خاص | الاستيطان الرعوي: أداة جديدة لتوسيع السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة

2025-04-08 14:20:13

تكشف التقارير الحقوقية والبحثية عن تصاعد لافت في ممارسات الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية، حيث يتم دفع المجتمعات الرعوية الفلسطينية الصغيرة إلى مغادرة أراضيها بفعل التوسع الاستيطاني، ما يؤدي إلى تقليص المساحة المعيشية المتاحة للفلسطينيين لصالح المستوطنين.

ووفقًا لتقارير نُشرت الأسبوع الماضي، فإن ما جرى في خربة "جنب" جنوب مسافر يطّا، يُعدّ جزءاً من هجوم ممنهج يطال مناطق متعددة في الضفة الغربية بهدف السيطرة على المناطق المصنفة (ج). وتشير البيانات إلى أن الاحتلال، وبمساعدة حكومته، عمل على إنشاء ما يقرب من 150 مزرعة رعوية خلال السنوات الأخيرة، العشرات منها تم إنشاؤها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي هذا السياق، قال أمير داوود، مدير التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في حديث خاص لــ"رايــة"، إن المستوطنين باتوا يسيطرون اليوم على نحو 860 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، أي ما يعادل 14% من مساحتها.

وأضاف داوود أن هذه الأرقام، وإن كانت صادمة بالنسبة للرأي العام، إلا أنها موثقة من قبل مؤسسات مختصة مثل "كرم نبوت" و"السلام الآن"، التي تعمل بمهنية عالية في هذا المجال.

وأشار داوود إلى أن 80% من هذه الأراضي لم تُصادر حديثًا من الفلسطينيين بشكل مباشر، بل كانت قد صادرتها دولة الاحتلال في العقود الماضية تحت ذرائع مثل "أراضي الدولة"، "مناطق نفوذ المستوطنات"، أو "مناطق تدريب عسكري". لاحقًا، تم السماح للمستوطنين باستخدام هذه الأراضي، وسط تجاهل رسمي واضح لهذا التعدي.

وأوضح أن هناك نسبة صغيرة فقط – لا تتجاوز 3% – تمثل أراضي فلسطينية خاصة تمت السيطرة عليها بشكل مباشر من قبل المستوطنين، بينما النسبة الكبرى من الأراضي المستولى عليها تم تخصيصها عبر آليات رسمية منذ عقود.

ولفت داوود إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تُعرف بأنها "حكومة استيطان استعماري"، تُقدم تسهيلات غير مسبوقة للمستوطنين، وتشجع بشكل مباشر على السيطرة على الأراضي الفلسطينية.

واعتبر أن العلاقة بين المؤسسة الرسمية والمستوطنين تقوم على "تبادل وظيفي"، حيث يتم تغطية أي سلوك استيطاني بغطاء سياسي وإداري.

وفي ما يتعلق بمصطلح "الاستيطان الرعوي"، الذي بدأ يتردد بكثرة خلال الأسابيع الأخيرة، كشف داوود أن تطورًا غير مسبوق حدث في الشهرين الماضيين، حيث قامت حكومة الاحتلال ولأول مرة رسميًا بتخصيص 16,000 دونم لصالح رعي المستوطنين، وذلك من خلال ما يُعرف بـ"حارس الأملاك الحكومية".

وجاء التخصيص في خمس مناطق مختلفة بالضفة الغربية، في خطوة تهدف إلى شرعنة البؤر الزراعية والرعوية، وهي بؤر تُعرف بتطرف المستوطنين فيها، حيث يقومون بطرد الرعاة الفلسطينيين بالقوة، ثم يفرضون سيطرتهم على الأراضي.

وأشار داوود إلى أن الاحتلال يتجه اليوم نحو تسوية أوضاع هذه البؤر ومنحها غطاءً قانونيًا وإداريًا، إلى جانب تخصيص ميزانيات من داخل الحكومة لدعم الاستيطان الزراعي والرعوي، في تطور يُعد الأول من نوعه.

واختتم داوود حديثه بالتأكيد على أن هذا الاندفاع الاستيطاني ينسجم تمامًا مع طبيعة الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تُوفّر للمستوطنين كل أشكال الدعم والحماية والحصانة، بهدف فرض واقع جديد على الأرض، وتقويض الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية.