خاص| إسرائيل ترفض دخول فريق تركي إلى غزة: مخاوف سياسية تتغلب على الدوافع الإنسانية

2025-10-27 11:01:37

في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة الكوارث والطوارئ التركية عن تشكيل فريق من 81 عضوًا للدخول إلى قطاع غزة للمساعدة في عمليات البحث عن جثامين الشهداء وجثث القتلى الإسرائيليين، برز رفضٌ إسرائيليٌّ واضح لأي دور تركي في القطاع، حتى على المستوى الإنساني.

قال الدكتور مأمون أبو عامر، الكاتب والباحث السياسي، في حديث خاص لــ«رايـــة»، إن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة تركيا في أي نشاط داخل قطاع غزة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، "ينبع من حالة التوتر القائمة بين الجانبين في عدة ساحات متداخلة".

وأوضح أن هذا التوتر "برز في ذروته في موضوع غزة"، مشيرًا إلى أن الخطاب السياسي التركي ارتفع بشكل واضح، وتضمّن اتهامات صريحة لإسرائيل بارتكاب الإبادة، إلى جانب رفض أنقرة إدانة حركة حماس، وهو ما فاقم الأزمة بين الطرفين.

وأضاف أبو عامر أن الساحة السورية تمثل جانبًا آخر من الصدام غير المعلن بين تركيا وإسرائيل، إذ "تحاول تل أبيب أن تلعب دورًا واسعًا في الملف السوري، وهو ما تعتبره أنقرة تهديدًا لأمنها القومي"، مؤكدًا أن "هناك إجماعًا قوميًا تركيًا على حماية الحدود الجنوبية، ما يجعل أي مواجهة مع إسرائيل في هذا الملف مسألة أمن وطني".

وتابع أن "الأزمة بين الطرفين تمتد إلى المجال الاقتصادي أيضًا، حيث برزت مؤشرات على مقاطعة اقتصادية متبادلة"، مشيرًا إلى أن هذا التوتر "يتزامن مع دور تركي مهم لعبته أنقرة في الوصول إلى اتفاقات التهدئة الأخيرة وخطة الرئيس الأميركي السابقة، التي قبلت بها حركة حماس".

وأشار الباحث السياسي إلى أن إسرائيل ترى في الموقف التركي الرافض للسياسات الإسرائيلية في غزة "مسألة إهانة وطنية"، خصوصًا مع تصاعد الخطاب التركي الذي شحن الشارع الإسرائيلي ضد أنقرة، مضيفًا أن "الخطاب السياسي في إسرائيل – سواء في المعارضة أو الحكومة – أصبح يعتبر مواجهة تركيا ضرورة لإثبات الوطنية".

وقال أبو عامر إن "القيادة الإسرائيلية تنظر إلى أي حضور تركي في المشهد الفلسطيني كأنه انتصار لحركة حماس، وهو ما يفسر رفضها القاطع لمشاركة تركيا في عمليات إنسانية داخل القطاع"، خصوصًا أن أنقرة تتخذ موقفًا إيجابيًا من الحركة، وتستضيف بعض قياداتها.

وفيما يتعلّق باتهامات تل أبيب بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قريب من حماس، أوضح أبو عامر أن "تركيا تتعامل مع جميع الأطراف الفلسطينية على نحو متوازن"، مضيفًا أن أنقرة تعترف رسميًا بالسلطة الفلسطينية بوصفها العنوان السياسي، بينما "تتعامل مع حركة حماس باعتبارها فصيلًا سياسيًا فاز في الانتخابات الفلسطينية، وليس ككيان رسمي".

وبيّن أن تركيا "تحافظ على البروتوكولات الدبلوماسية الرسمية، حيث يجري استقبال المسؤولين الفلسطينيين ضمن الأطر الرسمية للسلطة، بينما يتم استقبال قادة حماس بطريقة غير رسمية، دون طابع بروتوكولي"، مشددًا على أن ذلك "يعكس التزام أنقرة بالقواعد الدولية في التعامل الدبلوماسي".

وأكد أبو عامر أن تركيا "لا تنحاز لأي طرف فلسطيني، بل ترحّب بجميع القوى الفلسطينية وتتعامل معها ضمن المعايير الرسمية"، موضحًا أن وجود بعض القوى الفلسطينية في تركيا هو وجود شعبي وسياسي فقط، وليس عسكريًا أو أمنيًا، حيث لا يُسمح بأي نشاط من هذا النوع داخل الأراضي التركية لأي جهة كانت.

وختم الباحث السياسي حديثه بالتأكيد على أن هذا الانفتاح التركي تجاه الفلسطينيين "يزعج إسرائيل التي ترى فيه مساحة دعم لحركة حماس وللموقف الفلسطيني عمومًا"، مشيرًا إلى أن أنقرة "تتعاطى مع الملف الفلسطيني من منطلق إنساني وسياسي متوازن، لكنها لا تتدخل عسكريًا أو أمنيًا في شؤون القطاع".