نعم، ولكن

خطة ترامب — وفق الصيغة الإسرائيلية المعدَّلة لها — لا يمكن رفضها كونها تحمل في طيّاتها عناصر إيجابية هامة لا يمكن تجاهلها، مثل وقف الحرب، وإفشال التهجيرٍ ، وتوفير مساعدات إنسانية كافية، وتبادل أسرى، ولأن رفضها يؤدي الى عزلة فلسطينية وعربية ودولية. ومع ذلك لا يمكن قبولها لأنها تحتوي على ألغام خطيرة. من هذه الألغام: عدم انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وترك الأمر برمته بيد إسرائيل؛ وتشكيل مجلس وصاية على الفلسطينيين لمدة غير محددة يقوده عمليًا المجرم توني بلير، مع استبعاد السلطة وأي طرف يمثل الفلسطينيين، مما يعمّق الفصل بين الضفة وقطاع غزة ويقضي عمليًا على إمكانية قيام دولة فلسطينية.
السلطة يُطلب منها تنفيذ إصلاحات غير ممكنة عمليًا لأنها تنطوي على اعتراف رسمي بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، ونزع سلاح الشعب
الفلسطيني — وهو أمر لا يمكن قبوله أو تحقيقه في ظل الاحتلال.
الخطة تعامل الفلسطيني منذ البند الأول كطرف متهم أو خاضع للالتزامات دون ضمانات أو جدول زمني واضح لتنفيذ حقوقه واستحقاقاته، بينما استحقاقات إسرائيل محددة وسقف زمني قصير لتنفيذها وضمانات .
ثمة سؤال جوهري: ما الذي يضمن التزام حكومة نتنياهو بوقف الحرب وعدم استئنافها، وعدم المضي في سياسة الضم والتهجير والتوسع الاستيطاني، خصوصًا بعد الافراج عن الأسرى الإسرائيليين في بداية تنفيذ الخطة.
الرد الفلسطيني الممكن هو: «نعم، ولكن...» — لا ينبغي أن نصدق من يقول باستحالة تعديل الخطة. فالذي فرض التراجع عن عدد من مواقف نتنياهو، وهو أمر تحقق بفعل ضغوط داخلية ودولية لا زالت فعّالة، ويمكن أن تتعاظم إذا توفرت الإرادة السياسية الفلسطينيةوالعربيةوالدولية. فمعظم دول العالم وكل الشعوب تريد وقف الإبادة والتهجير ومنع الضم وانهاء الاحتلال، وترحب بمسار سياسي يؤدي أو يبدأ بدولة فلسطينية.
من المهم قراءة الفقرة الأخيرة في بيان وزراء الخارجية الذين حضروا اللقاء مع ترامب قبل لقائه مع نتنياهو: فهم رحبوا بالجهود الأميركية وبالخطة، لكنهم طالبوا باتفاق شامل يضمن القضايا الجوهرية، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي الكامل. فلا يعقل أن تتواجد قوات عربية و أممية في ظل استمرار تواجد جيش الاحتلال في غزة؛ لأن ذلك يعني تغطيةً للاحتلال ويمنحه شرعية.