المقاطعة الأكاديمية للكيان الصهيوني في تصاعد غير مسبوق
نشرت صحيفة هآرتص الصهيونية، عبر موقعها الاقتصادي TheMarker، تقريرًا مطوّلًا بعنوان:
«أكثر من ألف مقاطعة أكاديمية ضد إسرائيل: نحن في أسوأ وضع منذ عامين»،
كشفت فيه عن تدهور غير مسبوق في مكانة البحث العلمي الإسرائيلي على خلفية تصاعد موجة المقاطعة الأكاديمية عالميًا.
اولا. موجة مقاطعة غير مسبوقة:
وفق التقرير، تجاوز عدد حالات المقاطعة الأكاديمية ضد باحثين ومؤسسات إسرائيلية ألف حالة خلال العامين الماضيين، في حين ارتفع المعدّل السنوي بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام السابق.
المقاطعة لم تعد محصورة في بعض الجامعات الغربية، بل تحوّلت إلى ظاهرة عالمية تمتد عبر أوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية.
ثانيا. التوزيع الجغرافي للمقاطعات:
شهدت أوروبا أعلى معدّلات الرفض، بزيادة بلغت 125% بين عامي 2024 و2025:
• إسبانيا: 45 حالة موثقة.
• بريطانيا وهولندا: 40 حالة لكل منهما.
• إيطاليا وكندا: 20 حالة.
وفي المقابل، تراجع التفاعل الأمريكي العلني مع المقاطعة رغم بقاء التوتر داخل الأوساط الأكاديمية.
ثالثا. أشكال المقاطعة:
أوضحت الصحيفة أنّ المقاطعة تتخذ أشكالًا متنوّعة:
• رفض التعاون البحثي وإلغاء المشاريع المشتركة.
• إلغاء المؤتمرات والمحاضرات التي تضم باحثين إسرائيليين.
• استبعاد الأبحاث من المجلات الأكاديمية بسبب الانتماء المؤسسي.
• منع تبادل الطلاب والإشراف المشترك.
كما أصدرت بعض الجامعات الأوروبية قرارات صريحة بمنع أي تعاون مع مؤسسات إسرائيلية ذات صلة بالجيش أو بالحكومة.
رابعا. الموقف الأوروبي:
تصدّرت جامعة أمستردام قائمة الجامعات الرافضة للتعاون مع مؤسسات إسرائيلية متورطة في “انتهاكات حقوق الإنسان”، بينما تبنّت جامعات بريستول وبولونيا مواقف مماثلة.
وتضيف الصحيفة أنّ عددًا من الجامعات الأوروبية يمارس ما تسميه “المقاطعة الصامتة” دون إعلان رسمي، لكنها تتجنّب أي تعاون بحثي أو أكاديمي مع إسرائيل.
خامسا. اعتراف بالأزمة داخل إسرائيل:
رئيس جامعة تل أبيب، أريئيل بورات، قال في تصريح صريح:
“نحن في أسوأ وضع منذ عامين، والحكومة لا تقوم بأي خطوة حقيقية.”
في حين حذّر باحثون من أنّ المنظومة البحثية الإسرائيلية على وشك الانهيار، معتبرين أنّ العلم أصبح “أصلًا استراتيجيًا للدولة يواجه خطر الزوال بسبب العزلة الدولية”.
سادسا. خسائر ملموسة:
• خسارة إسرائيل فرصًا تمويلية كبرى ضمن برنامج Horizon Europe الأوروبي بقيمة 95 مليار يورو.
• تراجع المشاركة في المشاريع العلمية المشتركة.
• انخفاض تصنيف الجامعات الإسرائيلية في المؤشرات الدولية.
• انكماش شبكات التبادل الأكاديمي مع المؤسسات الأجنبية.
سابعا. أمثلة حديثة:
شهد عام 2025 عشرات الحالات الجديدة، من بينها:
• أكثر من 69 حادثة مقاطعة في بريطانيا وألمانيا.
• تضاعف الحوادث في هولندا خلال عام واحد.
• إعلان جامعة أمستردام رسميًا في أكتوبر 2025 إنهاء التعاون مع الجامعات الإسرائيلية.
ثامنا. تحذيرات وانتقادات حادة:
تؤكد الصحيفة أنّ الأكاديميين الإسرائيليين يعيشون “عزلة متزايدة تهدد الأمن العلمي للدولة كما تهدد سمعتها الأخلاقية”.
ويضيف بعض الخبراء:
“المقاطعة لم تعد مجرد احتجاج، بل أصبحت سياسة مؤسساتية راسخة في الجامعات الأوروبية.”
تاسعا. غياب حكومي كامل:
وجّه المقال انتقادًا مباشرًا للحكومة الإسرائيلية التي لم تقدّم أي خطة لمواجهة الأزمة، بينما تلتزم وزارتا الخارجية والتعليم العالي الصمت التام.
ويقول الباحثون إن الحكومة “تخلّت عن البحث العلمي كما تخلّت عن صورتها الأخلاقية في العالم”.
- خلاصة التقرير:
خلصت هآرتص إلى أنّ إسرائيل تواجه أوسع عزلة أكاديمية في تاريخها، وأن المقاطعة باتت تمسّ جوهر المؤسسة العلمية الإسرائيلية، بعد أن تجاوزت البعد السياسي.
فالجامعات الأوروبية، كما تقول الصحيفة، تعيد تعريف شراكاتها وفق معيار أخلاقي جديد، فيما “تفقد إسرائيل مكانتها بسرعة غير مسبوقة”.
- المقاطعة الأكاديمية كضمير عالمي ينتصر لفلسطين:
تكشف موجة المقاطعة الأكاديمية الأخيرة عن تحوّل عميق في الوعي الإنساني العالمي، إذ لم تعد الجامعات الغربية مجرّد مؤسسات علمية معزولة عن الأخلاق، بل باتت جزءًا من حركة ضميرٍ عالمي يرفض أن تُستخدم المعرفة لتبرير الإبادة.
فمنذ طوفان الأقصى، لم تعد فلسطين مجرد قضية سياسية، بل اختبارًا أخلاقيًا للإنسانية الحديثة، يميّز بين العلم الذي يخدم الحياة والعلم الذي يُسخّر للقتل والهيمنة.
إنّ اتساع المقاطعة من مدريد إلى أمستردام، ومن أكسفورد إلى بولونيا، يعني أن الأكاديميا لم تعد تخضع لابتزاز “اللوبيات الصهيونية”، بل استعادت حريتها في تسمية الأشياء بأسمائها: الاحتلال احتلال، والمجازر مجازر.
وهكذا تتكرّر في الوعي العالمي "متوالية الطوفان" — من الصدمة إلى الإدراك، ومن الإدراك إلى الموقف — لتعلن أن الضمير الأكاديمي الحر بات يقف اليوم إلى جانب الشعب الفلسطيني في معركته من أجل الكرامة والعدالة والمعرفة الإنسانية المتحرّرة من العنف والاستعمار.