عامان على الإبادة

جميع الحروب مهما طال أمدها تنتهي على طاولة المفاوضات، والتفاوض أداة لتحقيق الأهداف لا هدفًا بحد ذاته.
تؤكد أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأمريكية، د. دلال عريقات، أن مرور عامين على أحداث السابع من أكتوبر أثبت حقيقة راسخة في مسار التاريخ السياسي، وهي أن جميع الحروب مهما طال أمدها تنتهي على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في مفهوم التفاوض باعتباره أداة لتحقيق الأهداف لا هدفًا بحد ذاته.
وتشدد عريقات على أن "الغاية تبرر الوسيلة في لعبة المصالح"، وأن المطلوب اليوم هو تحويل أدوات الصراع إلى أدوات سياسية فاعلة تقود نحو الحرية والكرامة والاستقلال.
وتوضح عريقات أن الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني خلال العامين الماضيين كان باهظًا على المستويات البشرية والإنسانية والوطنية، نتيجة غياب الأفق السياسي والدخول في دوامة عنف لم تُفضِ إلا إلى مزيد من المعاناة.
وتشير عريقات إلى أنه رغم ذلك، بقيت الحقيقة واضحة "هدفنا النهائي ليس الجلوس للتفاوض، بل تحقيق الحرية والسيادة وإنهاء الاحتلال".
وتشدد عريقات على أن التجربة أثبتت أن غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين، وأن محاولات عزلها أو التعامل معها ككيان منفصل لا تخدم سوى الاحتلال.
وتشير عريقات إلى أن ما جرى يؤكد أن الانقسام الفلسطيني شكّل أحد أخطر الأسلحة بيد إسرائيل، ما يجعل استعادة الوحدة الوطنية ضرورة وجودية لا مجرد خيار سياسي.
وتدعو عريقات إلى إعادة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، بعيدًا عن اختزال التمثيل بفصيل واحد مهما بلغت قوته أو شعبيته، معتبرة أن وحدة القرار والتمثيل تشكل الضمانة الحقيقية لعدم انحراف البوصلة الوطنية.
وفي ما يتعلق بالبعدين العربي والإقليمي، تشدد عريقات على أهمية إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ضمن رؤية شاملة تجعل من الحقوق الوطنية جزءًا من أمن المنطقة واستقرارها، مؤكدة أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق من دون إنهاء الاحتلال وضمان حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
وتؤكد عريقات أن الخطاب الإسرائيلي انكشف أمام العالم، ولم يعد من الممكن تبرير الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، ما يستوجب وجود إرادة دولية مسؤولة تفرض المحاسبة وتدفع نحو تسوية عادلة.
وتشدد عريقات على أن سؤال الوجود والمصير الفلسطيني لم يعد نظريًا، بل بات مرهونًا بقدرة الشعب على تحويل الألم إلى أمل، والعمل إلى رؤية سياسية جامعة.