نظام المواقف قراءة قانونية استنادا الى قرار المحكمة الدستورية

2025-04-24 18:05:05

وزارة الحكم المحلي تستند في اصدار والقبول لمشروعيته (القرار/النظام) الخاص بنظام مواقف المركبات في مناطق الهيئات المحلية  والذي يحمل الرقم (3) لسنة 2017 الى قرار المحكمة العليا المنعقدة بصفتها المحكمة الدستورية والصادر بتاريخ 11/05/2010 والذي يحمل الرقم (1/2010).

ألقرار الصادر  ارتكز على عدد من المسوغات وهي ان النظام محل الطعن  استند وزير الحكم المحلي في حينه الى المادة (2/3)  كما استند الى المادة (15) من قانون الهيئات المحلية.

المسوغ الثاني لقرار المحكمة استند الى ان الوزير قد صادق على النظام ولم يصدره، وبالتالي فان المصادقة لا تعني الاصدار من قبل الوزير، فياتي متوافقا مع ما ورد في المادة (15/ب/1) من قانون الهيئات المحلية.

 المسوغ الثالث للمحكمة فان النظام  فرض رسوما تتفق مع ما ورد في المادة (15) وعليه فانه يقع صحيحا ومتفقا مع المادة (88) من القانون الاساسي والذي يقول ان لا ضريبة ولا رسم الا بقانون. 

 سنناقش هذه المسوغات ومن ثم نحيلها الى القرار/النظام الصادر عن وزير الحكم المحلي رقم (3) لسنة 2017 لنفحص هل الارضية محل الادعاء بالمشروعية لنظام المواقف استنادا الى قرار المحكمة الدستورية يقع صحيحا ام لا؟؟

 المادة (2) من قانون الهيئات المحلية والذي ينص في الفقرة (3) منها على ” وفقا لاحكام القانون تقوم الوزارة بما يلي : وضع اية انظمة او لوائح لازمة من اجل تنفيذ واجباتها المنصوص عليها في البنود السابقة او بمقتضى احكام القانون”

قرار المحكمة ذاته يناقض ذاته، فهي استندت على  المادة  (2/3) وعلى المادة (15/ب/1) وهاتان المادتين تختلفان من حيث المسار والسبب والنتيجة. فالاولى وهي المادة (2/3) كانت قد وضعت في ذلك الحين قبل صدور القانون الاساسي الفلسطيني في العام 2003 والتعديلات التي ادخلت عليه في العام 2005 حيث منحت المادة (70) من القانون الاساسي الفلسطيني الحق الحصري لمجلس الوزراء اصدار الانظمة واللوائح المتعلقة بالقوانين. قبل صدور القانون الاساسي وتعديلاته كان كل وزير يصدر الانظمة الخاصة بوزارته ووفقا للقوانين المكلف بتطبيقها، اما وقد صدر القانون الاساسي الفلسطيني فأن هذه الفقرة من المادة تصبح بحكم القانون ملغية وغير قابلة للنفاذ و/او الاستناد اليها و/او عليها كمسوغ لقرار المحكمة، كما ان المحكمة ذاتها في القرار محل الطعن قالت ان الوزير صادق على الاصدار ولم يصدر، فكيف للمحكمة ان تقبل بهذا الخلط القانوني ، هذا يبعث على ” الحسرة القانونية” ان جاز لنا التعبير.

 فالاستناد الى هذه المادة بعد صدور القانون الاساسي يعد امرا لا محل له من حيث تدرج القواعد القانونية حيث ان التعارض ما بين نص دستوري ونص قانوني يصبح النص الدستوري هو النافذ.

 المحكمة في قرارها اقرت ان وزير الحكم لا يملك الحق في اصدار نظام ، وان الوزير صادق على النظام فقط ، وهنا اقتبس من قرار المحكمة ” وحيث تجد المحكمة ان المستدعى ضده الاول وزير الحكم المحلي صادق على النظام محل الطعن الماثل، وبان هذه المصادقة تعني الموافقة على هذا النظام على نحو ينهض معه القول بأن النظام المذكور يعتبر صادرا ممن له الولاية….. ممن يملك الحق في الموافقة وهو وزير الحكم المحلي وبالتالي تغدو احكام المادة (15/ب/1) من قانون الهيئات المحلية بعناصرها…..”

بالتدقيق بهذا المسوغ، نجده وبشكل مجرد يقع صحيحا حيث ان وزير الحكم المحلي انذاك في النظام، لم يشير الى عبارة اصدار و/او قرار بل نص في خاتمة النظام على عبارة (نصادق ).

 اما القرار/النظام الصادر في العام 2017 نص على اصداره استنادا الى نص  (15/ب) ولم يشير الى المادة (15/ب/1) حيث انه لا يوجد جهة كالمجلس المحلي قد نسب للوزير قرار وصادق عليه. وبالتالي فان اول المسوغات القانونية التي تعتمد عليه وزارة الحكم المحلي بالقول ان الوزير لديه الحق القانوني باصدار القرار/النظام بناء على قرار المحكمة الدستورية يصبح غير صحيح بل يخالف قرار المحكمة الدستورية. والدليل على ما نقول ان وزير الحكم المحلي عندما اصدر انظمة تتعلق بالنفايات نراه يشير في ديباجة القرار وبناء على قرار مجلس بلدي….. كذا حيث ان المادة (15/ب) اسندت الاقرار للانظمة للبلديات على ان يوافق عليها الوزير وفقا للمادة (15/ب/1) من قانون الهيئات المحلية.

 اغفلت المحكمة انذاك ان نص المادة (15/ب) تتحدث عن كل مجلس على انفراد ولم يشير النظام الصادر في العام 1998 الى اي جهة قامت باتخاذ القرار من الهيئات المحلية حتى يصادق عليها الوزير وهنا تكون المحكمة مع الاحترام قد وقعت للاسف بجهالة قانونية في التعامل مع النص.

ألمسوغ الثالث، نجد ان المحكمة مع الاحترام خلطت ما بين الانظمة الصادرة وفقا لقوانين تنص صراحة على فرض الرسوم والضرائب، وبين الانظمة، فأننا نضيف ان النص الدستوري جاء واضحا ان الضرائب والرسوم تفرض من خلال قوانين فقط، وليس من خلال انظمة صادرة بموجب القوانين. اي ان النص الدستوري جاء حامي للحقوق المالية للمواطنين ولم يرغب بترك فرض الرسوم بيد السلطة التنفيذية من خلال انظمة، لان الانظمة فقها وقانونا القصد من اصدراها هو تفسير النصوص الواردة في القوانين لا ان تنشأ الانظمة قواعد قانونية جديدة توسع من صلاحيات وسلطات الجهات التنفيذية، فان كان الهدف من الانظمة هو تفسير النصوص القانونية كيف للانظمة ان تنشا التزامات مالية ورسوم جديدة لا اساس قانوني لها.

 المادة (15/ب) عندما وضعت لم يكن هناك نص في القانون الاساسي او بالاحرى لم يكن هناك قانون اساسي اصلا.فكيف اغفلت المحكمة هذه القواعد الدستورية والتي تعتبر من المسلمات وهذا ايضا يثير “الحسرة القانونية”

ان سلمنا جدلا ان قرار المحكمة  بصفتها الدستورية صحيحا من حيث ان القرار الصادر والمصادق عليه من وزير الحكم المحلي في العام 1998 وقع صحيحا فان وزير الحكم المحلي في العام 2017 لم يشير الى امرين هامين في القرار بانه يصادق على النظام، ولم يشير الى اي مجلس هيئة محلية نسب له القرار وبالتالي اصبح القرار/النظام فاقد للمشروعية الدستورية وحري بالوقف والالغاء دون تأخير.