خاص| ما هي متطلبات حماية البنى الاجتماعية والسلم الأهلي في فلسطين؟

خاص - راية
سلط برنامج "قضايا في المواطنة" الذي يبث عبر "رايــة" الضوء على متطلبات حماية البنى الاجتماعية والسلم الأهلي في فلسطين.
الناشط في مجال السلم الأهلي د. هايل هوارين تحدث حول التحديات التي تواجه السلم الاهلي في الضفة وقطاع غزة في ظل العدوان وحرب الإبادة الجماعية المستمرة بحق شعبنا، وسياسة فصل التجمعات السكنية واستهداف المؤسسات الرسمية الفلسطينية.
وقال د. هوارين إنه "عندما نتحدث عن السلم الأهلي أو المجتمعي يجب التمييز بين الأسباب الخارجية أو الداخلية"، موضحا أن وجود الاحتلال الإسرائيلي هو أكبر عامل خارجي لتشويه حالة السلم المجتمعي والأهلي.
وأضاف: "أي احتلال في الوجود يضع نصب عينيه أن لا يكون المجتمع على وئام وفي حالة سلم بين كل القوى وشرائحه أو في العلاقات البينية بين الأشخاص أو التجمعات والتكتلات".
وتابع: "نحن ننظر إلى السلم الأهلي على أنه أحد أهم الركائز في تثبيت الإنسان على أرضه وقوته في الدفاع عنها ورفض المشروع الذي يتعرض له شعبنا"، مشددا على أهمية الوحدة الوطنية والثقافية ومفهوم الوطن والمواطنة والعدالة الاجتماعية، تمثل أهم الأسس لدفع هذا الخطر الذي يهدد مجتمعنا وكل المجتمعات تحت الاحتلال.
وبين أن تقطيع أوصال الضفة والحواجز التي قد تصل إلى 1000 حاجز والاقتحامات وهدم البيوت ومصادرة الأراضي واعتداءات الاحتلال، من شأنها أن تنعكس على المواطن والمجموعات والشرائح الفلسطينية.
وأكد ضرورة أن يكون هناك تفاهم فلسطيني داخلي بخصوص تثبيت العدالة وحرية التعبير ومحاربة الجهل وسن القوانين الضامنة وانتظام العمل المؤسسي للمؤسسات التشريعية والتنفيذية والاجتماعية من أجل تحصين المواطن ثقافيا ووطنيا في درأ هذا الخطر الداهم.
بدوره، تطرق مستشار محافظ القدس معروف الرفاعي، حول تهديد السلم الأهلي بالمدينة، إذ قال: "كان لنا تجربة في محافظة القدس فيما يخص السلم الأهلي"، موضحا أن هناك دائرة في المحافظة كما كل محافظة، خاصة بالسلم الاهلي، تعنى بحل القضايا الاجتماعية، لكن في الفترة الأخيرة تصاعدت حدة المشاكل العائلية، وازداد عدد القتلى بالمحافظة بشكل لافت.
وذكر الرفاعي أنه في بلدة واحدة قتل أكثر من 19 فلسطينيا نتيجة هذه الأحداث المؤسفة، يضافوا إلى العشرات من القتلى والمصابين خلال السنوات الماضية، وما يزيد عن 33 عملية إحراق ممتلكات.
وأشار إلى الحادث الأخير في بلدة العيزرية قبل أشهر والذي راح ضحيته ثلاثة مواطنين، مبينا أنه جعل المحافظ يعطي توجيهات، بضرورة أن تكون هناك حملة توعوية تثقيفية لتوعية المواطنين بأهمية التسامح والسلم الأهلي والتوجه إلى أصحاب الخبرة والمشورة والعشائر والكبار والدين بدلا من العنف والقتل.
وأفاد الرفاعي بأن المحافظة أطلقت حملة (رحماء بينهم) وما زالت مستمرة، حيث اعتمدت على عدة محاور، الاول إعلامي بالتعاون مع وسائل الإعلام المحلية، ومحور بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم عبر حصص صباحية والإذاعة في المدارس، ومحور مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وآخر مع العلاقات العامة في الأجهزة الأمنية.
ولفت إلى أن هناك خصوصية كبيرة لمحافظة القدس، إذ أن الأجهزة الأمنية لا تستطيع الوصول لهذه المناطق، إلا بالتنسيق مع الاحتلال الذي لا يعطي التنسيق بسرعة لحل المشاكل والتواجد فور وقوع المشكلة.
ونبه الرفاعي إلى أن الاحتلال يغض النظر في امتلاك السلاح في بعض المناطق في محافظة القدس، لأنه يعلم أنه غير موجه ضد "أمن إسرائيل"، إنما للمشاكل العائلية، لذا لا يعنى بمحاربة وجمع هذا السلاح.
وخلال تلك الحملة، كما تحدث الرفاعي، جرت لقاءات في مناطق مختلفة وسط وضواحي القدس، وتم الخروج بتوصيات، أهمها، تشكيل لجنة للسلم الأهلي، تابعة للمحافظة، تكون هي فقط معنية بحل هذه المشكلات، في ظل وجود جهات تتدخل بطريقة غير سليمة لحل النزاعات، كما أن المحاكم الفلسطينية تظل فيها المشاكل عالقة لسنوات، مما يصعب منها بدلا من حلها العاجل.
وأضاف أن "مجمل التوصيات تم رفعها للقيادة السياسية، وننتظر عقد مؤتمر بحضور شرائح المجتمع المقدسي لأخذ هذه التوصيات ورفعها بشكل رسمي والعمل بها بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وشؤون المحافظات والقيادة السياسية والأمنية في البلاد".
وأوصى الرفاعي، بضرورة الاعتماد على التثقيف والتوعية في المدارس ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والبت في القضايا التي تصل للأجهزة الامنية والقضاء بسرعة خصوصا مشكلات الإرث والأراضي دون تدخل أي جهة، وتشكيل لجنة للسلم الأهلي يكون فيها رجال عشائر وسلم أهالي ومهندسين ورجال أمن وكل قطاعات المجتمع؛ لأن لكل رجل فيها دور يمكنه الخدمة فيه.
أما الاستشاري في قضايا المجتمع المدني محمود عبد الهادي، فقد قال إن كل الجهود تتعلق بحماية السلم الأهلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى الآن، تندرح تحت الاجتهادات وليس في سياق استراتيجية وطنية محددة في ظل غياب وثيقة وطنية لذلك؛ لأن السلم المجتمعي والمجتمع بكل مكوناته هو الحاضنة للقانون والدولة.
وأضاف عبد الهادي: "الأصل أن المعاناة الجماعية توحد الشعوب ويمكن الارتكاز عليها، فكل مجتمعنا يعاني من الاحتلال وإرهاصاته وتبعاته وكل أشكاله وأنماطه. من يعتقد أن الحرب على قطاع غزة بدأت في السابع من أكتوبر أو قبل مخطئ، إنما الحرب على الفلسطينيين أجمع الأساس فيها استهداف السلم الأهلي لأن ذلك يؤدي إلى تفكك القضية وإحداث فجوة سياسية واجتماعية".
وأفاد بأنه يمكن للمكونات المجتمعية الفلسطينية أن تلعب دورا حيويا ورئيسيا عبر تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعية، من خلال توفير منصات محلية للحوار وتكون آمنة بين مختلف المكونات؛ من أجل تعزيز التفاهم المشترك وتقليل الانقسامات بقدر الإمكان، وأيضا خلق مبادرات لتعزيز الوحدة والتماسك المجتمعي وتخفيف الانقسامات السياسية التي تعتبر واحدة من إرهاصات الاستهداف المباشر للسلم الأهلي وممارسات وسياسات الاحتلال.
وأوضح أن الانقسام السياسي الموجود في الأراضي الفلسطينية، يعزز الانقسام الجغرافي، ما يؤدي لانقسام إداري وتشققات في المجتمع، تؤثر بالسلب على السلم الأهلي، مشددا على ضرورة ملء الفراغ الذي تتركه المؤسسات الرسمية والتي تواجه تحديات عظمى حتى في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين مثل الصحة والتعليم.
واستطرد عبد الهادي قائلا إن ما تحدث عنه يمثل فسيفساء تشكل الدرع الحامي للمجتمع الذي يعزز من حالة السلم الأهلي.
كما تطرق عبد الهادي إلى دور منظمات المجتمع المدني في حماية النسيج المجتمعي خلال الأزمات. وقال إنها يمكن أن تقوم بأدوار مهمة وعديدة، مثل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية الفورية للمتضررين بعدالة وبما يلبي الاحتياجات الأساسية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي وإعادة بناء الروابط الاجتماعية المتضررة.
ولفت إلى أهمية العدالة في توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية في قطاع غزة وبعض مناطق الضفة، التي تشكل هذه المساعدات أهمية بالغة للمواطنين فيها؛ لأن من شأن عدم العدالة وغياب المساواة، زيادة الشرخ في السلم الأهلي.
وواصل الحديث عن دور منظمات المجتمع المدني بهذا الإطار، قائلا إنه يمكنها أن تلعب دورا مهما في تعزيز صمود المواطنين والتماسك الاجتماعي، عبر بناء مبادرات لبناء السلم المجتمعي وتعزيز الاعتماد على الذات والانتماء للأرض والوطن والشعور بالهوية الوطنية.
وأشار إلى أنه يمكن لهذه المؤسسات أن تلعب دورا في توثيق الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون من الاحتلال، وأيضا تقديم المشورة والدعم القانوني وحملات المناصرة والضغط؛ لضمان حماية المدنيين وإنهاء الانتهاكات المتكررة التي يتعرضون لها.
وبحسبه، هناك دور مهم لمؤسسات المجتمع المدني، هو المساهمة في عملية إعادة الإعمار والتنمية سواء في غزة أو الضفة، عن طريق تقييم الأضرار والمشاركة في الإعمار وتعزيز التنمية المستدامة والعمل على تحسين ظروف الناس الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي على المدى القصير والطويل.
وجدد عبد الهادي التأكيد على أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني في حماية السلم الأهلي وتماسك المجتمع وتعزيز صمود المواطنين، لذا يستهدفها الاحتلال بشكل مباشر ويضع قيودا صعبا أمام عملها، تحديدا في قطاع غزة وبعض مناطق الضفة، التي تواجه العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وبرنامج "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة " REFORM " ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة.
وفيما يلي الحلقة كاملة: