ما هو قانون الضمان الاجتماعي الذي نريد؟
الكاتب: محمد العاروري
ضمان الاجتماعي هو ضمان العيش الكريم خاصة بعد سن التقاعد ومن حيث أن للحماية الاجتماعية وظيفتان هما :
1- وظيفة أمان جوهرية: يجب أن تضمن لكل فرد من أفراد المجتمع يواجه العوز الحد الأدنى من الدخل النقدي والخدمات الصحية التي تمكنه أسرته من حياة اجتماعية كريمة.
2- وثيقة تثبيت الدخل: وهي تمكن أفراد المجتمع العاملين من تكوين حقوق تخولهم الاحتفاظ بمستوى من معيشي لائق خلال فترات البطالة والمرض (والولادة للنساء) والشيخوخة والعجز عندما تكون طرق كسب الدخل الأخرى غير ممكنة.
من هم المستفيدين من الضمان الاجتماعي ؟؟؟
هم كافة الموظفين والعاملين في القطاع الخاص والاهلي بما في ذلك أساتذة وموظفي الجامعات والبنوك والشركات والعاملين في المستشفيات الخاصة والمدارس الخاصة والمصانع والمنظمات الاهلية وكافة العاملين بأجر..
لماذا لا ينضم هؤلاء الى هيئة التقاعد والمعاشات حسب قانون 2007 للعاملين في القطاع العام ؟؟؟
كما هو معروف من اسم الهيئة هي للتقاعد فقط والهيئة مشكلة من موظفيين حكوميين وصندوق التقاعد تابع لوزارة المالية أي أن الحكومة هي المسؤولة اداريا وماليا وعليه بامكانها اجراء التعديلات على العاملين في الهيئة والتصرف بأموال التقاعد ومن الممكن أن تقوم بسحب المبلغ الذي تراه من أموال التقاعد كما حدث مؤخرا ... بينما الضمان الاجتماعي يشمل عدة منافع أحدها هو الراتب التقاعدي ولا بد من أن تكون مستقلة ماليا واداريا عن السلطة ويرأس مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تنشأ بقانون خاص بالضمان الاجتماعي مجلس ادارة من أطراف الانتاج الثلاث (الحكومة وممثلي العمال وأصحاب العمل) ... وذلك انسجاما مع اتفاقيات العمل العربية والدولية الخاصة بالضمان الاجتماعي.
لماذا لا نوافق على المشروع المقدم من القطاع الخاص (أي أصحاب العمل) والذي تم اقراره من الحكومة مؤخرا تحت مسمى قانون التقاعد الخاص بتاريخ 18 آذار 2014 ؟؟؟
القانون المقترح من أصحاب العمل ( قانون التقاعد الخاص ) والمقر من الحكومة مؤخرا 18 آذار 2014هو خصخصة الضمان الاجتماعي أي ان أموال العمال ستوضع في شركة خاصة ( كشركة تأمين ) والمسؤول عنها ادارية وماليا هم أصحاب العمل والمقترح أن يكون مديرها العام د. عاطف علاونة الذي يعمل لدي مؤسسة أصحاب العمل ، ان هذا الاقتراح أو المشروع يتناقض وجوهر الضمان الاجتماعي ويتناقض مع اتفاقيات العمل العربية والدولية الخاصة بالضمان الاجتماعي حيث أن الضمان الاجتماعي كجزء من الحماية الاجتماعي هو بالاساس مسؤولية الحكومات على اعتبار أن الضمان الاجتماعي هو حق من حقوق الانسان وعلى الدولة رعاية هذا الحق اذا مطلوب من الدوالة أن تكون جزء من مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي حتى تكون ضامنة للصندوق الضمان الاجتماعي وكذلك الحال يجب أن يكون أصحاب الاستراكات التي تدفع للصندوق وهم العمال ممثلين في ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي الى جانب ممثلي أصحاب العمل ، اذا المطلوب مؤسسة للضمان الاجتماعي تنشأ بقانون ويكون لها مجلس ادارة من أطراف الانتاج الثلاث وتكون هذه المؤسسة مستقلة اداريا وماليا عن السلطة وأصحاب العمل ويأتي هذا أيضا انسجاما مع روح ومضمون الضمان الاجتماعي واتفاقيات العمل الدولية والعربية.
لماذاعلى السلطة الوطنية الفلسطينية وغدا على دولة فلسطين واجب اقرار قانون الضمان الاجتماعي وانشاء مؤسسة الضمان الاجتماعي؟
1- نظرا لالغاء قانون التأمينات الاجتماعية المقر من المجلس التشريعي والرئيس الشهيد ياسر عرفات عام 2003، فبات من الضروي العمل من أجل اقرار قانون الضمان الاجتماعي.
2- ان اقرار قانون الضمان الاجتماعي مع بقية القوانين يعتبر أحد الركائزألأساسية لبناء دولة المؤسسات ... دولة القانون علما أن اقرار القاوانين الفلسطينية هي أحد أشكال السيادة القانونية على الشعب والارض الفلسطينية.
3- ان اقرار قانون الضمان الاجتماعي وتوفير الحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية والمساواة ، يأتي انسجاما مع ما ورد في وثيقة اعلان الاستقلال 1988 والقانون الاساسي 2003 ( الفلسطينيون متساوون في الحقوق لا فرق بينهم على أساس الدين او العرق أو الانتماء السياسي ... الخ ) وعليه وبما أن العاملين في القطاع العام يحصلون على كافة حقوق الضمان الاجتماعي من تقاعد وتأمين صحي وامومة وغيرها وتماشيا مع العدالة الاجتماعية والمساواة فمن حق كافة العاملين في فلسطين أن تتوفر لهم الحماية الاجتماعية.
4- ان اقرار قانون الضمان الاجتماعي وانشاء مؤسسة للضمان الاجتماعي سيعمل على استعادة مستحقات العمال الفلسطينيين الذين عملوا في المشاريع الاسرائيلية الذين استقطع من رواتبهم رسوم التأمي الوطني والتأمين الصحي وذلك بناء على ما تم الاتفاق علية في اتفاق باريس الاقتصادي 1994 الذي نص على ( سيتم اعادة حقوق العمال الفلسطينيين رسوم التأمين الوطني بعد ان تقوم السلطة الوطنية الفلسطينية باقرار قانون الضمان الاجتماعي وانشاء مؤسسة وصتدوق للضمان الاجتماعي).
5- التزاما بما ورد في اتفاقيات العمل العربية التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها مرجعية السلطة الوطنية الفلسطينية وعضو كامل العضوية في جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية ، والتي نصت على أهمية سن قانون للضمان الاجتماعي للدول الاعضاء.
6- كون فلسطين عضو مراقب في منظمة العمل الدولية فمن المفضل التوقيع على اتفاقيات العمل الدولية وخاصة اتفاقية الضمان الاجتماعي.
7- أموال الضمان الاجتماعي يتم استثمارها في مشاريع تساهم في خلق فرص عمل وتطوير عجلة الاقتصاد وبذلك تساهم في مكافحة الفقر والبطالة والحد من الهجرة الطوعية وخاصة في صفوف الخريجين من الجامعات والكليات العاطلين عن العمل..
إضافة إلى أن استثمار أموال الضمان الاجتماعي تعود بالنفع على كافة أفراد المجتمع حيث تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتعمل عل توفير وتحسين الخدمات.
ما هو القانون المطلوب ؟؟؟
1- قانون يضمن انشاء مؤسسة للضمان الاجتناعي وصندوق تحت اشرافها تكون هذه المؤسسة مستقلة ماليا واداريا عن السلطة وأصحاب العمل..
2- أن يشارك في مجلس ادارة هذه المؤسسة أطراف الانتاج الثلاث بالتساوي.
3- المنافع التي يتم تغطيتها :
أ- اصابات العمل وأمراض المهنه
ب- العجز والوفاة
ت- الامومة والطفولة
ث- التأمين الصحي
ج- التقاعد
4- المساهمات أن تكون مساهمة صاحب العمل ضعفي مساهمة العامل فاذا كانت مساهمة العامل 6% تكون مساهمة صاحب العمل 12%.
5- ضمان تمثيل العاملين في كافة اللجان المختصة وعلى قدم المساواة مع الشركاء
6- أن يتم استثمار أموال الصندوق في فلسطين وفي ما يعود بالنفع عل المشتركين ويمنع استثمارها في أي مشاريغ غير مضمونة الربح أو تحتمل المغامرة مثل البورصة ...
7- ضمان حصول العامل على راتب تقاعدي بما لا يقل عن خط الفقر الوطني
8- ضمان شراء سنوات خدمة بما لا يزيد عن خمس سنوات لمن يقل سنوت اشتراكهم عن خمسة عشر عاما
9- تحديد حد أعلى للراتب التقاعدي .
10- سن التقاعد الالزامي للعاملين لكلا الجنسين 60 عاما على أن يكون كل منهما دفع اشتراك 15 عاما
11- التقاعد المبكر للعاملين لكلا الجنسين 55 عاما.
ويمككنا أن نلخص بما يلي:
الضمان الاجتماعي هو حق من حقوق الانسان وعلى الحكومة الفلسطينية وأية حكومة في العالم رعاية وصيانة هذا الحق الذي يأتي ضمن منظومة الحماية الاجتماعي وبهذا فان الحكومة ملزمة بقارا التشريعات ورصد الميزانيات التي تكفل حقوق الانسان ومنها الحق في الضمان الاجتماعي.
من هنا يتضح لنا ضرورة وجود قانون للضمان الاجتماعي ومؤسسة وصندوق للضمان الاجتماعي في فلسطين للأسباب التي ورد ذكرها إضافة إلي أسباب خاصة بالوضع في فلسطين نذكر منها:
أ- أن وجود القوانين والمؤسسات بموجب هذه القوانين وتطبيقها على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 هو بمثابة فرض السيادة القانونية والمؤسساتية للسلطة الوطنية الفلسطينية .
ب- أن الحماية الاجتماعية لعمالنا في هذه الظروف الصعبة تساهم في تعزيز صمود شعبنا وخاصة الطبقة العاملة أي الموارد البشرية التي هي راس المال الذي لا ينضب وأساس اقتصادنا الوطني .
ت- أن السلطة الوطنية الفلسطينية تقوم بتنفيذ برامج مساعدات طارئة اجتماعية وصحية وإنشاء مؤسسة للتأمينات الاجتماعية سوف يساهم في قنونة هذه البرامج ويخفف من على كاهل الحكومة مستقبلا .
ث- أن استثمار أمول الضمان الاجتماعي سوف يساعد في خلق فرص عمل جديدة وبالتالي يخفف من نسبة البطالة والفقر في فلسطين.
ج- أن إنشاء مؤسسة للضمان الاجتماعي في فلسطين ولأول مرة من أطراف الإنتاج الثلاث سوف يساهم إيجابيا في تطوير علاقات العمل والشراكة الثلاثية.
ح- أن إنشاء مؤسسة للضمان الاجتماعي سوف يمكن العديد من المنظمات والاتحادات الدولية من ترجمة التعاطف المعنوي إلى دعم مادي ملموس من خلال المؤسسة خاصة إذا أثبتت هذه المؤسسة مصداقية ونزاهة وشفافية مالية . إن الظروف التي جعلت من البطالة والفقر تصل إلى هذه النسبة العالية جدا هي ظروف ناجمة عن سياسة الاحتلال ( أي ظروف قاهرة ومؤقتة وخارجة عن الإرادة ) . فعلى سبيل المثال كانت نسبة الفقر في منتصف عام 2000 لا تزيد عن 15% وهي نسبة قريبة جدا من نسبة الفقر في العديد من الدول العربية كالأردن على سبيل المثال.
فالتجربة الأردنية رغم حداثتها أثبتت نجاح وجود مؤسسة للضمان الاجتماعي من حيث أن الفائض المتراكم من عام 1997الى 1998بلغ حوالي 985 مليون دولار رغم أن نسبة المؤمنين لا تتعدى أكثر من 36 % من القوى العاملة النشيطة أما اليوم فقد أعلنت مؤسسة الضمان الاجتماعي في الاردن بأنه سوف يدخل صندوق الضمان الاجتماعي عام 2014 مليار دينار أردني ولو أن هذا المبلغ استثمر فسوف يساهم في خلق فرص عمل ودفع عجلة الاقتصاد وحسب دراسة اكتوارية فان صندوق الضمان الاجتماعي في الأردن لن يضطر إلى السحب من أموال الاستثمار لو بقيت نسبة الاشتراكات على ما هي عليه حتى عام 2045 ، وقامت مؤسسة الضمان الاجتماعي في الأردن بالاستثمار في عدة قطاعات اقتصادية هامة وخاصة الفندقة والسياحة على البحر الميت وفي العقبة وغيرها وشغلت هذه المشاريع المئات من العمال.
أن التجربة الأردنية وعلى اعتبار أن الظروف التي يمر بها شعبنا هي ظروف غير طبيعية بل ظروف طارئة خارجة عن إرادته وأن القوانين توضع للمستقبل وبناء على خطة إستراتيجية سياسية واقتصادية واجتماعية وبناء على أن الهرم السكاني في فلسطين يدلل على انه شاب على عكس الدول الأوروبية التي تعاني من أن الهرم السكاني هرم شائخ وبالتالي يزداد عدد المتقاعدين وبالتالي المصروفات. وعلى اعتبار أن صندوق الضمان الاجتماعي في فلسطين سيباشر في الدفع دفعات طويلة الأجل وخاصة الشيخوخة بعد 10سنوات كحد أدنى ، فان هذه العوامل جميعا تدعم وجهة ضرورة الإسراع في اقرار القانون ومباشرة مؤسسة الضمان الاجتماعي في فلسطين عملها في أسرع وقت ممكن خاصة و أن وجهات نظر أطراف الإنتاج لا تختلف على ضرورية إنشاء مؤسسة للضمان الاجتماعي بدليل مشاركة الشركاء الثلاث في مجلس الإدارةالسابق للتأمينات الاجتماعية حين اقر قانون التأمينات الاجتماعية عام 2003 وانما الخلاف حول تعديلات في القانون وإذا أخذنا بالاعتبار أن القوانين ليست جامدة بل تتطور باستمرار فمن الضرورة أن يتم تعديل القوانين بين فترة وأخرى لتتلائم مع روح العصر وحاجة الجماهير.