حماس تستسلم لترامب ..وتستنجد بعباس

قبل أن تنتهي المدة الزمنية، بساعات، التي حددها الرئيس الأمريكي لحركة حماس بالرد على خطته حول حرب غزة يوم 29 سبتمبر 2025، أعلنت الحركة موافقتها الكاملة، بعدما حاولت فتحت النار عليها ووصفتها بكل المبيقات السياسية خلال زمن البحث.
غبي كان من يتوقع أن يكون لحماس موقفا غير الذي كان، وكل من ذهب بغير ذلك كان يبحث تجارة سياسية تحصد له مرابح أخرى، كون مقومات الرفض لم تعد متوفرة للحركة الإخوانجية، لا قدرة ولا مكانا، بعدما أرسلت واشنطن رسالتها العسكرية عبر تل أبيب إلى العاصمة القطرية الدوحة بمسرحية اغتيال قيادتها.
حماس حاولت التذاكي السياسي في ردها، فهي أعلنت الموافقة المطلقة على شروط ترامب، خاصة تسليم الرهائن، ولم تربطها سوى بمسألة إجرائية فقط تتطلب تفاوض ما، دون ذلك أحالت كل ما ادعت هي وتابعيها إلى مكان آخر، لتعفي أمريكا، وبالتالي دولة الكيان الاحلالي من أي شرطية لاحقة
عمليا، حماس نقلت "شروطها" المسبقة للموافقة على خطة ترامب من واشنطن إلى رام الله، تحت صيغة التباسية، نصت على أن "ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، فإنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية"
وبعيدا عن التداخل الغريب بين مستقبل قطاع غزة والقرارات الدولية، فما تريده حماس هنا، أن تقطع الطريق على المطلب المركزي لدولة الاحتلال بإزالتها من المشهد السياسي، وبأن المستقبل لن يكون معها، ولذا لجأت إلى الحديث عن "إطار وطني جامع"، وهي التي لم تتذكره منذ قرارها بفعلة الكارثة الإبادية، بل وما سبقه زمنا طويلا، وربطها مختلف القضايا المتبقية بهذه المسألة ليست قضية وطنية بل هي بحث عن الذات الحزبية، تحت الغلاف المعتاد منذ قرار إطلاقها عام 1988 كبديل مواز للممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ولاحقا خدماتها التاريخية لطعن الكيانية الأولى
ووفقا لمسار الأحداث، يبدو أن الرئيس محمود عباس كان بعلم موقف قيادة "حماس"، فأصدر بيانا قبل ساعات من بيانها، حدد فيها خريطة طريق سياسية لمستقبل ما، وضع شروطا واضحة لكل من سيكون في الإطار الوطني، " يُحظر على أي حزب أو قوة سياسية أو فرد الترشح ما لم يلتزم بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، ووجود قوة أمنية شرعية واحدة.".
وبتدقيق يمكن أن نجد غالبية ما ورد من في النص الرئاسي حول المستقبل السياسي لا ينطبق على الحركة الإخوانجية، ولو قررت تغيير جلدتها بالموافقة فهي تكون كتبت بيدها نهايتها الكاملة بالقانون الوطني، بعدما تخضع لعملية فحص متعدد التكوين.
وفي سياق طلب حماس بمناقشة متبقيات مقترح ترامب، وقبل أي لقاء يمكن فرضه من قبل "الأشقاء"، وجب أن تعلن حماس اعتذارا وطنيا عاما عما فعلته، وأن تستعد لمحاكمة وطنية، وتعلن الموافقة على خريطة طريق الرئيس عباس المعلنة يوم 3 أكتوبر 2025، شرطا مسبقا لذلك.
وهنا، هل يمكن أن تضع كل ما تم حصاده ماليا أمام لجنة وطنية فلسطينية، مسألة تبدو ثانوية وسط المطلب المركزي، لكنها مؤشر أن حماس تريد أن تعلن طلاقا بائنا بما كانت جزءا من خراب الكيانية، وبأنها تبحث جديدا سياسيا في سياق "إطار جديد"، رغم أن كل الواقع يخالف ذلك، فمنطقه أدق من أن يصدقها قولا.
موضوعيا، رد حركة حماس هو استسلام كامل لموقف الرئيس الأمريكي ترامب، كما كان متوقعا، ومحاولة استنجادية بالرئيس عباس لينقذ ما يمكنه إنقاذه منها، لكن يبدو أن عباس أغلق بابه بعدما نفذ رصيدها السياسي.
ملاحظة: فرحة أهل غزة مع أول خبر عاجل باستسلام حركة أحفاد البنا..تعبير مكثف جدا عما يكنون رفضا لخيارها الإبادي..فرحة اسقطت مقولات الشعوذة والمشعوذين تجار السياسة..غزة لن تنسى أبدا.. وستلاحق كل من تاجر بها قولا وفعلا..فاحموا قفاكم يا صغار.