اطفال فلسطين يولدون كباراً

2025-04-17 20:39:17

سأل أحد الصحفيين الطفل أمير أبو ريدة يوم 20 اب 2024 ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر بلا تردد أجاب أريد أن أصبح إنسانا، يشار الى ان امير مولود يوم 22/8/ 2012، لم تمضي ثلاثة أيام على سؤال الصحفي لأمير وبالتحديد في ذكرى ميلاده يوم 22/8/2024، عاجله الاحتلال بصاروخ وهو في طريقه للمشاركة في جنازة صديقه محمد قديح ابن الاحد عشر عاما والذي وجدته الطيور تحت أنقاض بيت جدته وللبحث عن حليب لأخيه الصغير، فارتقى شهيداً اميراً، كبيراً وانساناً.

في موقع آخر وسط قطاع غزة، صحفي آخر سأل طفل آخر جريح يدعى سلام ماذا تطمح أن تصبح عندما تكبر؟ فأجاب سلام نحن اطفال فلسطين لا نكبر لأنه (بطخونا) يطلقون علينا نيرانهم ويقتلوننا ونحن صغا، لم يكن يعلم سلام بأنه أكبر من كل قادة العالم رغم صغر سنه، لم يكن يعلم ان جروحه ستشكل وصمة عار على جبين الانسانية.

منذ ما قبل انشاء الكيان عمد صناع القرار في دول الاستعمار خاصة في بريطانيا الى وضع مسوغات ومبررات تعتمد على الغيبيات، واللاهوتيات للسيطرة على مقدرات المنطقة العربية (المسمى استعماريا الشرق الاوسط) اضافة الى ضمان عدم وحدة المنطقة حتى لا تشكل عائقا امام تلك الهيمنة، خاصة وان عوامل الوحدة بين مكونات الدول العربية اقوى منها لدى اي مجموعة دول اخرى.

فالكثير من النصوص التلمودية تمت صياغتها خدمة للمشروع الاستعماري والذي تعتبر الحركة الصهيونية احدى ادواته، وللدلالة على ما نقول فقد قرر اوليفر كرومويل منح اليهودي يوسي منسي مدينة طبريا. كان كرومويل قد وعد يهود انكلترا بسداد الديون التي تراكمت عليه عبر منحهم دولة على شواطئ البحر الابيض المتوسط.

عندما تأسست الحركة الصهيونية ووقع الاختيار على فلسطين لإقامة الدولة اليهودية أصبح من الضرورة بمكان تهيئة الأجواء خاصة وأن فلسطين كانت جزء من الامبراطورية العثمانية، حيث أن اقامة الكيان تقتضي موافقة الامبراطورية وأن تعذر فهزيمة العثمانيين ستعيدهم لى حدود تركيا التي سبقت قيام الامبراطورية.

بما أن فلسطين كانت مسكونة بشعب له جذور في التاريخ والحضارة كان لا بد من ايجاد المصوغات التي وردت في فقرة سابقة وأهمها أن فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وأنها هي الأرض التي وعد الله بها بني اسرائيل.

أعد رئيس وزراء بريطانيا كامبل بنرمان وثيقته المشهورة بحضور عدد من دول اوروبا، وقد استغلت بريطانيا والدول الاستعمارية نتائج الحرب العالمية الاولى والتي هزم فيها العثمانيين والالمان لتوزيع المناطق التي خرجت عن سيطرة الاتراك بين الدول الاستعمارية وقد اختارت بريطانيا فلسطين لكي تسهل قيام الكيان الصهيوني، ومن أجل ذلك وكما ورد في مقال سابق حصلت على تكليف من عصبة الأمم لإدارة شؤون فلسطين اضافة الى قرار يمنع اليهود من دخول بريطانيا حتى يكونوا مجبرين على الهجرة.

اما الحركة الصهيونية فقد وضعت استراتيجية تقضي بارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين لتحقيق هدفين رئيسين، الاول قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين والثاني دفع من تبقى للهجرة تحت نظرية ان الكبار يموتون والصغار ينسون، كانوا يعتمدوا في ذلك على فتاوى تلموديه، كتلك التي تقول إذا استشعرت بان طفلا من الاغيار سيشكل خطرا على اي يهودي ولو بعد عشرين عاما فاقتله، وقد اختلفت طريقة القتل حسب الظروف.

يقول الكاتب الاسرائيلي التقدمي اسرائيل شاحاك في كتابه الديانة اليهودية ان هناك نص تلمودي يمنع القتل المباشر ويستعيض عنه بنوع آخر من الموت ويعطي مثال إذا مر يهودي بغوييم (اغيار) يحفرون بئرا فلا يجب ان يقتلهم لأنه حرام لكن بإمكانه نزع السلم الذي يستخدمونه للصعود من البئر وبذلك يموتون وحدهم.

اما يؤاف جالانت فقد قال أن ليس في غزة أبرياء بل وحوش بشرية مما يبرر هذا الكم من القذائف وهذا العدد من الضحايا خاصة الاطفال والنساء، وبما ان مقولة الكبار يموتون والصغار ينسون فقد عمد الجيش الاسرائيلي للقضاء على اكبر عدد من الاطفال طمعا في محو القضية من الذاكرة وايجاد هوة بين الحاضر والمستقبل تحول دون انتقال تلك القضية الى المستقبل، فقتل الاطفال سيوجد فراغ اجيال وقتل النساء سيحول دون ولادات جديدة تؤدي إلى توالي وتعاقب الاجيال.

اما اسرائيل كاتس وامثاله فقد ذهبوا بعيدا في تفسيراته التلمودية بحيث مزجوا بين الاسلوبين القتل عبر اطنان القنابل او القتل عبر حرمان اهل القطاع من كل مقومات الحياة، وهذا يشبه الى حد كبير رفع السلم من تلك البئر. لقد وعد سموتريتش من يبقى شبه حي من اهل غزة بان يجد له مأوى آمن خارج فلسطين بمساعدة ترامب الذي يريد غزة منتجعا له. طبعا القصة لا تقف عن غزة فالمشروع يشمل كل فلسطين واجزاء من العديد من الدول الغربية، لن ينجحوا في ذلك، للأمير امير ولصديقه محمد ولكل شهداء فلسطين الرحمة ولذويهم حسن العزاء ولفلسطين كل فلسطين الحرية.

ماذا نحن فاعلون امام كل ما سلف ؟الخطوة الاولى تقليص عدد الامراء امثال الامير الانسان امير ابو ريدة ،العمل على توفير ما امكن من مقومات الحياة لكي يبقى من تبقى من سكان فلسطين خاصة سكان قطاع غزة قابضا على الجمر صامدا علينا ان نجعل كلفة الاحتلال غالية بكل الوسائل الممكنة والمناسبة واولها مقاطعة البضائع الصهيونية والاستعاضة عنها بمنتجات فلسطينية ما امكن وان تعذر فمستوردة، تشجيع استصلاح الاراضي لحمايتها من السلب ولتسهم في انتاج محلي يعزز مشروع الاكتفاء الذاتي، العمل على انشاء اقتصاد وطني يقصر مدة الاعتماد على الخارج ويحد من البطالة ،نتاج زيادة اعداد الكفاءات وفي كل المجالات يمكن البحث عن سوق عمل لهؤلاء في الدول الشقيقة، ولس اخر المطاف توفير رعاية نفسية لكل متضرري العدوان على غزة خاصة ماجدات فلسطين اللواتي كن في المقدمة في كل المجالات اضافة الى حاجتنا الماسة لكي يَعدنَ الماجدات الى خصوبتهن لزيادة الولادات من حملة الراية في المستقبل لنعوض ما لا يعوض وهم الشهداء الاكرم منا جميعا.