الفلسطينيون... بين الأمل والحذر
الكاتب: رأي المسار
ما دام نتنياهو وسموتريتش وبن غفير ومن هم على شاكلتهم، أصحاب القرار في إسرائيل، فلن يتخلى الفلسطينيون عن حذرهم رغم مؤشراتٍ قويةٍ نشأت في الإقليم والعالم، تشجع على الأمل بدخول القضية الفلسطينية مرحلةً جديدة تحمل مؤشراتٍ إيجابية.
الحذر الفلسطيني مبررٌ بحكم التجربة، والأمل الفلسطيني مبررٌ كذلك بحكم النجاة من حرب الإبادة السياسية والبشرية، والنجاة كذلك من التهجير الذي كان الهدف الأول والدائم لإسرائيل عملياً وعقائدياً.
للأمل مسوغاتٍ منطقية، أساسها مجمل الحقائق التي فرضها الصمود أولاً على أرض الوطن، والمقاومة العنيدة والفعّالة في كل مراحل الكفاح الوطني، ولولا ذلك وبفعل موازين القوى التقليدية المتفوقة للخصم، لما بقي شيءٌ اسمه القضية الفلسطينية ولما بقيت كمحورٍ للصراع المحتدم في المنطقة، وأخيراً لما تسابقت دول العالم على الاعتراف بحق شعبها في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة.
خسائر الفلسطينيين في كفاحهم للحفاظ على وجودهم وحيوية قضيتهم كانت الأكثر فداحةً في التاريخ.. أجيالٌ من الشهداء، وآلافٌ مؤلفة من الجرحى والأسرى والمهجرين قسراً داخل الوطن وخارجه، غير أن للحقيقة السوداء وجهاً آخر ناصع البياض، فقد حقق الفلسطينيون رغم كل ما تقدم انجازاتٍ تثير الإعجاب، فهم من أعلى نسب التعليم على مستوى العالم، ورغم شلال الاحتلال والاستيطان بنوا بلدهم بمدارسها وجامعاتها، حتى فاض خريجوها المؤهلون عن الحاجة، وظهر إبداعهم في كل مكانٍ لجؤوا إليه، حتى أدرك العالم كله كم سيكون في حالٍ أفضل حين تقوم دولة الفلسطينيين ويتخلص الشعب المؤهل من الاحتلال.
حين نسرد هذه الحقائق معززة بالوقائع والأرقام، نجد من يعايرنا بالتفاؤل وكأنه مرضٌ يعالج باليأس، وكم يسوقون من أمثلةٍ مستمدةٍ من سلوك نتنياهو وسموتريتش وبن غفير، وكأن هذا الثالوث ومن معه يملكون قدرةً كليةً على إنهاء الظاهرة الفلسطينية بكل معالمها داخل الوطن وعلى مستوى العالم.
والآن يجد الفلسطيني نفسه في حالةٍ قلّما وجد غيره فيها، بين أملٍ صنع حقائقه الدامغة، بعبوره مضائق الإبادة والتهجير والإلغاء، وحذرٍ من أن الذين صنعوا مأساته ما زالوا في موقع القيادة والقرار ليس في إسرائيل فقط وإنما في أماكن أخرى من العالم.
الخلاصة.. إن الأمل المبرر بالحقائق ضرورةٌ وجودية للحاضر والمستقبل، والحذر ضرورةٌ كذلك إلى أن ينال الفلسطيني حريته واستقلاله.

