“منبوذة من الجميع”.. خلية تتعاون مع الاحتلال تُثير مخاوف أمنية وتُواجه بحزم في غزة
فتح مقتل المواطن الصحفي صالح الجعفراوي الباب أمام سلسلة من التساؤلات والمخاوف الأمنية في قطاع غزة، بعد الكشف عن وجود جيوب مسلحة تعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلي في بعض المناطق التي انسحب منها مؤخرًا.
في حديث خاص لــ"رايــة"، قال الصحفي محمد أبو قمر، رئيس تحرير وكالة الصحافة الفلسطينية، إن ما جرى في تل الهوا جنوب مدينة غزة يمثل حالة نادرة لكنها خطيرة، تم التعامل معها أمنيًا وعشائريًا حتى تمت السيطرة عليها.
وأضاف أبو قمر إن مقتل صالح الجعفراوي يفتح الباب أمام جملة من التساؤلات الأمنية في غزة، مؤكدًا أن “رحمة الله على صالح وعلى كل الشهداء، فما زالت هناك جيوب تعمل لصالح الاحتلال، لا سيما في المناطق التي كان يسيطر عليها الاحتلال مؤخرًا وبعض المناطق التي تمركز فيها قبل انسحابه، خشية الملاحقة”.
وأوضح أن ما جرى أمس هو “نقطة من هذه النقاط”، مشيرًا إلى أن فئة محدودة من الشبان، يُعتقد أنهم من عائلة دغمش، تعاملوا مع الاحتلال وشكّلوا عصابة مسلحة في المنطقة الجنوبية لمدينة غزة، وتحديدًا في حييّ تل الهوا والصبرة.
وأضاف أن “بعض المواطنين حاولوا منذ يوم الجمعة العودة إلى مناطقهم لتفقد منازلهم بعد انسحاب الجيش من محور نتسريم، لكنهم فوجئوا بتمركز هذه المجموعة المسلحة في أماكن سكنهم، وبدأت بإطلاق النار على الشبان الذين تفقدوا منازلهم، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم بعد أن نُصب لهم فخّ محكم”.
وأشار إلى أن العناصر المسلحة تمركزت في محيط المستشفى الميداني الأردني، “وكل من حاول الوصول إلى منزله كان يُستجوب ثم يُطلق عليه النار، ما أسفر عن وقوع شهداء وإصابات”.
وبيّن أبو قمر أن وزارة الداخلية أعلنت لاحقًا عن محاصرة المجموعة والتعامل معها ميدانيًا، مضيفًا أن “المعطيات تشير إلى أن العملية انتهت بالسيطرة الكاملة على الموقع، فيما سلّم من تبقى نفسه للأجهزة الأمنية”.
وقال إن هذه العناصر “كانت في السابق تتحرك تحت غطاء ناري من الاحتلال، سواء عبر المسيرات أو القذائف المدفعية التي كانت تحميهم، كما حدث في خانيونس قبل أسبوعين، لكن بعد وقف إطلاق النار انتهى هذا الغطاء، ما سهّل على الأجهزة الأمنية التعامل معهم، رغم الثمن الباهظ الذي تمثل بسقوط شهداء وجرحى”.
وأكد أن بعض العناصر المتعاونة لا تزال متواجدة في مناطق أخرى شمال قطاع غزة، لا سيما قرب المستشفى الإندونيسي وفي شرق خانيونس، لكون الاحتلال لا يزال قريبًا من تلك المناطق، لكنه شدّد على أن “كل هذه الظواهر ستنتهي مع استكمال انسحاب الجيش، لأنها مرفوضة شعبيًا ولا تمتلك أي رصيد على الأرض”.
وتابع أبو قمر أن الأجهزة الأمنية في غزة كانت “مشلولة الحركة خلال الحرب بسبب كثافة النيران، لكنها اليوم قادرة على التحرك بحرية أكبر، فضلًا عن أن البنية العشائرية المتماسكة للمجتمع الغزي تلعب دورًا مهمًا في مواجهة مثل هذه الظواهر”.
وأضاف: “حتى داخل العائلات نفسها هناك من يرفض هذه الممارسات، وقد صدرت بيانات من وجهاء عشائر تؤكد رفضها القاطع لأي تعاون مع الاحتلال”.
واعتبر أن “كل من يرتبط اسمه بالاحتلال يصبح منبوذًا داخل المجتمع الغزي، وهذه العصابات المسلحة التي تتعاون معه لا حاضنة شعبية لها”.
وختم أبو قمر حديثه لراية بالقول: “في حال استمرار الهدوء، سنشهد تطهيرًا تدريجيًا لمثل هذه العناصر في مختلف مناطق القطاع، فظاهرة تل الهوا بدأت الجمعة وانتهت الأحد، ما يؤكد أن السيطرة عليها ممكنة وسريعة لأنها مرفوضة من الجميع”.