التجارة الحرة.. العولمة.. الموقع الاقتصادي العالمي للولايات المتحدة ولعالم الجنوب إلى أين؟

جورج كرزم
اعتادت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون، خلال عشرات السنوات الأخيرة، فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية ضد الدول "المتمردة" على مشاريعها ومصالحها، فنجحت أحيانا وفشلت أحيانا أخرى. لكن، إثر صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، قرر الأخير استخدام ورقة بديلة عن العقوبات، نظرا لاستنفاذ الرهان على العقوبات التي يمكنها إسقاط دول. في الحالة الروسية تحديدا، مؤثرات العقوبات المفروضة على روسيا فشلت إلى حد كبير، بل وفي ظلها، تعافت الأخيرة اقتصاديا وحافظت عملة الروبل الروسية على سعرها، بل وكَبُرَ حجم الاقتصاد الروسي وتطور. إذا كان هذا هو حال روسيا، فكيف الحال إذن مع الصين صاحبة الاقتصاد الأقوى عالميا والمنافس التجاري الأول للولايات المتحدة؟!
لكن، خلافا للتجربة الروسية، لعبت العقوبات في الحالة السورية دورا أساسيا في إسقاط النظام السوري (إلى جانب عوامل أخرى مساعدة مثل الترتيبات المخابراتية والاختراقات والقصف الإسرائيلي المتواصل على مدى سنوات)، أما في حالة إيران، فالعقوبات تسببت في أزمة اقتصادية.
سلاح العقوبات الذي استخدم طيلة عقود، بديلا للتدخل العسكري الأميركي، فقد فاعليته التي أصبحت عكسية، فتحول إلى سبب أساسي للخروج العالمي التدريجي من عملة الدولار الأميركي، وذلك بسبب عدم الثقة بالدولار؛ علما أن العملة يُستثمر بها وبالتالي تزداد الثقة بها بمقدار ما تعمل الدولة على تحييد عملتها عن اللعبة السياسية. وقد شاهدنا كيف أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي صادرا في حينه ودائع روسية، فلم تتمكن روسيا من استرجاع ودائعها في البنوك.. وهنا نتساءل: من سيُطَمئن دولا عالم ثالثية، مثل السعودية على سبيل المثال، بحماية ودائعها؛ إذ أن أي خلاف أميركي-سعودي قد يؤدي إلى مصادرة ودائعها. أيضا، في الحالة اللبنانية توقف الناس عن إيداع أموالهم في البنوك لأنهم لم يتمكنوا من استرجاع ودائعهم. أمام هذا المثال الأميركي السيء، أخذت شرائح اجتماعية-اقتصادية كثيرة والعديد من الدول تهرب من الدولار الأميركي.
مبدأ العقوبات الأميركية يقول بأن كل معاملة بالدولار خاضعة للموافقة السياسية الأميركية، وبالتالي كي تكون الدول والمجتمعات حرة في مبادلاتها التجارية لجأت إلى التعامل بعملاتها الوطنية، كما الحال في الصين والهند وروسيا، فتراجع وزن الدولار. هذا المشهد تحديدا يعتبر أحد أهم أسباب الأزمة الاقتصادية-المالية الأميركية؛ إذ لم يعد باستطاعة الولايات المتحدة طباعة الدولار كما تشاء، باعتباره عملة عالمية وليس مجرد عملة أميركية، علما أن العملة العالمية يُقَيَّم وزنها بحجم تداولها عالميا، وحيث أن تداولها تقلص عالميا، حاولت الولايات المتحدة اللجوء إلى سلاح الرسوم الجمركية المرتفعة التي تتميز بخمس عواقب سلبية:
أولا: التخلي عن الموقع العالمي للولايات المتحدة، لأن موقعها العالمي اقتصاديا تأسس أصلا على التجارة الحرة، وبالتالي منظمة التجارة العالمية (WTO). حاليا، الولايات المتحدة تعود عقود طويلة إلى الخلف، وتحديدا إلى عالم الجدران وليس تكسيرها؛ ما يعد انقلابا سيغير مجمل الاقتصاد الأميركي وغير الأميركي. المفارقة أن الولايات المتحدة كانت تعاقب الدول التي تفرض رسوما جمركية! والأخطر من ذلك، خشية المستثمرين من أن الرسوم قد تُلغى لاحقا في حال تغيرت السياسة الاقتصادية الأميركية (مثلا، في حال قرر رئيس أميركي جديد إلغاء الرسوم الجمركية). فالمشاريع الصناعية-الاقتصادية القائمة أو المستحدثة في الولايات المتحدة، والتي صناعتها وسلعها محمية من المنافسة بالرسوم الجمركية، لا ضمانة لها بأن لا تُلغى الرسوم لاحقا، طالما أن الموقف من الرسوم لم يعد مبدأ أميركيا ثابتا، بل هو قابل للتثبيت أو الإزالة؛ وبخاصة أن فرض الرسوم استند إلى إجراءات رئاسية وليس استنادا إلى تشريع قانوني في الكونغرس، ناهيك عن الجدل الاقتصادي والقانوني الأميركي حول مدى دستورية الإجراءات الرئاسية المتغطرسة وبالتالي مدى صلاحيات الرئاسة في اتخاذ هكذا قرارات. وعمليا، بدل أن تحمي هذه الرسوم الاستثمارات المحلية فقد تؤدي إلى ضربها، لأن مبدأ فرضها ليس ثابتا، كما أنه ليس نظاما اقتصاديا.
ثانيا: لمن موجهة هذه الرسوم؟ فلنلاحظ أنه في اليوم الأول لبدء تنفيذ فرض الرسوم (في نيسان 2025) أعلن ترامب وقفها! ومن ثم، في حزيران 2025، توصل الأخير إلى تسوية بخصوصها مع الصين. لكن، في نيسان الماضي، حين بدأ ترامب التنفيذ على الصين، أعلن (في ذات يوم بدء التنفيذ) إعفاء أجهزة الكمبيوتر والخلوي، علما أن هذه الأجهزة تشكل الكتلة الأساسية للمستوردات الأميركية عبر الصين، وهي أصلا الكتلة الأساسية للشركات المنتجة للتكنولوجيا الأميركية المصنعة في الصين والتي يهدف ترامب إعادتها إلى الولايات المتحدة. ورغم الإعفاء، لم تتوقف انهيارات البورصات. بمعنى أن هذه السياسة لم تؤت أكلها، بدليل التراجع عنها. فالتراجع الأول تقرر لجميع دول العالم، والتراجع الثاني تمثل في إبقاء الضرائب المحدودة على الصين، لكن مع إعفاء السلع الأساسية المستهدفة أصلا من فرض الرسوم الجمركية، نظرا لما تسببت به من انهيارات في البورصات.
ثالثا: الضرر البنيوي في سوق الأسهم الناتج عن فرض الرسوم، بدليل أنه استمر لفترة ممتدة. ورغم إلغاء الرسوم عن جميع دول العالم (ما عدا الصين) إلى جانب إعفاء كل المستوردات الإلكترونية من الصين، استمرت التراجعات في البورصات. فشركة "أبِل"، على سبيل المثال، خسرت 10% من قيمة أسهمها، وبالطبع لم يكن هذا لعبا موسميا للاستفادة من الصعود والهبوط، بل شكل انهيارا في البورصات.
رابعا: الأثر على المستهلك واضح، لأن من يدفع الرسوم هو المستهلك الأميركي، ما يعني ارتفاع الأسعار وتفاقم التضخم.
خامسا: انقسام الطبقة الاقتصادية التي تشكل عماد أي نهوض اقتصادي، علما أن الفئات "المُهَلِّلة" لإجراءات ترامب تشكل أقلية اقتصادية، بما في ذلك القطاع الصناعي. فحاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم (كاليفورنيا تعد أكبر اقتصاد في الولايات المتحدة، بل هي وحدها تشكل الاقتصاد الخامس عالميا)، أعلن بأن كاليفورنيا لن تطبق الرسوم، بالإضافة لرفعها دعوى قضائية في المحاكم الأميركية، باعتبار أن الرسوم غير ملزمة لها، وبالتالي ستعقد اتفاقيات استيراد-تصدير معفاة من الرسوم. بل إن محكمة استئناف فدرالية أميركية قضت في آب الماضي بأن جزءا كبيرا من الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب غير قانوني. وحاليا يُنتَظَر قرار المحكمة العليا التي أُحيلت القضية إليها. وفي حال ثَبَّتَت المحكمة العليا عدم قانونية هذه الرسوم، فقد تثار شكوك حول الصفقات التي أبرمها ترامب مع شركاء تجاريين رئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي، وقد تطالب الشركات بتعويضات؛ ما دفع ترامب إلى القول (وبحق) إن إلغاء الرسوم الجمركية "سيكون كارثة حقيقية على البلاد".
بمعنى أن الولايات المتحدة المصابة بهذا الإرباك وبهذه الضربات، وغير قادرة على التورط في حروب كبرى ولديها إشكالية تتعلق بقدرتها على مواصلة الحروب والأزمات- هذه الدولة معنية بإغلاق ملفات الحروب في المنطقة العربية، ولو على قاعدة الهُدَن (جمع هُدنة) والتسويات الصغيرة، كما الهدنة الأميركية مع اليمن ("أنصار الله" في البحر الأحمر تحديدا) والتي لم تشمل إسرائيل؛ ذلك أن لدى الولايات المتحدة مشكلة كبيرة على المستوى الاقتصادي لا تستطيع تجاهلها؛ فأولويتها حاليا مواجهة مشكلتها الاقتصادية. وبالتالي تقع المنطقة حاليا في قلب استعصاء شقه الأول أن الولايات المتحدة غير قادرة على مواصلة الحروب، وشقه الثاني أن إسرائيل غير قادرة على عمل تسويات، بل تعمد إلى التصعيد العسكري دون توقف (كما فعلت في إيران في حزيران الماضي، وقبل وبعد ذلك في لبنان وسوريا، بالإضافة للمذابح البشرية الممتدة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة).
أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية الأميركية
من المثير أن الديون الأميركية تعتبر الأعلى في العالم، إذ بلغت أكثر من 36 تريليون دولار مقابل 23 تريليون دولار إجمالي الناتج المحلي (GDP)، أي أن إنفاقها أعلى بكثير من مداخيلها وجبايتها الضريبية، ونسبة الديون إلى الناتج المحلي نحو 150%! وبالتالي فهي لا تستطيع تغطية خدمة الديون.
في عام 2005 كانت حصة الولايات المتحدة في القطاع الصناعي 28% عالميا، مقابل نحو 6% حصة الصين، وحاليا أصبحت الحصة الأميركية نحو 16% فقط مقابل نحو الثلث للصين (32%)! يضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة لا تستطيع طباعة عملة الدولار بأريحية كما كانت سابقا، حين كانت حصة التداول بالدولار عالميا حوالي 97% (عام 2000)، ومن ثم هبطت إلى 80% (عام 2010)، وحاليا (2025) بلغت نحو 60%، وبالتالي تقلص جدا هامش الحرية الأميركية في طباعة الدولار. علاوة على أن نحو 60% من السلع الاستهلاكية في السوق الأميركي مستوردة من الصين.
لذا، حاول ترامب فرض رسوم جمركية، وألغى وكالة USAID وبرامجها المتنوعة وبرامج "الديمقراطية" (التدريب وما إلى ذلك)، وسرح مئات آلاف الموظفين. وفي المحصلة، يمكننا القول إن الولايات المتحدة في حالة هبوط اقتصادي كبير، وبالتالي من مصلحتها إطفاء الحرائق والحروب العالمية المتورطة بها. وفي هذا السياق، أقر ترامب بأن منطقة القرم روسية، وبأن خطوط وقف إطلاق النار تُحَدد حيث وصلت الجيوش (أي تحديدا الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها روسيا). وأيضا تورط الولايات المتحدة بالحرب ضد اليمن (وما تلاها من هدنة ثنائية)؛ فرغم القصف المكثف وكثافة النيران اليومية طيلة أشهر طويلة، لكنها لم تستطع فتح البحر الأحمر والسماح للسفن بالتوجه إلى الموانئ الإسرائيلية.
ورغم أن المنطق الاقتصادي-السياسي السليم يقول بأن لا مصلحة أميركية بشن حرب مباشرة أو بالوكالة (من خلال إسرائيل) على إيران، وبناء عليه وافقت الولايات المتحدة على الشروع بمفاوضات غير مباشرة حول البرنامج النووي- رغم ذلك، وخلال العملية التفاوضية المستمرة، استُخدِمت المفاوضات "خدعة" أميركية-إسرائيلية للتمويه على شن إسرائيل هجوما عسكريا واسعا ومكثفا على إيران (في حزيران الماضي)، بهدف إسقاط النظام والقضاء على قدراته العسكرية والنووية، وبالتالي فرض الشروط الأميركية في المفاوضات (الأمر الذي لم يحدث). بل، لم يبق أمام ترامب سوى العودة إلى المفاوضات مع إيران، لأنه غير معني أصلا بالتورط في حروب جديدة، وهو الذي رفع شعار "أميركا أولا" (الانكفاء نحو الداخل الأميركي) ووعد ناخبيه بـ"الإنعاش الاقتصادي" و"إنهاء الحروب".
ما تسمحه أميركا لنفسها تحظره على الآخرين
السؤال الوجيه المطروح، كيف تسمح الولايات المتحدة لنفسها فرض رسوم جمركية على الواردات، بما يتعارض مع قيادتها التاريخية لمبدأ التجارة الحرة التي تأسست على قاعدتها منظمة التجارة العالمية؟ وهل ما تسمحه لنفسها تحظره على الآخرين، وبخاصة دول الجنوب؟ إذ من المعروف أن دول "الجنوب" (وبطبيعة الحال العربية أيضًا)، في ظل مبدأ التجارة الحرة، أُرغِمَت على التخلي عن أسواقها القومية، وفتحتها تمامًا للرأسمال الغربي المتمثل بشركاته العملاقة ليرتع فيها كما يشاء، ويدمر بنيتها الإنتاجية والبيئية، تحت عنوان "السوق العالمية الموحدة" التي تشكّل المجال الطبيعي والحيوي لحركة الرأسمال الغربي الذي يُعد الحاكم بأمره في هذه السوق.
وهنا يكمن سر دعوة المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية (وبخاصة منظمة التجارة العالمية) إلى "تحرير" غير متكافئ بتاتًا للتجارة في دول الجنوب التي على حكوماتها، وفقًا لمتطلبات "التحرير"، رفع الحماية عن المنتجين المحليين، و"خصخصة" أصول ومشاريع القطاع العام، بما في ذلك السماح للشركات الأجنبية و"المتعددة الجنسية" بأن تشتري هذه الأصول والقطاعات، فضلًا عن منح الحرية المطلقة لحركة رأس المال، وبالتالي حرية تسريب الأموال والفوائض المحلية إلى الخارج، وتحديدًا إلى دول الشمال. وكانت النتيجة سحق البنى الاقتصادية الإنتاجية التقليدية التي كانت قائمة قبل الوجود الاستعماري المباشر في هذه البلدان، والتي اعتمدت على الموارد والسوق المحلية، كالزراعة بالدرجة الأولى، وبالتالي حطّم الرأسمال الغربي أسس اعتماد غالبية دول "العالم الثالث" على ذاتها اقتصاديًا، وضمنَ بالتالي تبعيتها الاستهلاكية والغذائية له، وبالنتيجة جرّدها حتى من وهم "أمنها الغذائي" ودمر بيئتها الغنية وقذف بها إلى مستنقع المجاعة.
الدول الغربية (دول الشمال) ومؤسساتها المالية الدولية فرضت خلال عشرات السنين الأخيرة، ولا تزال تفرض، على "العالم الثالث" زراعة محاصيل كمالية للتصدير لأوروبا وأميركا واليابان، بينما تفتقر غالبية شعوب "العالم الثالث" للمحاصيل الغذائية الأساسية التي تحتاجها.
ويشير هذا التوجه الاقتصادي الغربي المفروض على "العالم الثالث" إلى أن الزراعة الأحادية الموجهة لما يسمى بالسوق العالمي قد أوصلت هذه الشعوب إلى درجة العجز عن إنتاج وتأمين الغذاء الأساسي لنفسها، فلم يبق أمامها سوى مواجهة مصيرها المحتوم: المجاعة أو الفقر الغذائي (المعنى الحقيقي لـ "الأمن الغذائي").
وبهدف خدمة التوجه التجاري الأخير، وتحت راية "برامج التصحيح الهيكلي"، فإن البنك وصندوق النقد الدوليين اشترطا لتقديم القروض للدول النامية، بأن تغيّر الأخيرة أنماط إنتاجها الزراعي، وبالتالي إجبار الدول النامية على التحول من إنتاج غذائها الأساسي الضروري لتوفير أمنها الغذائي الحقيقي، إلى إنتاج المحاصيل الكمالية لتلبية متطلبات الدول الغربية.
كما وتعمل المؤسستان على إرغام نفس الدول على إلغاء الحماية الحكومية، أي الدعم الحكومي للاحتياجات الغذائية الأساسية وإبطال دعم الأسعار للمزارعين، وتسهيل قوانين الأراضي، لإتاحة المجال أمام الشركات الكبرى بأن تستثمر في الزراعة، وبالتالي، ترك المزارعين "غير الفعالين" تحت رحمة قوى السوق، بل استبدالهم بالشركات الصناعية؛ علمًا أن الزراعة تشكّل مصدر عيش غالبية فقراء العالم.
والمفارقة أن المؤسسات المالية الدولية لم تقترح مثل هذه الوصفات على الدول الغنية والصناعية التي تنتج فوائض ضخمة من القمح والأرز والذرة وفول الصويا وقصب السكر والقطن، وذلك في ظروف مسيئة للبيئة وتتسبب أيضاً في كوارث إيكولوجية واضحة. وهذه الدول تحديدًا، تسدّد ضربتين مدمرتين للبيئة في وقت واحد. الضربة الأولى تتمثل في قيام كبار المزارعين بتدمير الأرض بسبب ممارساتهم الزراعية (الكيميائية) المكثفة جدًا، وفي تلويثهم المياه الجوفية وتسميمهم للبيئة. ومن ثم، وهذه هي الضربة الثانية، يتلقون دعمًا ماليًا مكثفًا لتشجيعهم على مواصلة هذه الممارسات غير المستدامة وضمان استمراريتها على نحو متعمد.
وللتدليل بالملموس على ما نقول، نذكر أن من بين أبرز مظاهر الظلم والانعدام المطلق للعدالة والتكافؤ في ظل "العولمة" على سبيل المثال لا الحصر، وجود قطعان من البقر في الدول الغنية تُدَلَّل على حساب مئات ملايين المزارعين في الدول النامية، حيث يصل الدعم اليومي الذي تدفعه دول الاتحاد الأوروبي للبقرة الواحدة إلى أكثر من دولارين، أما اليابان فتدفع نحو 3 دولارات يوميًا، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل الدخل اليومي لنحو نصف سكان إفريقيا أقل من 3 دولارات.
باعتقادي، هذه المقارنات بين مستوى معيشة البقرة الغربية ومستوى معيشة المزارع في "العالم الثالث" تكشف حقيقة أن الحرب الحقيقية التي تخوضها دول الشمال ضد الشعوب الفقيرة هي الحرب ضد ما تبّقى من لقمة عيشها وسيادتها على غذائها، وذلك تحت شعار ما يسمى "العولمة" و"مكافحة الإرهاب" اللذان يعدّان أعلى مراحل النفاق السياسي والأيديولوجي النيوكولونيالي.
أكذوبة شعارات اقتصاد السوق والتجارة الحرة (السوق الحر) تجلت في مآس اقتصادية حلت بالعديد من دول الجنوب. ففي قطاع صادرات الألبان على سبيل المثال، ضربت صادرات الاتحاد الأوروبي المدعومة حكوميًا، صناعة الألبان في البرازيل والهند، علمًا أن صناعة الألبان في الدولة الأخيرة تعاني إغراق الصادرات للسوق المحلي.
وقبل إنشاء منظمة التجارة العالمية، كانت أندونيسيا تُصنّف ضمن أكبر عشر دول في العالم مصدرة للأرز. وبعد ثلاث سنوات من ولادة المنظمة، أي في عام 1998، أصبحت أندونيسيا أكبر مستورد للأرز في العالم.
أما الهند التي تعد أكبر منتج للخضروات في العالم، فقد تضاعف كثيرًا استيرادها للخضروات في السنوات التي أعقبت تشكيل منظمة التجارة العالمية. إذن، لا تزال السياسات التجارية الدولية تميز تمييزًا صارخًا ضد مزارعي الدول النامية.
وإجمالا، مبدأ الحماية الحكومية (الدعم الحكومي) المحظور على دول الجنوب، لم تلتزم به أصلا معظم دول الشمال. فلإدراك حجم الحماية التي توفرها دول الـ OECD (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) لقطاعها الزراعي، يكفي أن نعرف بأن "الهبات التنموية" التي "تَكّرمت" بها الأخيرة على دول "العالم الثالث"، خلال عشرات السنوات الأخيرة، بلغت عشرات مليارات الدولارات. وهذا المبلغ يعد ضئيلًا جدًا مقابل الدعم الزراعي الضخم الذي تقدمه تلك الدول لقطاعها الزراعي سنويًا، والبالغ مئات مليارات الدولارات.
وفي الحقيقة، تستخدم تلك الدول "المساعدات التنموية" استخدامًا فعالًا لإقناع سكان "العالم الثالث" "بسخائها" في مواجهة الآلام الإنسانية واعتبار "المساعدات" الوجه الإنساني للتجارة الضخمة و"الطموحة" ووحيدة الاتجاه من دول (OECD) إلى سائر أنحاء العالم. هذا يعني بأن على الدول النامية أن تتوقف عن زراعة المحاصيل الأساسية التي تأثرت سلباً من الدعم الضخم الذي تقدمه الدول الغنية والصناعية لنفس المحاصيل المزروعة لديها.
البنك وصندوق النقد الدوليين عملا ويعملان على ربط "مساعداتهما" لدول الجنوب وإعادة جدولة ديونها بتنفيذها لخططهما وبرامجهما الاقتصادية التي تتجاوز مجرد كونها "نصائح" أو "وصفات" لتشكل أوامر على دول الجنوب المدينة تنفيذها تحت رقابة مشددة من جانب البنك والصندوق الدوليين.
الادعاء الأساسي للمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية يتلخص بأن الانغلاق داخل أسواقنا يعيق إمكانية تنمية اقتصادياتنا، وبالتالي حري بنا التركيز على الاقتصاد التصديري.
لكن، في المحصلة النهائية، وكما حدث ويحدث في العديد من دول الجنوب، فإن "تحرير" التجارة والتوجه التصديري أديا ويؤديان إلى نسف "النمو" في تلك الدول، بعكس ادعاء أنصار "التحرير"، لأن على هذه الدول أن تثبت بأن أسواقها "حرة" كي تدخل نادي "الدول المصدرة". لذلك يجب أن تفتح حدودها وأراضيها وبيئتها دون قيود، حسب ما تقتضيه أنظمة "منظمة التجارة العالمية".
وفي أغلب الأحيان، نظرًا لضعف بنية دول الجنوب الإنتاجية غير المتكافئة بتاتًا مع البنى الإنتاجية الغربية من ناحية كثافة رأس المال والتكنولوجيا المستخدمة والأسعار الاحتكارية التي تفرضها الدول الصناعية على منتجاتها القادرة على منافسة مثيلاتها في دول الجنوب، تزداد واردات هذه الأخيرة أكثر من صادراتها، الأمر الذي يولّد عجزًا دائمًا ومتزايدًا في الميزان التجاري، ويهدد بسحق القطاعات الإنتاجية المحلية، وبخاصة الزراعية، وإتلاف البيئة المحلية، بما في ذلك الأراضي الزراعية الخصبة، وكذلك تدمير المنتجين الصغار الذين يشكلون أغلبية ساحقة، والأنكى من ذلك زيادة التبعية للغذاء المستورد وتصاعد الهجرة من الأرياف، فضلاً عن تدهور متواصل في قيمة العملات المحلية. وفي النهاية، تعميق علاقات التبعية بصيغ جديدة، كما حدث في الكثير من دول "العالم الثالث" ذات السيادة، فما بالك في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني الهزيل!
وما يُغَيَّب، أن دول الشمال الرأسمالية أنشأت منظمة التجارة العالمية أداة تستخدمها شركاتها الاحتكارية لغزو واكتساح أسواق دول الجنوب وإغراقها بسلعها.
موقع الدول العربية في عولمة النهب
الدول الرأسمالية الصناعية حطمت مقومات الاقتصاد الإنتاجي في الأقطار العربية وحولتها إلى أسواق استهلاكية للسلع الغربية، ولم يُبْقِ لها الغرب ما تصدره لأسواقه، لأنها تفتقر أصلاً إلى الصناعات الحقيقية المنافسة، سواء الخفيفة أو الثقيلة (التكنولوجيا، الآلات، الماكنات، السيارات، الطائرات، الأسلحة وغيرها)، وإنتاجها هامشي وهزيل.
ورغم ذلك، لهثت الأنظمة العربية لهاثًا "غبيًا" للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وبالتالي فتح ما تبّقى من أسواقها للرأسمال الغربي الذي لو فتح أسواقه بالكامل، فلن تستفيد الدول العربية من ذلك شيئًا.
إن عجز الدول النامية عن فهم ومواجهة السياسيات العالمية التي تتحكم بجدول أعمال التجارة الزراعية، أدى إلى مواجهة العالم لنظامين زراعيين: النظام الأول يشمل الدول الغنية التي تنتج الغذاء الأساسي والإستراتيجي لنحو 8 مليار نسمة في العالم، والمتمثل أساسًا بالحبوب والحنطة. أما النظام الثاني فيضم الدول النامية التي تتخصص في زراعة الخضروات والمحاصيل الكمالية للدول الغنية، كالورود والتوت الأرضي وعبّاد الشمس.
الدولارات التي تكسبها الدول النامية من تصدير هذه المحاصيل تعود ثانية إلى الدول الصناعية المتقدمة، لأنها تستخدم في نهاية المطاف، لشراء الحبوب من تلك الدول.
ومع "عولمة" النهب المنظم والمكشوف، لا تشكل الدول العربية بالنسبة للمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية والدول الغربية "المانحة" سوى حلقة صغيرة جدًا من حلقات ما يسمى "العولمة" التي تقرر من يجوع ومن يأكل.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن خطورة التجزئة العربية ودورها في تشويه وتشتيت الثروات والاقتصاديات العربية تكمن في حقيقة أن نسبة استثمار الأموال العربية داخل الوطن العربي لا تزيد على 2.5% من إجمالي الاستثمارات العربية خارج الوطن العربي والبالغة أكثر من 3 تريليون دولار، فضلاً عن أن التجارة البينية العربية لا تتجاوز 8% من مجمل التجارة العربية الخارجية، بينما تستورد الدول العربية نحو 92% من احتياجاتها من العالم الخارجي.
وبالرغم من شراء العديد من الأنظمة العربية لوصفات البنك وصندوق النقد الدوليين والتي يطلق عليها "التصحيح الهيكلي" و"الخصخصة" و"السوق الحرة"، فقد تراجع القطاع العام والتخطيط وتدهورت قدرة معظم الأقطار العربية على توفير الغذاء لشعوبها استنادًا إلى الموارد المحلية، وبالتالي ازدادت التبعية للغذاء المستورد.
كما اتسعت الفجوة الاقتصادية-الاجتماعية بين الأقلية الطفيلية غير المنتجة التي تتمتع بالمداخيل والثروات الهائلة، وبين الأغلبية الساحقة التي تعاني الفقر المادي والغذائي. وعليه، فقد استفحلت البطالة وازدادت هجرة قوة العمل العربية إلى خارج أوطانها وتفاقم الفساد وطرأت زيادة كبيرة على نسبة الإنفاق على استيراد السلع الاستهلاكية الترفيهية والكمالية.
ورغم انفتاح معظم الأسواق العربية أمام الاحتكارات والشركات الأجنبية، إلا أن استثمارات الأخيرة في البلاد العربية ظلت هامشية، بينما ارتفعت قيمة الديون العربية الخارجية بنسبة ضخمة في فترة قصيرة، فبلغت نحو تريليوني دولار، في الوقت الذي تُقدّر فيه رؤوس الأموال العربية الخاصة الموظفة والمستثمرة في الخارج بأكثر من تريليوني دولار.
كما تعمّقت تبعية الأنظمة العربية الأمنية والمتمثلة في استيراد غالبية الأنظمة لأمنها من أميركا خصوصاً.
علاوة على ذلك، الاستثمارات العربية المنتجة (في الأقطار العربية) ضئيلة جدًا، علمًا أن جميع البلاد العربية، كما يشير الاقتصادي العربي البارز سمير أمين، "تعاني مرضًا مزمنًا مشتركًا ألا وهو ضعف فاعلية استثماراتها".
ويتمثل هذا الضعف في ارتفاع ما يعرف بمعدل رأس المال الحدي الذي ضرب، منذ أواخر الثمانينيات، أرقامًا قياسية، ندر وجودها على المستوى العالمي، فوصل في المغرب العربي إلى 26 وفي المشرق 9 (Petras & Veltmeyer, 2013) مقابل المعدل الأسيوي الذي تراوح، منذ نفس الفترة، بين 2 و4 (Petras & Veltmeyer, 2013) (العلاقة بين معدل رأس المال الحدي وفاعلية الاستثمار عكسية).
وبالرغم من هذا الفارق الكبير بين المعدلات الحدية العربية والآسيوية، لصالح الأخيرة، فقد انهارت، في أواسط التسعينيات، الاقتصاديات الآسيوية، الأمر الذي يبرز البؤس الرهيب الذي يتخبط فيه الواقع التنموي - الاقتصادي العربي إجمالاً.
وللمقارنة فقط، فإن فاعلية الاستثمار العربي في الخمسينيات والستينيات، كانت أفضل مما هي عليه اليوم، إذ تراوح معدل رأس المال الحدي في حدود 8-8.4 (Petras & Veltmeyer, 2013)، بل إن معدلات النمو، في نفس الفترة، كانت أيضًا أعلى بكثير مما هي عليه الآن.
والنتيجة التي تبدو جلية، أن سياسات "السوق الحرة" و"الانفتاح" الاقتصادي على الرأسمال الغربي و"التصحيح الهيكلي" تميزت بتبذير أكبر في الموارد النادرة وغير المتجددة، وتعظيم أضخم للمديونية الخارجية وتعميق أشد للفجوات الاجتماعية-الاقتصادية، قياسًا مع المرحلة الوطنية في الخمسينيات والستينيات، أو قياسًا مع الخيارات الأخرى. وعليه فقد ترسخت ثقافة السوق التي تطمس الاعتبارات الوطنية والإنسانية والبيئية والثقافية لدى استيراد أو إنتاج السلع، وتتمثل الاعتبارات الوحيدة لهذه الثقافة في السعر والربح والنوع والجودة.
ومع أن معظم الأقطار العربية ظلت مكتفية غذائيًا حتى بداية السبعينيات، وكان بعضها في الخمسينيات والستينيات يصدّر الحبوب والقمح مثل مصر والسودان، إلا أنها أصبحت حاليًا من أكبر مستوردي المنتجات الغذائية في "العالم الثالث"، علمًا أن الزراعة في العديد من الدول العربية تستوعب أكثر من نصف قوة العمل، وفي بعض الأحيان قد تصل النسبة إلى 70%، إلا أن مساهمة الزراعة في إجمالي الناتج المحلي العربي لا تزيد على 20% في أحسن الحالات، فضلاً عن وجود مساحات شاسعة من الأراضي العربية الصالحة للزراعة غير مستغلة (نحو 200 مليون هكتار)، أي حوالي 80% من إجمالي المساحات الصالحة للزراعة في الوطن العربي والتي تقدّر بنحو 250 مليون هكتار، وهذا يعني أن المساحات المزروعة تبلغ نحو 50 مليون هكتار (نحو 20% من إجمالي المساحات الصالحة للزراعة).
كما تهاوى الوطن العربي، منذ أواخر الثمانينيات، إلى فجوة غذائية قدرّت بمئات مليارات الدولارات، هي عبارة عن الفارق بين إجمالي الاستيراد من الدول الأجنبية والصادرات العربية.
ويكمن السبب المباشر لأزمة الغذاء العربي في كون الزيادة بمعدل الطلب على المنتجات الزراعية أعلى من نسبة نمو الإنتاج الزراعي السنوي، بفارق نحو 4% سنويًا لصالح الزيادة بمعدل الطلب (Petras & Veltmeyer, 2013).
وفي المقابل، نجد كمًا هائلًا من الموارد البشرية المعطلة والمشلولة والمنسلخة عن بيئتها الوطنية، والمتمثلة بملايين الأيدي العاملة العربية العاطلة عن العمل والمهاجرة إلى خارج أوطانها، حيث تقدّر نسبة البطالة العربية بأكثر من 25% من إجمالي القوى العاملة، أي أكثر من 40 مليون عاطل عن العمل من بينهم نسبة مرتفعة من الشباب المتعلم، علما أن المنطقة العربية تشهد أعلى معدلات بطالة في العالم. وفي ذات الوقت يعج الوطن العربي (خاصة دول الخليج) بالعمال و"الخبراء" والفنيين الأجانب.
استنتاجات
أولًا: لا يجوز أن تبقى الدول النامية والفقيرة مشاهدًا صامتًا وعاجزًا. فقدرة الدول الصناعية الغنية على حماية إنتاجها وزراعتها وعلى اتباع أساليب "عدوانية"، يجب ألا تجعل الدول الفقيرة تشعر بالخجل من ممارسة نفس السياسات واتباع نفس الأساليب. ولا بد أن تتركز كل الجهود لإرغام الأغنياء على إلغاء الدعم الزراعي في دول "منظمة التعاون والتطور الاقتصادي" ((OECD.
كما أن تسهيل الانتقال إلى أسواق عالمية "أكثر انفتاحًا" يجب أن يبدأ أولًا بعملية إعادة بناء جذرية للزراعة في دول شمال أميركا والاتحاد الأوروبي. وما لم يحدث ذلك، فلا بديل للدول النامية سوى الموقف الجماعي الموحد، دفاعًا عن الزراعة التي تعد العمود الفقري لاقتصادياتها. ويتلخص هذا الموقف في تعليق الاتفاقيات الزراعية مع دول الشمال، حتى تلغي الأخيرة سياسات الدعم.
ثانيًا: أي اتفاقيات تعقد دون إلغاء سياسات الدعم في الدول الغربية، والقائمة على قاعدة تثبيت تحكم الإنتاج الزراعي الاحتكاري الغربي واستباحة الأسواق الزراعية في الدول النامية، يعني، في نهاية المطاف، تدمير الزراعة في الدول الأخيرة. ومن بين المسائل التي يجب على دول "الجنوب" أن تفرضها على دول الشمال، عقد اتفاقية ملزمة ومتعددة الأطراف ضد المجاعة، تستند على المبدأ الإنساني الأساسي في الحق بالطعام، وتكون أساسًا لجميع المفاوضات المستقبلية. مثل هذه الاتفاقية متعددة الأطراف يمكنها أن تضمن حق الدول باتخاذ إجراءات وقائية كافية، في حال أن التزاماتها تجاه منظمة التجارة العالمية ستؤدي إلى مزيد من المجاعة والفقر.
ثالثًا: على المستوى العربي، فإن تجاوز المشهد الاقتصادي- التنموي القاتم أمر ممكن إذا انصبَّ التركيز على الإنتاج الزراعي بهدف تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية للشعوب العربية، وذلك عبر خطط زراعية عربية تكاملية تستغل المناخ المعتدل في العديد من الأقطار العربية والمساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وغير المستغلة والمياه.
رابعًا: يتمثل البديل التنموي-الاقتصادي العربي في التطوير الفعلي للقدرات الاقتصادية والبيئية الذاتية، وبخاصة في مجال إنتاج الغذاء والحبوب لتحقيق الاعتماد على الذات غذائيًا، وبالتالي الاستقلال الاقتصادي الذي يشكل الشرط الأساسي والضروري للاستقلال السياسي الحقيقي.
ولابد من ربط التجارة بعملية التنمية، ورفع معدلات وفاعلية الاستثمار في الأقطار العربية، كي يصبح بالإمكان زيادة معدلات التنمية لامتصاص البطالة وخفض معدلاتها.
وهذا يتطلب شنّ حملات جماهيرية ضد الفساد، وممارسة ضغوط شعبية لتعميم الديمقراطية، ولإحداث تغيير نوعي في الإدارة والأداء الحكوميين،
خامسًا: هدف أي سياسة زراعية محلية ووطنية يجب أن يكون الاكتفاء الذاتي غذائيًا؛ بمعنى أن مزارعي الوطن يجب أن ينتجوا كل أو معظم الغذاء المستهلك محليًا. هذا الشرط تحديدًا، لا يشمله مفهوم "الأمن الغذائي" الذي طوّعته الدول والشركات الصناعية الغربية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية لصالح المصالح التجارية الاحتكارية في أوروبا وأميركا الشمالية.
سادسا: ضرورة حماية الإنتاج الغذائي المحلي، وإنتاج وتخزين احتياطي من الحبوب الإستراتيجية، وتشجيع القروض الزراعية الميسرة وأشكال دعم أخرى تحفز عملية استرداد القدرات الوطنية للبلد على إنتاج الغذاء.
مراجع إضافية:
Petras James, & Veltmeyer, H. (2013). “Beyond Neoliberalism.