"ماس" يعرض سياسات للحد من الإجراءات المالية الإسرائيلية وأزمة فائض الشيكل

2025-10-07 18:27:07

أصدر معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" ملخص سياساتي لدراسة "الخيارات الفلسطينية للحد من تأثيرات الإجراءات المالية والمصرفية الإسرائيلية العقابية: دراسة مرجعية وسياساتية"، وتأتي هذه الدراسة لتركز على مجموعة من المحاور الأساسية ذات العلاقة بالنظام المصرفي الفلسطيني وعلاقاته مع الكيان الإسرائيلي وسبل الحد من الإجراءات الإسرائيلية المقيدة للاقتصاد الفلسطيني وبخاصة مسألة وقف عمل البنوك المراسلة، ومعضلة تراكم الشيكل.

تستعرض الدراسة معضلة فائض الشيكل وأسبابه، والذي أصبح يفوق نسبة 6% من إجمالي قيمة الودائع قصيرة الأجل بعملة الشيكل "بحسب اتفاق باريس الاقتصادي فإنه يجب إعادة هذا الفائض النقدي من الشيكل إلى البنك المركزي الإسرائيلي، كونه البنك الذي يصك عملة الشيكل. يتكدس هذا الفائض في النظام المصرفي الفلسطيني دون تحقيق أي استفادة منه، كما يسبب خسائر للبنوك بسبب عمليات التخزين، والتأمين والحماية. وقد قدّر تقرير صندوق النقد الدولي (2022) أن إجمالي التكاليف التي تتحملها المصارف الفلسطينية نتيجة احتفاظها بفائض الشيكل تؤدي الى تخفيض أرباح هذه المصارف بنسبة 20%.

ورغم تواصل عمليات شحن الشيكل خلال العام 2023، ما زال الشيكل يشكل نحو 85% من إجمالي السيولة النقدية في النظام المصرفي الفلسطيني، ونحو 22% من موجودات القطاع المصرفي بعملة الشيكل (مقومة بالدولار)، كما بلغت ودائع الشيكل الإسرائيلي خلال نفس العام نحو 45.8% من إجمالي ودائع الجهاز المصرفي، ونحو 45% من حجم التسهيلات الائتمانية. تبين الدراسة أن مصادر الشيكل المتراكم لدى المصارف الفلسطينية هي العمالة الفلسطينية في إسرائيل، ومشتريات فلسطينيين الداخل والقدس من المناطق الفلسطينية، والشمول المالي الذي يسهم في زيادة إيداع الشيكل لدى المصارف الفلسطينية، والقطاع الاقتصادي غير المنظم والذي يقدر حجم مساهمته 22% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى الصادرات الفلسطينية (86% إلى إسرائيل) 

كما تستعرض الدراسة سيناريوهات العلاقة المصرفية، حيث خلصت إلى سناريوهين؛ الأول استمرار الوضع القائم "المتمثل بحالة عدم اليقين والسياسات الإسرائيلية المقيّدة واستمرار تحكّم إسرائيل في عرقلة استيعاب فائض الشيكل، وتقييد عمل البنوك المراسلة"، والثاني قطع العلاقات المصرفية "قطع العلاقات المصرفية مع القطاع المالي الفلسطيني، وانتهاء عمل البنوك المراسلة". وقد بينت الدراسة أن لكل منهما تأثيراً سلبياً واضحاً على العلاقات المصرفية والاقتصادية والتجارية، كما تم توضيحه في الأجزاء المتعلقة بهذين السيناريوهين. 

تبين الدراسة أن تبعات أزمة فائض الشيكل لا تقتصر على المصارف، بل تمتد لتشمل كامل الاقتصاد الوطني. إذ إن قصور ودائع المصارف الفلسطينية في بنوك المراسلة الإسرائيلية يمكن أن يجعل هذه المصارف عاجزة عن تمويل عمليات استيراد التجار الفلسطينيين من البضائع ومن التجار الإسرائيليين، أي إحداث تعطل شامل في سلاسل العرض. 

وفي تعليقه، أوضح المدير العام للمعهد السيد رجا الخالدي أن الدراسة تقدم عدد من التوصيات التي من شأنها التخفيف من آثار أزمة تكدّس الشيكل، خاصة في موضوع التوسع في تطبيق الدفع باستخدام بطاقات الدفع الإلكتروني على غرار منصة E-Sadad الرقمية المستخدمة لسداد الفواتير على المستوى الوطني وتشجيع دفع أجور العاملين الفلسطينيين في الاقتصاد الإسرائيلي عبر قنوات القطاع المصرفي. كذلك التوسع في تطبيق عمليات الدفع الإلكتروني لمشتريات فلسطيني الداخل والقدس من الضفة الغربية. ودعا إلى دراسة إمكانية قيام وزارة المالية بتكثيف أدوات السياسة المالية، وزيادة الإنفاق الحكومي في فترات الركود الاقتصادي.

وبيّن الخالدي أن الدراسة توصي بتشجيع المواطنين التوجه لشراء السيارات الكهربائية، الأمر الذي يقلل فاتورة المحروقات والتي تعد أحد أهم روافد فائض الشيكل. والعمل على تذليل العقبات والعوائق التي تحول دون تمكين شركات توزيع الكهرباء الفلسطينية من تشجيع القطاع الخاص وأصحاب المنازل على الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة، الأمر الذي سيقلص بشكل كبير من تدفقات الشيكل المخصصة لتسديد أثمان الكهرباء. كما دعا إلى إنشاء صندوق وطني لإدارة فائض الشيكل يستخدم كآلية مؤقتة لتدوير السيولة داخليًا وتقديم تسهيلات قصيرة الأجل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال أدوات مالية مثل أذونات سلطة النقد أو سندات محلية. مع وضرورة توسيع صلاحيات البنوك الفلسطينية في استخدام المشتقات المالية (مثل العقود الآجلة، وعقود الخيارات، والمقايضات) كأدوات تحوط ضمن الأسواق العالمية، وذلك بهدف تقليل أثر المخاطر الناتجة.

وأشار الخالدي أن الدراسة تدعو سلطة النقد إلى القيام باتخاذ إجراءات فورية لدعم السيولة والاستقرار المصرفي، من خلال إصدار أدوات استثمار قصيرة الأجل (أذونات بالعملة الأجنبية) لجذب فائض السيولة بالدولار والدينار، وإعفاء مؤقت للودائع بالدولار والدينار من بعض متطلبات الاحتياطي الإلزامي، لتشجيع جذب العملات الصعبة، وتشجيع البنوك على منح تسهيلات بالشيكل، وذلك لتسهيل تحريك السيولة وتقليل الضغط على فائض الشيكل، ومنح مرونة فورية لسلطة النقد عن طريق خفض نسب الاحتياطي المطلوب مؤقتًا عند حصول أي طارئ مالي.

وأخيرا، لا بد من التأكيد على أن هذه العقبات ناجمة من أبعاد سياسية ولا يمكن حلها بشكل جذري الا عبر القنوان الدبلوماسية والسياسية وأولها الزام إسرائيل بتطبيق بنود باريس الاقتصادي.