هل من جديد في قمة الدوحة؟

2025-09-14 11:02:27

رأي مسار

 

 

غداً تلتئم قمةٌ استثنائيةٌ في الدوحة، ذلك قبل إزالة الأنقاض وجفاف الدماء التي خلّفتها العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، مخترقةً سيادة الدولة القطرية، ومستهدفةً الوفد الذي اجتمع كي يقرر قبول مبادرة الرئيس ترمب، بشأن آخر مقترحٍ حول صفقة وقف إطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين دفعةً واحدة، ثم الانتقال إلى اليوم التالي، المفترض أن تُبحث فيه نهاية الحرب والاحتلال.

وبحكم مكانة قطر وعلاقاتها العربية والإسلامية، يتوقع أن تكون المشاركة في القمة، شاملةً لجميع الدول العربية والإسلامية، وعلى أعلى المستويات، ومن البديهي أن تحظى قطر بأوسع تضامنٍ عربيٍ وإسلاميٍ معها، وهذا أقل الواجب إزاء ما حدث.

غير أن القمة سوف تدخل اختباراً جديداً يفترض أن يكون مفصلياً بين نمطية التضامن المعنوي، الذي تميزت به القمم جميعاً تجاه القضايا والأحداث التي كانت تملي انعقادها، وبين أن تستعيد ولو نسبياً مصداقية عملٍ عربيٍ إسلاميٍ مشترك، يُحسب له حساب على موائد القرار الدولي، وخصوصاً من الجانب الأمريكي الذي خذل قطر في العدوان الإسرائيلي الأخير على سيادتها وأمنها، مكتفياً بإظهار بعض أسفٍ على ما فعله الحليف الإسرائيلي، لا أكثر بل أقل.

السؤال الذي رافق كل القمم السابقة وما أكثرها، هل ستكون رقماً جديداً كردة فعلٍ آنيةٍ على عدوانٍ ذي مدلولات خطرة؟ أم أنها ستتطور إلى أبعد من ذلك، بحيث لا تكون مجرد عملٍ تضامنيٍ روتيني، بل نواة توجهٍ جدّي نحو الذهاب إلى مشروعٍ دفاعيٍ مشترك، كانت مصر قد طرحته قبل سنوات ولكنه ظل حبيس الأدراج ويبدو أن تقديراتٍ جدية أدّت إلى إعادة طرحه من جديد.

وحين يُطرح مشروعٌ كهذا ذي سمةٍ دفاعيةٍ بحتة، دون الإخلال بالالتزامات السياسية التي ارتبطت بها الدول بفعل سيادتها ورؤيتها لمصالحها بما في ذلك الموقف من إسرائيل، فإن العمل الدفاعي الذاتي والجماعي المنسق يصبح حاجةً ضروريةً لوقف الاستباحة التي تقوم بها إسرائيل، معتمدةً على الفراغ الأمني والدفاعي الذي يعتري الواقع المحيط، ويشجّع على التمادي في العدوان وتهديد سيادة الدول وأمنها.

بقراءةٍ واقعيةٍ وتفصيلية لخريطة القوى والمواقف على الصعيد العربي والإقليمي، فما هو متاحٌ وإن بصعوبة، هو بلورة مشروعٍ دفاعي أساسه تمتين الجبهات الداخلية للدول العربية، واعتماد الرؤية المصرية على الصعيد العربي المشترك، أمّا سياسياً فما تزال المبادرة العربية للسلام هي أساس الموقف السياسي المشترك للدول العربية والإسلامية، ولابد من تجديدها ووضع آليات فعالة لإقناع العالم به.

العالم العربي الذي تضاءلت رهانات شعوبه على القمم يمكن أن يعود رهانه من جديد إذا ما لمس خلاصاتٍ مقنعة لقمة الغد عبر مخرجاتها المحددة.