خاص| بعد عامين من الإبادة.. كيف غيّرت حرب غزة خريطة الصراع في الشرق الأوسط؟

2025-10-08 09:46:45

بعد مرور أكثر من عامين على الحرب في قطاع غزة، تبدو خريطة الشرق الأوسط أمام تحولات عميقة قد تُعيد رسم توازنات الإقليم ومواقعه الجيوسياسية. وفي ظل ما يطرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خطط سلام جديدة، يزداد الحديث عن مستقبل المنطقة بين مشروع "شرق أوسط جديد" وواقع الفوضى الممتدة.

في حديثٍ خاص لـ"رايــة"، قال المحلل في الشؤون الأوروبية رأفت الظاهر إن حرب غزة لم تكن مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل محطة فاصلة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط سياسيًا وجغرافيًا واقتصاديًا.

وقال الظاهر إننا نعيش اليوم في أجواء الحرب التي دخلت عامها الثالث على التوالي، وسط الحديث عن خطة سلام قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي يُبنى عليها الأمل في إنهاء هذه الحرب التي "أبادت ما أبادت من أبناء الشعب الفلسطيني وجعلت كل منطقة الشرق الأوسط تعيش على برميل من البارود".

وأوضح الظاهر أن حرب غزة لم تكن حربًا محدودة جغرافيًا، إذ امتدت إلى لبنان وسوريا واليمن، وحتى إيران التي تصف نفسها بمحور المقاومة. وأضاف:

"نحن نعيش اليوم حالة جديدة فعليًا من شرق أوسط يُبنى بأفكار جديدة، قد يكون شرقًا أوسطَ طامسًا للهوية العربية، بسبب إدخال الاحتلال الإسرائيلي وترسيخ دوره في الشكل العام للمنطقة العربية الممتدة من ليبيا غربًا إلى إيران وشرقًا حتى أفغانستان".

وبيّن أن هذا المسار يجعل منطقة الشرق الأوسط معرضة لتغييرات جذرية، سواء في التوازنات الجيوسياسية أو في برامج التعاون الاقتصادي، معتبرًا أن "التاريخ يخبرنا أن مثل هذه التحولات لا تحدث صدفة، بل بترتيب من قوى عظمى تتحكم في العالم، وقد تكون ظاهرة مثل الولايات المتحدة أو خفية كالصهيونية العالمية، التي تهدف لترسيخ إسرائيل كقائد ومحور جديد في المنطقة".

وفي السياق ذاته، تناول الظاهر التحولات الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن بعض الدول الأوروبية باتت أكثر جرأة في انتقاد إسرائيل أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقال لراية:

"هذا التحول محمود ومشكور، وهو جاء نتيجة لتضحيات الشعب الفلسطيني وجهود الدبلوماسية الفلسطينية والعربية في حشد الدعم الدولي من أجل وقف الحرب وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة."

وأضاف أن ما يحدث في أوروبا اليوم "جزء من النضال العالمي المشترك لترسيخ قيم السلام والديمقراطية بعيدًا عن الحرب"، مؤكدًا أن اعترافات دول كبرى مثل فرنسا وبريطانيا بالدولة الفلسطينية تُعدّ مكسبًا سياسيًا وتاريخيًا.

وتابع:

"هذه الاعترافات ترسّخ الوجود الفلسطيني على الأرض وتحمي الهوية الوطنية من الطمس، وهي بمثابة رسالة واضحة أن العالم لم يعد يقبل بتذويب فلسطين داخل مشاريع الشرق الأوسط الجديد."

وحول مستقبل المنطقة بعد الحرب على غزة، رأى الظاهر أن الشرق الأوسط يتجه نحو إعادة تشكيل فعلية لا نحو الفوضى الشاملة، مضيفًا أن "وجود دول قوية ومتماسكة مثل مصر والسعودية وتركيا يمنع انزلاق المنطقة إلى فوضى إقليمية طويلة".