بينما يأكل الإسرائيليون الكعك
رأي مسار
في "مسار" نجد كل يوم ما يستحق المعالجة، فنحن في بلدٍ ومنطقةٍ تزدحم بالأحداث المستجدة والمتكررة، وما من حدث إلا وإسرائيل طرفٌ فيه، من قطع طريقٍ فرعيٍ بحاجزٍ حديدي، يفصل قريةً صغيرةً عن محيطها، ومن إقرار مشروعٍ استيطانيٍ أو عدة مشاريع في نقلةٍ واحدةٍ، إلى قتل أولادٍ ظنّت الدورية الإسرائيلية أنهم يحملون في قبضاتهم الصغيرة سلاح دمارٍ شامل، إلى التفنن في تجديد السجون المكتظة بالفلسطينيين، بإقامة سجونٍ جديدةٍ محروسةٍ بتماسيح مفترسة، وذلك استنساخاً عن سجنٍ بهذه المواصفات بناه ترمب في أمريكا، وكذلك هدم بيوتٍ بمعدل بيتٍ واحدٍ على الأقل كل يوم، ذلك دون إدخال بيوت غزة في الحساب، وأشياءٌ كثيرةُ امتلأ بها قاموس التنكيل بحياة الفلسطينيين.
اليوم لم نجد أفضل وأدق من ما كتبه السيد جدعون ليفي في هآرتس ونقتطف منه سطوراً قليلة تكفي لإيصال رسالته.
جدعون ليفي كتب عن سيدةٍ فلسطينيةٍ فتحت الشرطة تحقيقاً معها بعد أن أطفأت شموع عيد الأنوار في مجمعٍ تجاري، يقول ليفي:
"مسموحٌ لامرأة فلسطينيةٍ إسرائيلية، أن تعتقد بأن هذا الاحتفال يجب وقفه لاحتجاجٍ شعبي، في الوقت الذي يغرق في الوحل اخوتها وربما أبناء عائلتها. ففي يافا مثلاً حيث لا توجد عائلةٌ واحدةٌ لا يوجد لها أقارب في غزة يتجمدون من البرد، وتستمر الكلاب الجائعة بنهش جثث أقاربهم المحاصرين، إذ يجب على أحد تذكير الإسرائيليين بأنه في الوقت الذي يملؤون فيه بطونهم بالحلوى الفاخرة فإنه ما يزال في غزة أناسٌ يتوقون إلى الخبز، أو على الأقل أناس لا يمكنهم رؤية العدس، وأن هنالك مرضى يموتون بشكلٍ بطيء في عذابٍ فظيع بسبب نقص العلاج، وأن هنالك مئات آلاف الأطفال الذين قُتل أصدقائهم، والذين لم يتمكنوا من الالتحاق بمدرسة لأكثر من سنتين، وأن مستقبلهم محكومٌ عليه بالجهل واليأس حتى لو تمكنوا من النجاة من الحرب، التي لم تنتهِ بعد"
انتهى الاقتباس من مقالة جدعون ليفي في هآرتس، مع التذكير بعنوانها الذي يقول.. "ينبغي لأحد أن يذكرهم بذلك... بينما يأكل الإسرائيليون الكعك ويحتفلون ما زال في غزة من هم جائعون للخبز ومرضى ومشردون".
