ردا على العدوان الإسرائيلي.. قمة طارئة في قطر تعيد ترتيب الأولويات

2025-09-14 07:57:56

تتجه الأنظار، اليوم الأحد وغدا الاثنين، إلى الدوحة التي تحتضن القمة العربية الإسلامية الطارئة في ظرف إقليمي ودولي شديد الحساسية، وبعد أن شكل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطر نقطة تحول كبرى ليس فقط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بل في التطورات السياسية على مستوى المنطقة.

وتؤكد المؤشرات وردود الأفعال العربية والدولية إزاء إدانة العدوان الإسرائيلي على قطر، أن القمة المرتقبة لا تبدو كسابقاتها من القمم التقليدية، بل تكتسب خصوصية استثنائية لأنها تأتي في لحظة توحي للجميع بأن الاستهداف لم يعد موجها إلى دولة بعينها، وإنما إلى منظومة كاملة من الأمن والاستقرار الإقليمي.

وتبرز أهمية القمة هذه المرة من كونها:

منصة لإعادة صياغة الأولويات العربية والإسلامية على ضوء التطورات الأخيرة، والانتقال من دائرة الإدانة والشعارات إلى خطوات عملية في مواجهة السياسات الإسرائيلية التوسعية.

كما تمثل محطة لاختبار مدى قدرة العواصم العربية والإسلامية على صياغة موقف موحد يتكامل بين المسارات القانونية والسياسية والدبلوماسية.

وفي هذا السياق، أكد إعلاميون وخبراء قطريون ، أن العدوان الإسرائيلي على قطر أعاد إحياء الشعور القومي العربي وغيّر أولويات المنطقة مما يجعل للقمة المرتقبة أهمية كبيرة، موضحين ضرورة التوقف عن الاكتفاء بالإدانات، والدفع باتجاه قرارات فاعلة وتحالفات دولية جديدة تتجاوز الهيمنة الغربية.

ويرى مدير عام وكالة الأنباء القطرية أحمد الرميحي، في تصريح نشرته الجزيرة نت، أن القمة العربية الإسلامية الطارئة المقبلة تمثل محطة مهمة لتوحيد الموقف العربي والإسلامي تجاه الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن المسار القانوني الدولي هو الخيار الأمثل والواجب اتباعه في مواجهة الانتهاكات المستمرة التي يمارسها الاحتلال، وفي مقدمتها الجرائم الموثقة التي ارتكبها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، فالمحاكم الدولية، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية، سجلت العديد من السوابق التي تؤكد حجم هذه الجرائم، كما أن حجم الأدلة والوقائع المتزايدة يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية.

ويعتقد الرميحي أن قطر ستكون في طليعة الدول الداعمة لأي خطوات قانونية جماعية ضد الحكومة الإسرائيلية، خاصة مع وجود دعم واسع من دول عربية وإسلامية وصديقة تسعى جميعها إلى تحقيق العدالة وإنصاف الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن إدانة العدوان الهمجي الإسرائيلي على قطر اكتسبت زخما دوليا متصاعدا، ولم يأت هذا بمحض الصدفة، وإنما كان نتيجة لاستشعار العالم حجم الانتهاكات التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، وتقديرا للدور الذي قامت به قطر في الدفع بعملية السلام، وبذل جهود حثيثة لإطلاق سراح الأسرى، والعمل المتواصل لتخفيف معاناة المدنيين.

وأشار إلى أن تلك الجهود موجهة ضد السياسات العدوانية لنظام يسعى إلى صرف الأنظار عن أزماته الداخلية عبر إشعال جبهات جديدة من خلال العدوان الأخير على قطر، وهو الأمر الذي قوبل برفض واسع من المجتمع الدولي.

ويجزم الرميحي بأن القضية الفلسطينية ستبقى في صميم أولويات قطر، ليس فقط على مستوى الخطاب السياسي؛ ولعل التضحيات العملية التي قدمها بعض أبناء قطر ممن استشهدوا أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني في دعم الفلسطينيين تمثل دليلا ساطعا على أن قطر لم ولن تتوانى عن نصرة القضية الفلسطينية، وأنها ستظل ثابتة في مواقفها حتى ينال الشعب الفلسطيني حقوقه.

من جهته، أعرب رئيس تحرير جريدة الشرق القطرية جابر الحرمي، عن اعتقاده بأن العدوان الإسرائيلي الغادر على قطر أعاد إحياء الشعور القومي العربي بشكل غير مسبوق، ورسخ قناعة لدى الجميع بأن المستهدف ليس دولة بعينها وإنما المنطقة بأسرها، مما يجعل أولويات المنطقة تتغير.

وأوضح الحرمي  أن هذه الرسالة وصلت بوضوح وأثارت موجة تضامن استثنائية مع قطر على المستويين العربي والدولي، وهو تضامن لم نشهده من قبل مع أي دولة أخرى بهذه الصورة الواسعة، متجسدا في حجم الاتصالات والزيارات للوفود الدولية للدوحة وهو ما يعكس حجم الوعي العربي والإسلامي والدولي.

وتوقع الحرمى أن تكون القمة المقبلة مغايرة تماما للقمم السابقة، إذ إن الجميع بات يشعر بأنه في دائرة الاستهداف، وأن الكيان الإسرائيلي لا يعترف بأي خطوط حمراء، ولا يلتزم بمواثيق أو عهود، بل يمارس سياسات عدوانية بلا أي اعتبارات أخلاقية، فقد استهدف الوسيط، واعتدى على كل الأطراف دون استثناء، وأثبت أنه لا يحمل أي رغبة حقيقية في السلام أو الاستقرار بالمنطقة.

ويرى الحرمى أن قطر نجحت في قلب الطاولة على الكيان الإسرائيلي، حيث تعاملت مع العدوان بضبط نفس، وواجهته بحشد عالمي واسع وبمسارات متعددة، فالمسار الأول قانوني، حيث بدأت الدوحة في إعداد ملفاتها وتقديم مذكرات للمنظمات الدولية المختصة.

أما المسار الثاني فهو سياسي ودبلوماسي، يقوم على استثمار مكانة قطر وعلاقاتها الوثيقة مع الدول الكبرى والفاعلة، وهو رصيد تستمده الدوحة من تاريخ طويل من الاحترام المتبادل وأدوار إيجابية في مختلف الملفات الدولية، وهناك أيضا مسار ثالث يرتبط بالعمل العربي والإسلامي الجماعي، من خلال السعي لبلورة موقف موحد ينتقل من دائرة التنديد والرفض إلى دائرة الفعل.

المصدر:الجزيرة