الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:12 AM
الظهر 11:42 AM
العصر 2:27 PM
المغرب 4:52 PM
العشاء 6:12 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

هل نحن مقبلون على عام كالح!

الكاتب: بكر أبو بكر

عام جديد يقبل علينا ونحن كأفراد من البشر في الدرك الأسفل من الوعي الانساني بشكل عام، حيث تعاظمت القيمة الفردية الأنانية على حساب  الأخ والصديق والأسرة او الجماعة او الشعب! وفيما هو حرياتية قذرة (ليبرالية) تقترب من مذهب اللذة (الأبيقورية) فأنا فقط وليذهب الجميع الى الجحيم!
 كما الحال مع الوعي الجمعي المتآكل الذي لا يأخذ القضايا الحضارية أوالبشرية الهامة في حسبانه، فلا اهتمام ذو قيمة لدى البشرية أو بالأحرى قادة البشرية بمصير العالم، وهم الذين أدمنوا الكذب والتدليس والخداع لشعوب العالم بعيدًا عن حساباتهم السياسية الضيقة.
صرخت الحناجر بالحرية والمساواة والإخاء منذ زمن طويل ولكنها ظلت عند حدود صرخاتها، وتعاظم نطاق التفكير الضيق المرتبط بالمصالح الذاتية أو الشخصية او المتعلقة بالكرسي أو النظام وضمن العقلية الحصرية الانقباضية التي لا ترى الحق الا ما ارتبط بمصالحها سواء الاقتصادية أو الشهوانية الذاتية بالمنصب والكرسي والثروة والهيمنة والسطوة والتوسع العدواني على حساب مساحات الفرح لدى شعوب أو أمم أو شخوص مساكين (أو هبايل) أمثالنا افترضوا أنهم يعيشون بعالم من الحرية والعدالة المفقودتين خاصة منذ برز العقل الاستخرابي الإقصائي ليتربع ويسود هذا العالم بقوة السيف المضرج بالدم.
انقسم العالم بعد الحروب الاوربية المتعاقبة وآخرها الحرب الأوربية (المسماة العالمية) الاولى ثم الثانية ليستقر على تبني قانون الاستباحة للعالم الآخر، فلا قيم للآخر سواء في الجنوب إن جازت التسمية أو الشرق لأنهم أمم وشعوب وأفراد بالمرتبة الدنيا من الانسانية! هذا على فرض أن الاعتراف بانسانيتهم يتجاوز ضرورة توفير المأكل والمشرب كما الحال للسجناء والمعتقلين، أو فيما وقر من الخرافات العنصرية في "توراة الملك"! بأن تطعمهم وتكيسهم ليظلوا خدمًا لك!
لم تضطرب قوى العقل الاستخرابي الأوربي (ثم مع الأمريكي) حين قررت أن تنتهب العالم، ولما لم تجد أي اخلاقية أو قيمة في ذلك استخدمت الدين في غزواتها التي لا تنتهي، واستخدمت دين الأمم المتحدة التي أنشأتها لغرض ضبط الصراع فقط فيما بينها، في أكبر عملية تصيد للبشرية في التاريخ حين يتفق المتحاربون الأوربيون (اخيرًا) على اقتسام العالم لمصلحتهم فقط دون أي اعتبار لبشرية او انسانية الآخرين، إنه الاتفاق المهزلة الاكبر بالتاريخ الذي مازال قائمًا لأكثر من 100 عام حتى اليوم!
لم تشذ العقلية الصهيونية الناشئة بالقرن 19 عن هذه العقلية الانتهابية للآخر، بل تبنتها واعتبرت نفسها أنها المقدمة والطليعة وسيف الرب للدول الاستخرابية ضد الهمج والرعاع والبرابرة  (اي نحن العرب والفلسطينيين) كما قال هرتسل في كتابه "دولة اليهود"، ثم ماكرّره أتباعه من جابوتنسكي وبن غوريون وبيغن الى شارون ونتنياهو وكل طاقم الإبادة الجماعية والحقد الأزلى الذي كشف عن عنصريته التي لا مثيل لها طوال فترة الإبادة لفلسطين من بوابة غزة  الى الضفة حتى الآن في أقسى حرب تُخاض من عصابة ضد البشرية منذ 100 عام على الأقل.
كان التبني للفكر الاستخرابي الانقباضي الانتهابي واضحًا من قبل قادة أوربيين استخرابيين إقصائيين لأي من الحضارات والأفكار الاخرى، وكأنهم بعد مئات من السنين من الحروب الدموية فيما بينهم وضد الآخرين قد استدلوا على المعادلة السحرية وهي: أن نتفق على نهب العالم واستعباده وفي مساحة افتراض التفوق العقلي والاختلاف البشري الطبيعي بيننا وبينهم، وهو ما كان من إفقاد الامم لانسانيتها وجعلها في مقام الخدم او العبيد وليس كبشر متعادلين متساوين أكفياء ما هو نقيض المباديء التي أقروها في الامم المتحدة والتي لا تطبق الا في بلدانهم!
نجح العقل الانتهابي الانقباضي الغازي المُؤْثِر لذاته ومصالحه، المنغلق على نفسه، بسحق الفكر الآخر وتشويهه، حتى غدوا هم (القدوة) لا غير!؟ فأنهكوا الأمم حتى اليوم، وأبادوا شعوبًا وأفكارًا، وشوهوا حضارات وقيمًا سامية. بل وكان لهم أن اتخذوا من وضعية الجبروت والقوة بكل معانيها أداة لتحقيق الانقباضية والغزو المادي (أنظر الانبهار والافتتان والاستتباع للغربي في كل شيء حتى المأكل والمشرب واللغة والتقليد الأعمى بكل شيء وخاصة غير المفيد...) والثقافي (القوة المادية والاقتصادية والعقلية والنفسية والاعلامية، وحاليًا تحيّزات وسائط التواصل، والذكاء  الالكتروني...). لقد تحققت الهيمنة على رؤوس البشرية في إذلالهم واستتباعهم بخفة عقولهم ومخاطبة عقلية (الإمعات) فيهم، وفي إدامة الصراعات المسيطر عليها في كل أصقاع العالم الأصفر بصحاريه وأوجاعه لصالح العالم الاخضر بربوعه وغناه وسيطرته على العالم.
في العام الجديد عام الكلاحة تنظر للعالم العربي (أسقطوا حتى هذا المصطلح واستبدلوه ب"الشرق الاوسط وشمال إفريقيا" وغيره الكثير مما نتبعه بلا جدل) فلا تجد دولة الا وتعاني الأمرين سواء في داخلها أو مع جيرانها من مقتلة وتهجير وشقاق وولاءات للفكر المنغلق، أو للفكر الاجنبي الانقباضي المهيمن (خاصة الامريكي، والإسرا-أمريكي) والأسوا من ذلك أن تظن بعض هذه الدول الأسيرة للعقل الغربي، أن لها دورًا فتعيث فسادًا هنا وهناك! تحت بصر العقل الغربي الانقباضي الانتهابي، وتتيح لنفسها أن تدمر أو تخرب في سوريا ولبنان والعراق وليبيا والسودان والصومال وبالطبع في فلسطين.
نجح النظام الانقباضي الانتهابي الغربي، وهو نظام كالح (كئيب وقبيح) بلا شك في الهيمنة على العقول والصدور كما على الدول، كما نجح في سقاية أفكاره الاستعلائية للكسالى والهبلان من الأمة-وما أكثرهم- فجعل من استعطافهم له، وتلذذهم بالانكسار أمامه ميزة وأمنية بل هدفًا يسعون لتحقيقه!  
في العام الجديد، هذا العام الكالح، لا تجد الا بعض الصحوات هنا وهناك في العقل الشبابي الغربي، وفي جنوب العالم، فيما العقل العربي والإسلامي المستكين يدفن نفسه تحت ثقل الطروحات الماضوية والانقباضية الدنيا سواء في ذاته، او تلك الانقباضية المأسورة لفتنة تقليد الغربي المهيمن والصهيوني المهيمن يتبعونه كما قال سيد الأنام خطوة بخطوة وكأنهم الى الجنة ذاهبون!
البشرية تعرج وتكلح (تعبس وتقطب وتصعُب وتشتد) وتكاد تُشَلّ تحت ثقل العقل الانتهابي المهيمن، اللاهي بذاته وعن مآسي وكوارث العالم، وتجد الشلل أو العرج في كل أركان الدنيا او في كل بلد وذاته، لأنه حين يفترض الشخص او الشعب أو الأمة نقصها في ذاتها!؟ وتكسر كل الأيدي الممدودة للاخ والشقيق والصديق فإنها تفعل فعل الانقياد الأعمى أو حتى المبصر المنبهر بالاجنبي الذي أصبح تقليده لدى العامة أشد اتباعاً من يوم الفرح في يسوع او يوم الحج الاكبر!.
يقول المولى عز وجل في سورة البقرة الآية 17 (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) فلا إيمان لا ما وهن، ولا نور الا ما خفت أو حرق. حيث نجد عام  كئيب انقضى وعام غير مبشّر بالخير يُقبل بكل أثقاله الحياتية والثقافية والفكرية أوالاقتصادية...، ونحن نزيد عليها في فلسطين (وعالمنا العربي) بكل أحمالها الاستخرابية الاستيطانية الانتهابية، والاحتلالية وعقلية السواد والظلمة القادمة من قعر التاريخ الأسطوري فتعيش الأمة في الظلام لا تكاد ترى النور، ولعله في آخر النفق يإذن الله.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...