جدل عالمي يعيد ملف التبغ إلى الواجهة قبيل مؤتمر الأطراف (COP11)

2025-10-26 15:19:05

عاد ملف مكافحة التبغ إلى صدارة النقاش الصحي الدولي خلال الأسابيع الأخيرة، بعد ظهور قضيتين أثارتا اهتمام الخبراء والجمهور. الأولى تمثلت في تصريحات الدكتورة رينا روا، المديرة العامة للصحة بوزارة الصحة البنمية (MINSA)، حيث أعربت عن شكوكها العلنية حول مدى استقلالية إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في تقييم منتجات النيكوتين البديلة.

وفي الوقت نفسه، ركّزت الجهات الصحية الأمريكية على المخاطر الأساسية للتدخين التقليدي، مؤكدة أن السجائر التقليدية تمثل الخطر الأكبر على الصحة العامة، وهو ما يظل محور الاهتمام المستمر في السياسات الصحية المرتبطة بالتبغ.

تكتسب هذه التطورات أهمية متزايدة مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأطراف الحادي عشر (COP11) في جنيف نوفمبر المقبل، الذي سيجمع خبراء من مختلف دول العالم ويُنظر إليه كفرصة لإعادة تقييم السياسات الصحية المتعلقة بالتبغ.

ويأتي المؤتمر في وقت تتباين فيه السياسات الدولية حول التدخين والنيكوتين، حيث تتبنى بعض الدول نهجًا صارمًا يقوم على الحظر والتشدد، بينما تركز هيئات علمية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على تقليل المخاطر من خلال توفير بدائل أقل خطورة للمدخنين البالغين. هذا الاختلاف يعكس الانقسام العالمي في مقاربات الحد من التدخين وإدارة استخدام النيكوتين.

في مذكرة رسمية صدرت بتاريخ 8 يوليو 2025، صرّحت الدكتورة رينا روا: "لا يوجد توافق علمي مستقل بعيدًا عن صناعة التبغ يثبت أن هذه المنتجات أقل خطورة بشكل كبير." أثارت هذه التصريحات ردود فعل واسعة، حيث اعتبر بعض الخبراء أنها تقلل من قيمة الجهود التنظيمية التي تبذلها مؤسسات مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، إحدى أكثر الهيئات العلمية احترامًا على مستوى العالم.

من جانبه، ركّز وزير الصحة الأمريكي روبرت كينيدي جونيور على المخاطر الأساسية للتدخين التقليدي، مؤكدًا: "أكياس النيكوتين ربما تمثل الطريقة الأقل خطورة لاستهلاك النيكوتين، تليها السجائر الإلكترونية. ما نريد فعليًا الابتعاد عنه هو التدخين التقليدي، إذ يكلف دخان السجائر التقليدية بلادنا نحو 640 مليار دولار سنويًا في نفقات الرعاية الصحية."

وأضاف كينيدي: "إضافة إلى ذلك، فإن رفض الاعتراف بالكم المتزايد من الأدلة العلمية التي تثبت أن منتجات النيكوتين غير القابلة للاحتراق أقل خطورة بكثير من التدخين السلبي يشكل خطأً علميًا جسيمًا. ادعاء الدكتورة رينا روا بعدم وجود توافق علمي مستقل حول سلامة هذه المنتجات لا يعكس الواقع، فهناك إجماع عالمي واسع يدعم فعالية البدائل الأقل خطورة، يمتد عبر القارات والأيديولوجيات والتقاليد الصحية المختلفة."

وفي المقابل، علق الخبير مارتن كوليب قائلاً: "هذا النقد غير معتاد ولا يستند إلى أساس علمي قوي، ويستهدف واحدة من أكثر المؤسسات التنظيمية احترامًا عالميًا، كما يُعد، من ناحية غير مباشرة، إشارة سلبية للولايات المتحدة." وأشار الخبراء إلى أن التشكيك في مصداقية هيئات علمية مرموقة يضر بجهود الصحة العامة العالمية، ويخلق حالة من البلبلة تقلل من الثقة في السياسات الصحية الدولية.

تاريخيًا، أثنت المؤسسات الصحية الدولية على تنظيم FDA لمنتجات النيكوتين، إلا أن موقف بعض الأطراف تغير بعد خلافات مرتبطة بالتمويل، ما سلط الضوء على أهمية احترام نزاهة الهيئات العلمية عند وضع السياسات الصحية العالمية. ويشير الخبراء إلى أن الهجوم على FDA لا يقلل فقط من الجهود المبذولة، بل يتعارض مع التوافق المتزايد بين العلماء حول فعالية استراتيجيات تقليل المخاطر.

ومع اقتراب مؤتمر COP11، تتزايد الضغوط على صانعي القرار للتوصل إلى سياسات متوازنة تحمي الصحة العامة وتحافظ على مصداقية القرارات الدولية.

ويؤكد الخبراء على أهمية توضيح الحقائق العلمية وتقديم الأدلة المتاحة لضمان أن تكون القرارات القادمة قائمة على المعرفة الواقعية، مع الحد من أي لبس حول دور النيكوتين في الصحة العامة، بما يعزز الثقة في السياسات الصحية الدولية ويحد من الالتباس بين المتخصصين والجمهور.