"أطفال غزة، شخصية العام"
الكاتب: حسن مقداد
في عالمٍ اعتاد أن يختار “شخصية العام” من بين أصحاب النفوذ والشهرة، يبرز هذا العام اختيار مختلف، اختيار لا تحكمه القوة ولا الأضواء، بل تحكمه الإنسانية، إنهم أطفال غزة، الذين تحوّلوا إلى رمز عالمي للطفولة الجريحة.
يستحقون أطفال غزة أن يكونوا شخصية العام بقلوبهم الصغيرة وتأثيرهم الكبير.
أطفال غزة هم قبل كل شيء أطفال.. كانوا يحلمون بأيام عادية، بمدرسة دافئة، وضحكة صافية، ولعبة بسيطة تشبه أحلام أقرانهم في كل مكان، لكن الواقع فرض عليهم حياة قاسية لم يختاروها، فكبرت أسئلتهم قبل
أوانها، وأصبح الصمت أحيانًا لغتهم الوحيدة.
ورغم كل ما مرّوا به، ما زالت في عيونهم قدرة مذهلة على التمسك بالحياة. نراهم يبتسمون، يرسمون، يتشاركون القليل الذي يملكونه، وكأنهم يصرّون على تذكير العالم بأن الطفولة لا تموت بسهولة.. تلك التصرفات البسيطة، الخارجة من قلوب صادقة، كانت أقوى من أي خطاب، وأكثر تأثيرًا من أي كلمات.
لقد وصل صوت أطفال غزة إلى العالم دون أن يتكلموا كثيرًا.. صورهم، نظراتهم، وملامح وجوههم حركت مشاعر الملايين، ودفعت الناس للتساؤل: كيف يمكن لطفل أن يتحمل ما لا يحتمله الكبار؟ وكيف يمكن للعالم أن يعتاد رؤية ذلك؟
اختيار أطفال غزة شخصية العام هو اعتراف بأنهم ليسوا مجرد ضحايا، بل بشر لهم أسماء وأحلام وحق في الأمان.. هو تذكير بأن الطفولة يجب أن تكون محمية في كل مكان، وأن إنسانية العالم تُقاس بقدرته على حماية أضعف أفراده.
في النهاية، أطفال غزة ليسوا قصة عابرة في الأخبار، بل علامة فارقة في ضمير الإنسانية، وإذا كان لا بد لشخصية العام أن تمثل ما هو أهم فينا كبشر، فإن أطفال غزة، ببراءتهم وأثرهم العميق، هم الأجدر بهذا اللقب.

