الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:42 AM
الظهر 11:23 AM
العصر 2:21 PM
المغرب 4:47 PM
العشاء 6:04 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

رسالة الى الكل لا لأحد

الكاتب: جميل مطور

ان العمل السياسي او العسكري بل وإدارة دفة اية معركة سياسية ام عسكرية ليس نزهة أو هواية، كما إن إدارة الصراعات والحروب صغرت ام كبرت ليست أمزجة أو رغبات، واخيراً فإن إدارة تلك الصراعات والتعامل معها سواء بلغة الطلقة ام بلغة الكلام تعتبر علماً وفناً وما يعنيه ذلك من أصول وقواعد لا بد منها.

ليس أداء القائد أو الكادر في معمعان السياسة ودهاليزها حصيلة قناعاته أو أفكاره فحسب كما إن أداء القائد العسكري في ساحة الحرب ليس حصيلة آرائه وميوله ورغباته.

يكثر الحديث عن الحروب التقليدية المباشرة وغير المباشرة، كما إنه يكثر الحديث عن نضالات الشعوب التحررية وادواتها حركات التحرر في العالم، وثمة فوارق كثيرة بالطبع بين الحروب التقليدية وبين معارك وحروب التحرر الوطني وكلاً منها محكوم بقواعد ومفاهيم وأساليب وأدوات مختلفة، كما إن هناك حروباً عادلة وأخرى غير عادلة وهذا ليس مجال الكتابة في هذه المقالة.

إن التجارب النضالية التحررية من خلال الثورات وحرب العصابات كثيرة في العالم وفيها العديد من الدروس والعبر ومن الصعب سحب تجارب هذا البلد على بلد اخر بشكل ميكانيكي كما إنه لا غنى لأية حركة تحرر من الاستفادة من تجارب الاخرين، سواء في بلورة الأهداف أو الوسائل أو بناء التحالفات أو تحديد الأدوات والتناقضات الثانوية والرئيسية في أي صراع.

يقال إن الحرب هي امتداد للسياسة بلغة النار لأن الحرب تعبير مكثف عن الصراع السياسي وكل معركة نضالية أو حرب تحررية لها أهدافها وشعاراتها ولدى قادتها حسابات تكتيكية وأخرى استراتيجية، ولا شك إن تلك الحسابات تشمل تقديرات الموقف سواء من حيث الإمكانيات والطاقات الذاتية أو موازين القوى أو الحالة الشعبية الحاضنة أو ظروف الإقليم المحيطة او الظروف العالمية بوجه عام الى جانب العديد من الاعتبارات التي لا بد من اخذها بالحسبان قبيل الولوج في أي معركة سياسية أو عسكرية.

ولا يغيب عن البال بالتأكيد أهمية البناء الداخلي ووضع الجبهة الداخلية ووحدة القوى الوطنية ومقومات الحالة النضالية أو العسكرية، ناهيكم عن جاهزية كل طرف من كافة النواحي المادية والمعنوية. وباختصار كافة الظروف الذاتية والموضوعية ان خلاصة تجارب الشعوب والدول مهمة كما إن خلاصة تجارب حركات التحرر مهمة ايضاً ولا يمكن لاي قائد أو كادر إن يتغاضى عنها أو لا يأخذ بها أو ببعضها في سياق الممارسة والتطبيقات الصحيحة.

لقد رأيت في هذه العجالة من الأهمية بمكان تسليط الأضواء على مجموعة من القواعد والمفاهيم الأساسية والتي لا بد من معرفتها أو الاهتمام بها من الجميع ورأيت إن أوجهها للجميع وليس لأحد معين وهي حصيلة اطلاع أو احتكاك مباشر أو نابعة من فهمنا العميق لواقع الصراع الذي نعيشه منذ أكثر من قرن من الزمن وهي ليست قواعد تم اكتشافها فجأة بل إنها ولدت وتبلورت في سياق تجارب شعبنا وثوراته المتلاحقة وأداء قادتها وكوادرها على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية الى جانب تجارب شعوب العالم الأخرى وحركاتها التحررية.

أولاً: من السهل إن تبدأ حرباً ولك من الصعب إنهائها كما تريد وهذا يعني إنه في غياب خطة مدروسة تتضمن سقف التوقعات وطبيعة الأهداف وإمكانيات تطور الحرب ومعرفة حجم ردود الطرف الاخر ومدى الجاهزية والاستعدادات بكل اشكالها المادية والمعنوية وغيرها، فإن إمكانية تدحرج المعركة الى مربعات لا تريدها تبقى قائمة وهنا تقع المفاجآت وتبرز التحديات التي لم يتم أخذها بعن الاعتبار وخاصة إننا نعيش في زمن التطور والتنوع وتعدد المصالح والتكتلات الإقليمية والدولية الامر الذي قد يؤدي الى نتائج لم تخطر على بال بشر.

ثانياً: لا نوايا في السياسة ولا قيمة للعواطف في العمل السياسي، وكما يقال فإن بلاط جهنم معبد بالنوايا الحسنة وفي عالم اليوم فإن كفة المصالح والمواقف المباشرة هي السائدة ولا يمكن لأي قائد مهما أحسن الظن في هذا الطرف أو ذاك إن يصل الى اهدافه دون معرفته بنوايا الخصم ومخططاته ومصالحه وأهدافه فالعمل السياسي ليس ضربة حظ أو خط في رمال متحركة.

ثالثاً: الخطاب الشعبوي والعاطفي ربما يحمي حزباً أو جماعة، ولكنه لا يحمي وطناً أو شعباً: فمن السهل اطلاق الخطب الشعبوية والشعارات العاطفية ودغدغة عواطف الجماهير ولكن كثيراً من تلك الخطب والشعارات قد تجر الكوارث على الشعب والوطن فالحزب أو القائد الذي لا يتصرف بمسؤولية تجاه شعبه ولا يهمه الا بقاء حزبه أو جماعته وتماسكها فإنه ببساطه يضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الشعب وهذا يضع علامات سؤال كبيرة على حقيقة اهداف وتوجهات ذلك القائد أو ذاك الحزب أو الجماعة وفي تقديرنا إن القائد أو الحزب الذي يسعى لحفظ موقعه ليس الا من خلال اطلاق الشعارات والقاء الخطب الشعبوية بعيد كل البعد عن مصالح شعبه وأهدافه.

رابعاً: من لا يجيد البدايات لا يجيد النهايات، فالأصل إن المقدمات الصحيحة تقود بالطبع الى نتائج صحيحة، وهناك الكثير من خط بداياته على تحو سليم ووطني ومنسجم مع واقع وتطلعات الشعب وأولوياته وأهدافه وهناك من كانت بداياته مليئة بالتناقضات وعدم وضوح الرؤيا بل والتخبط في صياغة أولوياته وأهدافه واساليبه الامر الذي ينذر بنهاية سيئة له فالقدرة على مواكبة مسار الصراع القائم والقدرة على اجتياز المطبات وحقول الألغام هي من سمات القائد الناجح وسليم الفكر والرؤيا.

إن اندثار دول واختفاء أحزاب وحركات في عصرنا الحالي أمثلة حيه على ما نقوله والذي يحسن الزراعة والأداء، فإنه من الطبيعي بل وبالضرورة إن يحسن الحصاد ويستمر حتى بلوغ أهدافه القريبة والبعيدة ويجب ان نتذكر بان الشعوب وحركاتها الوطنية لا تحقق أهدافها بالضربة القاصمة والقاتلة بل من خلال تسجيل ومراكمه النقاط على كافة الأصعدة وصولا الى قطف ثمار نضالاتها ومسيرتها الكفاحية.

خامساً: الوسائل ليست أهدافاً والاهداف ليست وسائل في العمل السياسي والنضالي لدى الشعوب، إن الخلط البشع والمؤذي بين الوسائل والاهداف عند الافراد والقادة أو الأحزاب أو الدول يعتبر مقتلا لتلك الأهداف أو إعاقة امام بلوغها، إن الوسيلة في ابسط تجلياتها هي الطريقة الى تحقيق هذا الهدف أو ذاك ولا شك إن تلك الوسائل قابلة للقياس والمراجعة ولكن عندما تصبح الوسيلة هدفاً بحد ذاته بغض النظر عما تؤول اليه من نتائج فإن ذلك يعني الاحتراق الداخلي وغياب الرؤيا واسهام مقصود أو غير مقصود في إطالة امد الوصول الى تلك الأهداف كما ان ضبابيه الأهداف وعدم تحديدها يعتبر هو الاخر مشكله حقيقية.

إن الوسائل متعددة وقابلة للتغيير والقياس الا إن الاهداف تتسم بالثبات الى حد كبير وبالطبع تكون متدرجة في سياق الصراع، فهناك اهداف قريبة المدى وأخرى متوسطة وثالثة بعيدة المدى وهذا يعني بالضرورة دقة اختيار الوسيلة أو الوسائل نحو بلوغها.

ومن الغريب إن الكثيرين ايضاً من يتحدثون كثيراً عن الأهداف ولكنهم قليلاً ما يتحدثون عن الوسائل وهذا يعكس خللاً في التخطيط والأداء وضحالة الرؤيا.

سادساً: إن النضال العسكري أو الكفاح المسلح أو المقاومة المسلحة في نضالات الشعوب ليست هدفاً بحد ذاته بل هي وسيلة كفاحية اقرتها الشرعية الدولية لحصول الشعوب على حقها في تقرير المصير واستقلالها ومن الطبيعي إن المعارك النضالية الناجحة لا بد إن تؤدي الى تحقيق نتائج جيدة فمن يزرع يحصد كما يقال ومن لا يزرع لا يحصد يوجه عام.

ولكن المؤلم إن تصبح المقاومة هدفاً بحد ذاته دون تحقيق اية نتائج ملموسة ويتم اجتراحها على نحو متكرر بأكبر قدر من الخسائر والاضرار واقل قدراً في المكاسب والإنجازات الامر الذي يعكس خللاً في النوايا أو التخطيط أو الحسابات، إن البطولة الحقيقية تقضي بتحقيق أفضل النتائج بأقل الخسائر وليس العكس.

سابعاً: الوحدة الوطنية سياج الشعب وقانون الانتصار ولكن هذه الوحدة المنشودة ليست في تقديرنا وحدة الفصائل والأحزاب معا على برنامج معين وفي نفس الوقت تعدد المرجعيات وعناوين التمثيل فالوحدة الوطنية تعني وحدة التمثيل والعنوان والبرنامج والأدوات وانصهار الجميع في بوتقة العمل الوطني الجامع تحت سقف العلم وممثل الشعب الشرعي والوحيد امام العالم دولاً ومؤسسات اممية مختلفة.

ثامناً: التحالفات الصحيحة فالحركات والأحزاب في العادة تقيم علاقات مع نظيراتها من الأحزاب والحركات التحررية إن كانت تصب في مصلحة شعبها وأهدافه، ولكنها لا تقيم تحالفات مع دول لأن الدول أياً كانت مواقفها تبقى محكومة في نهاية المطاف بمنظومة مصالحها القطرية وعلاقاتها الدولية وبالتالي فإن تجربة تحالف هذا الحزب أو ذاك مع هذه الدولة أو تلك قد تضر كثيراً بأصحاب القضية عند ذلك الحزب، ولدينا شواهد عديدة في تاريخنا المعاصر.

إن الدولة تقيم علاقات متوازنة ومدروسة بما يخدم مصالحها ومحكومة بمنظومة العلاقات الدولية المتعارف عليها.

وفي تقديرنا ان الحزب أو الحركة التي تزج بشعبها في معركة خاسرة نتيجة تحالفات غير مدروسة مع هذه الدولة أو تلك تعتبر فاشلة وتجر الويلات على شعبها ومصالحه.

تاسعاً: النقد والمراجعة الذاتية من عوامل البناء والتطور وممارسة العملية النقدية ومراجعة الذات ليست عملاً معيباً او ضاراً ولكنها دليل حيوية وسلامة العمل السياسي والحزبي لان تحجر العقول وجمودها واغلاق دائرة النقد وكم الافواه لا تؤدي الا الى المزيد من التراجع والترهل بل والفشل ورحم الله الامام الشافعي القائل "رأيي على صواب ويحتمل الخطأ، ورأيك على خطأ ويحتمل الصواب".

إن ممارسة النقد والنقد الذاتي ضرورة حزبية وحاجة وطنية وهي إغناء حقيقي لآليات العمل ووسائله وتجنب المهالك والأخطاء القاتلة.

عاشراً: الاختلاف والتنوع في الآراء ليس كفراً او خيانة فالحقيقة تبقى نسبية، ومن الطبيعي أن يوجد اختلاف في الآراء واجتهادات مختلفة في حياة الشعوب وحركاتها التحررية، ولكن ليس من الطبيعي تكفير او تخوين من يختلف معك في الرأي لان ذلك هو الطريق الأقصر لتفجير الفتن والحروب الاهلية وزج الجميع في معارك كلامية هابطة لا طائل من ورائها. واستنزاف طاقات الشعب على حساب التناقض الرئيسي وبالتالي انحراف البوصلة عن نقطه الجذب الجمعي للشعب بكل مكوناته وقواه الحية، وقد قال سقراط قديماً:" إن اصطراع الآراء يولد وميض الحقيقة “

وأخيراً وليس آخراً فإنه لا خير في خير يقوم على السيف كما قال الخليفة عمر بن العزيز رضي الله عنه، وليس امام الجميع إلا التعايش واحترام بعضهم البعض كشعب عانى ويعاني الكثير الكثير على مدار سنوات الصراع، وليكن شعارنا كلنا من أجل واحدنا وواحدنا من أجل كلنا حتى بلوغ أهدافنا الوطنية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...