خطة ترمب وتعاطي الأمر الواقع معها

2025-10-03 12:12:22

ما زالت خطة الرئيس ترمب بشأن إنهاء الحرب على غزة، كمقدمةٍ لمعالجة قضايا الشرق الأوسط، تحتل الاهتمام الأكبر في المعالجات السياسية العربية والإقليمية والدولية.

لا يخلو موقفٌ منها من تحفظاتٍ مهمةٍ عليها، ما يستوجب الابتعاد عن مبدأ Take it or leave it، فما زال الباب مفتوحاً للنقاش حول بنودها التي يتفق الجميع باستثناء إسرائيل طبعاً، على أنها مجرد عناوين وفيها من الغموض ما يحتاج إلى مزيدٍ من المفاوضات.

غير أن إهدار ولو ساعة واحدة في النقاش والتمحيص، يعادله دمارٌ واسعٌ ودمٌ غزير، يسيل من أجساد الغزيين الذين يتوقون إلى وقفٍ لإطلاق النار مهما كان محدود الزمن، وهذا يتطلب إدارةً شجاعةً وذكية للموقف من مبادرة ترمب، واضعين في الاعتبار أن أمريكا وإسرائيل يجسّدان طرفاً واحداً ويسعيان إلى هدفٍ واحد، ولا يخفيان أجندتهما ليس فقط حول غزة وإنما على مستوى الشرق الأوسط كله.

التعاطي مع مبادرة ترمب على سوئها أو بعض الجوانب الإيجابية فيها، ينبغي أن لا يكون من خلال حركة حماس واعتباراتها بل من خلال العرب والمسلمين الذين ناقشوا ترمب في المبادرة قبل إطلاع نتنياهو عليها، وهم من ينبغي أن يظهروا الاختلاف بين ما عُرض عليهم وما أُعلن بعد لقاء نتنياهو.

أهل غزة والفلسطينيون عموماً ينشدون أولاًُ وقبل كل شيء وقف إطلاق النار، ودخول المساعدات بعد أن اوشكت المرافق الأساسية على الانهيار النهائي، وبعد أن تفاقمت المجاعة والأمراض على نحو يستحق وقفة عاجلة لمعالجتها.

إن التعاطي مع المبادرة لا يعني الإذعان التلقائي لكل بنودها، ,دون التخلي عن أساسيات الموقف الوطني الفلسطيني الذي لا يريد أن يبقى جندي إسرائيلي على أرض غزة وهذا إن لم تشر إليه مبادرة ترمب بوضوح فإنه كمطلبٍ فلسطيني وعربي وإقليمي ودولي ينبغي أن تبذل من أجله جهودٌ حقيقية يشارك فيها كل من يريد نهاية للحرب على غزة.

ينبغي حساب ما لنا وما علينا في هذه المعركة المصيرية، هي ليست مصيرية بشأن غزة وحدها بل بشأن القضية الفلسطينية من أساسها، وينبغي في هذه الحالة أن لا نستهين بالموقف الدولي المجمع على دعمنا والالتزام بحقنا في إقامة دولتنا، وإذا كان هنالك من بعض الإشارات في المبادرة الأمريكية كخلوّها من بدعة الريفييرا مثلاً وتهجير الفلسطينيين من بلدهم، والاشارة إلى انسحاب إسرائيلي متدرج، فذلك تم بفعل صمود أهل غزة أولاً وتحملهم ومعاناتهم، وبفعل الإجماع الدولي على نصرتهم وإنهاء الحرب عليهم والمضي قدما في مسارٍ يؤمن حقوق الشعب الفلسطيني.

إن التعاطي مع المشروع الأمريكي المكتظ بالكمائن والألغام، هو لسحب ذريعة استمرار الحرب من يد نتنياهو، وكذلك للانسجام مع الموقف العربي والإسلامي، والدولي، الذي جسّد حماية لا يستهان بها للحقوق الفلسطينية بعد أن كانت معروضةً للتصفية والالغاء.

التعاطي بحكم الأمر الواقع مع مبادرة ترمب دون التسليم بكل ما جاء فيها، ليس استسلاماً ولا تصفيةً للقضية الفلسطينية، وإنما عمل سياسي لا بد من أداءه، ويبدو أن حماس تقترب من هذا المنطق.