدد أبو ميزر على أن هذه التوقعات “مبالغ فيها وغير واقعية”، موضحًا أن قوة الدولار تأتي من ثقة العالم في الاقتصاد الأمريكي، وليس من تغطيته بالذهب كما كان الحال قبل سبعينيات القرن الماضي.

وقال: “الدولار ما زال العملة الأساسية التي تُسعّر بها معظم السلع العالمية، مثل النفط والذهب، وتحتفظ به البنوك المركزية كاحتياطي استراتيجي”، مشيرًا إلى أن حتى الصين واليابان تمتلكان ترليونات الدولارات من السندات الأمريكية، وهو ما يجعل استقرار الدولار مصلحة مشتركة بين الجميع.

الذهب والعملات الرقمية: تحولات في أدوات الأمان

تطرّق أبو ميزر إلى ارتفاع أسعار الذهب والفضة خلال 2025، موضحًا أن الذهب لا يزال يُنظر إليه كمخزن آمن للقيمة في فترات عدم اليقين، وأن ارتفاعه الأخير يرتبط بشكل مباشر بالحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وليس بانهيار العملات.

أما بشأن العملات الرقمية، فقال إن العملات المدعومة من البنوك المركزية (CBDC) مثل اليورو الرقمي أو الدولار الرقمي، “لن تغيّر جوهر النظام المالي العالمي”، لأنها تمثل استبدالاً للنقد الورقي بالرقمي، مع تعزيز قدرة الدول على مراقبة التدفقات المالية ومحاربة غسل الأموال.

إدارة المخاطر والتداول الواعي

أوضح أبو ميزر أن شركته تولي أهمية كبيرة لتوعية المتداولين، إذ تعقد دورات تدريبية أسبوعية لتثقيف العملاء حول إدارة المخاطر والتعامل مع الرافعة المالية، مشيرًا إلى أن "الرافعة المالية العالية مغرية ولكنها سلاح ذو حدين، إذ تضاعف الأرباح كما تضاعف الخسائر".

وأضاف أن شركة "ويندسور بروكرز" في فلسطين تتيح لعملائها فتح حسابات تجريبية (Demo) للتدريب قبل الدخول في السوق الحقيقي، وتقدّم تقارير يومية عن تحركات الأسواق والأحداث الاقتصادية المؤثرة.

كما نبّه إلى ضرورة التعامل فقط مع الشركات المرخّصة رسميًا من هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، مؤكدًا أن الشركات القانونية في فلسطين (عددها ثلاث فقط) تخضع لمراقبة لحظية من الهيئة، وتلتزم برؤوس أموال وكفالات مالية عالية لحماية المستثمرين.

وحذر من المكاتب غير المرخصة التي تعمل في الظل وتستغل جهل بعض المتداولين من خلال وعود زائفة بالربح السريع.

الفوركس في فلسطين: بين الرقابة والمخاطر

وأشاد أبو ميزر بالتطور الكبير في القوانين الرقابية الفلسطينية المتعلقة بتداول العملات، مؤكدًا أن قانون هيئة سوق رأس المال الأخير يُعد “من أكثر التشريعات تطورًا في المنطقة”، لما يوفره من حماية للعملاء وتنظيم للقطاع المالي.

وأشار إلى أن حسابات المتداولين في فلسطين تبقى داخل النظام المحلي ويمكن سحب الأموال في غضون ساعات، مما يعزز الثقة ويضمن الشفافية.

ويرى إياد أبو ميزر أن فورة سوق الفوركس العالمية في 2025 ليست فقاعة مؤقتة، بل نتيجة طبيعية لتقاطع السيولة العالية والمخاطر الجيوسياسية والتطور التكنولوجي في التداول المالي.

ويؤكد أن مستقبل السوق سيكون أكثر رقمنة وشفافية، لكن النجاح فيه سيتوقف على وعي المتداولين وقدرتهم على إدارة المخاطر والالتزام بالتنظيمات الرسمية.