نبض الحياة: الفرق بين الزيارتين

2025-04-09 10:43:34

بعد تولي الرئيس دونالد ترمب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأميركية لولاية ثانية 20 كانون ثاني 2025، أعطى أولوية للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ودعاه للبيت الأبيض في يوم الاثنين الموافق الرابع من شباط / فبراير الماضي، أي بعد أسبوعين من جلوسه على كرسي الحكم، كأول زعيم سياسي يلتقيه، واستقبله بحفاوة ملفتة للنظر، فضلا عن تماهىه مع خيار الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في مواصلة الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وأفرج عن القنابل التقيلة والأسلحة التي منعت إدارة الرئيس الأميركي السابق ، جو بايدن تصديرها لإسرائيل، وغيرها من الأسلحة بقيمة 12 مليار دولار أميركي، والأخطر في مواقف ترمب دعوته في المؤتمر الصحفي المشترك فجر الثلاثاء بتوقيت فلسطين الخامس من ذات الشهر مع ضيفه الإسرائيلي الى تهجير الفلسطينيين من القطاع بشكل كلي ودائم الى كل من مصر والأردن، وطلب من النظامين  الشقيقين السماح باستقبال المهاجرين الفلسطينيين، واقامة ريفيرا الشرق الأوسط على أراضي القطاع، مسقطا حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وحقوقه السياسية والقانونية في أرض وطنه الام فلسطين. لكن القيادتين المصرية والاردنية رفضتا الاستجابة لدعوة الرئيس ال47 لأميركا الشمالية، وبالتدريج تراجع الزعيم الجمهوري عن خيار التهجير القسري، وقام ممثلو الإدارة بتدوير الزوايا، وشذبوا مواقف رئيسهم. وبالتالي كانت الزيارة الأولى لرجل إسرائيل القوي ناجحة بامتياز، وحققت نتائج تفوق ما توقعه وائتلافه من سيد البيت الأبيض.
بيد أن الزيارة الثانية لنتنياهو لواشنطن أول أمس الاثنين 7 نيسان / ابريل الحالي، أي بعد شهرين من الزيارة الأولى والتي جاءت باستدعائه على عجل، ودون ترتيب مسبق، لم تحظ بالحفاوة التي حظي بها في الزيارة الأولى، كما ألغى الرئيس الأميركي المؤتمر الصحفي، واستعاض عنه بدردشة صحفية مع 13 صحفيا معتمدين في البيت الأبيض، مع انه كان هناك نحو 100 صحفي من مؤسسات إعلامية أميركية وإسرائيلية ودولية ينتظرون المشاركة في المؤتمر الصحفي، مما أثار استياء وسائل الاعلام الإسرائيلية، ليس هذا فجسب، بل ان الملفات ال 4 الرئيسية التي طرحت على طاولة النقاش بين الزعيمين، وهي ملف الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة على إسرائيل اسوة ب180 دولة من العالم، والملف النووي الإيراني، والملف التركي والملف الفلسطيني الإسرائيلي، لم يحقق رئيس الوزراء الإسرائيلي أي نجاح فيها، لا بل يمكن الجزم، انه فشل في انتزاع أي انجاز يذكر، وهذا ما أكدته وسائل الاعلام الإسرائيلية والأميركية والدولية
ففي ملف الرسوم الجمركية رفض ترمب التراجع عن النسبة المحددة منها على إسرائيل، وهي 17%، وقال في الدردشة الصحفية، أن الولايات المتحدة تقدم 4 مليار دولار كل عام لإسرائيل، وأضاف " لا تنسوا، نحن نساعد إسرائيل كثيرا، نمنحها 4 مليارات دولار سنويا، وهذا مبلغ كبير. نمح إسرائيل مليارات الدولارات سنويا. مليارات. انها الأعلى التي نمنحها لأي دولة". وبالتالي عليها ان تلتزم بما قررته الإدارة الأميركية، مع ان نتنياهو كان يتوقع ان تلغي الرسوم الجمركية عنها، أو على الأقل تخفيضها في أسوأ الأحوال.
كما فاجأ الرئيس الأميركي رئيس الوزراء الإسرائيلي بالمفاوضات المباشرة مع إيران بشأن ملفها النووي في سلطنة عُمان يوم السبت القادم 12 ابريل الحالي، ورغم تحذيره لإيران بعظائم الأمور، الا انه ركز على الذهاب الى الحل السياسي والمفاوضات بدل اللجوء للحل العسكري، الذي كان نتنياهو يسعى ويعمل من اجله.
وفي الملف التركي، أبدى الرئيس ترمب "إعجابه الخالص" بحليفه التركي، رجب طيب أردوغان، ولم يلتفت لمخاوف نتنياهو من توسع النفوذ التركي في سوريا، وغض النظر عن التقارير الإسرائيلية كافة، التي اشارت الى ان التدخل التركي في سوريا، انه أمسى يشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل، وطالب رئيس الائتلاف الحاكم في إسرائيل "بحل جميع مشاكله مع تركيا بعقلانية." واقترح ان يكون وسيطا بين الزعيمين التركي والإسرائيلي، مما أثار انزعاج نتنياهو.
وأما الملف الفلسطيني الإسرائيلي، ورغم أن الزعيم الجمهوري كان مشتت الذهن بين خياره الأول الداعي للتهجير القسري للفلسطينيين من القطاع، وبين وقف اطلاق النار والوصول لاتفاق للأفراج عن الرهائن الإسرائيليين، الا انه كان أكثر ميلا للرؤية الثانية، لا سيما وانه سيزور المنطقة مطلع أيار / مايو القادم، وسيتلقي مع الزعماء العرب، أضف الى أن محادثة مع الرؤساء ماكرون والسيسي والملك عبدالله أول امس معه قبل لقائه مع نتنياهو، جعلته يعطي أسبقية للخيار الثاني، وهذا زاد من استياء رئيس الوزراء الإسرائيلي، مما دعاه لمغادرة واشنطن على عجل، وهو يحمل خيبة أمل كبيرة من زيارته الثانية، مع أن بعض المصادر الإعلامية سربت خبر إمكانية تمديد نتنياهو لزيارته لواشنطن. لكن رياح البيت الأبيض عاكست سفينته، مما اضطره للعودة لتل ابيب، وهو مشحون بالغضب والخيبة. وسيكون لنتائج الزيارة تأثيرات سلبية على الائتلاف الحاكم عموما ونتنياهو شخصيا في الشارع الإسرائيلي