نتنياهو وخطاب "البالوعة"

2025-04-20 14:21:29

من المرات القليلة التي يُعلن نتنياهو عن خطابٍ سوف يلقيه قبل أكثر من أربع وعشرين ساعة.

قدّر المتابعون أن ترويجاً بهذه الصورة، لابد وأن يحمل مفاجأة دراماتيكية تستحق كل هذا التشويق والترويج، إلا أن المفاجأة الحقيقية كانت أن الخطاب من أول كلمة حتى آخر كلمة لم يقل شيئاً جديداً، ما أكّد عمق المأزق الذي يعاني منه نتنياهو، ولكنه لا يعترف صراحةً به، وهذا ما لم يخفى على متابعيه من الإسرائيليين الذين وصفوا الخطاب بأنه مجرد كلامٍ فارغ، وترويجٍ لسياسته العبثية التي ستؤدي إلى التضحية بالرهائن ومواصلة حربٍ لم يعد ممكناً حسمها.

وضع نتنياهو إسرائيل بمواطنيها المحتجين عليه، وجيشها الممتنع بنسبة عالية عن الخدمة، وجنرالاته الذين يعتبرونها مجرد حربٍ لمصلحته الشخصية، ومئات الألوف من موقعي العرائض المطالبة بوقف الحرب، وضعهم جميعاً أمام استثماره الشخصي لحربٍ لم يعد له من سبب جدي لمواصلتها سوى إبعاد مقصلة المسائلة عن رقبته، حتى لو انهارت الدولة ومؤسساتها.

استخدم نتنياهو مفردة "البالوعة" التي لا بد وأن تمتص كل ما ادعاه من انتصارات في غزة، وعلى الجبهات السبع، مكرراً أوصافه الخيالية لحربه الشخصية على أنها حرب وجود إسرائيل وقيامتها، بينما هي خوف من أن تمتصه "البالوعة" شخصياً، جرّاء تهوره في حرب إبادة جعلته متهماً أمام محكمة الجنايات ومطلوباً للعدالة الدولية، ومتهماً كذلك أمام غالبية الجمهور الإسرائيلي.

نتنياهو في عمق مأزق لا مخرج له منه، وما زاد من مخاوفه حد الرعب، الأخبار التي تأتي من واشنطن وهي في اتجاهين، الأول استعجاله في إنهاء الحرب قبل توجه الرئيس ترمب إلى السعودية، ويبد أن هذا ما يحرجه لعدم مقدرته على تحقيق المطلوب منه، والثاني الأخبار التي تصدر عن واشنطن بأن تقدماً جيداً جداً حدث في محادثات روما بين ويتكوف وعراقجي، ما وضعه خارج اللعبة، حيث مصيره السياسي وجوداً وعدماً يتحدد في واشنطن.

أمرٌ آخر عمّق شعور نتنياهو بالمأزق الذي تردى إليه وهو عودة الإدارة الأمريكية إلى فتح حوارٍ مباشرٍ مع حماس، تحت ساتر الإفراج عن المحتجز الأمريكي، بينما مخاوف نتنياهو تصور له أن وراء الأكمة ما ورائها.