الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:35 AM
الظهر 11:23 AM
العصر 2:25 PM
المغرب 4:53 PM
العشاء 6:09 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حتى لا تتحول خطة ترامب إلى خديعة كاملة

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

دعنا نعترف مرة أخرى أن إسرائيل عوّدت جميع الأطراف ووسائل الإعلام والرأي العام والشعب الفلسطيني أيضاً، أنها لا تحترم اتفاقياتها أو تفاهماتها أو حتى معاهداتها، فهي تجد الأعذار والحجج الكافية والمفبركة من أجل اختراق كل ذلك، وهي تفعل ذلك بسهولة كبيرة، أولاً من خلال التهيئة الإعلامية، وثانياً لغياب آلية للعقاب أو المحاسبة أو حتى النقد، وثالثاً هناك من يشتري البضاعة الإسرائيلية، بل ويدافع عنها، ورابعاً الاستخفاف المهين الذي تظهره إسرائيل على كل المستويات بكل الأطراف.

لها، فإن إسرائيل قامت باختراق وقف إطلاق النار منذ العاشر من أكتوبر الماضي وحتى هذه اللحظة أكثر من 125 مرة، قتلت خلالها أكثر من 250 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، نساءً وأطفالاً، وإصابة 579 آخرين دون أن يثير ذلك العالم، بما فيه الوسطاء والضامون والمشاركون والمراقبون والقاعدون والمحايدون، لم يشجب أحد هذه الاختراقات، بل سارعت الإدارة الأمريكية إلى القول إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها وأن تنتقم، هذه المواقف التي تفتقد إلى الحزم والمواجهة والمراجعة من قِبل كل الأطراف المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ، سمحت لإسرائيل أن تقدّم أو تقترح تفسيرات جديدة لخطة ترامب تقضي بتجزئة الخطة بحيث يكون الإعمار في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل وتترك الجزء الآخر للفوضى والفقر والتفكك والمرض والحصار، كما أن إسرائيل تريد من هذه الخطة نزع سلاح القطاع ومنع الشعب الفلسطيني من إدارة نفسه بنفسه، وأن يتم تنظيف الوعي الفلسطيني أيضاً، فإسرائيل تعتقد أن الصراع مع الشعب الفلسطيني "الخيالي" سببه الثقافة وليس الاحتلال.

إسرائيل تريد من خطة ترامب أن تمنع التواصل والتكامل بين القطاع وبين الضفة الغربية المحتلة، ولهذا فهي تعمل جاهدة على ضم الضفة الغربية دون الإعلان عن ذلك، ويساعدها في ذلك الإعلان الأمريكي بمعارضة الضم، فهذا الموقف على ما يبدو ليس إلا لإرضاء الأصدقاء أو الحلفاء، إذ أن الضم بما يعني توسيع الاستيطان وإطلاق قطعان المستوطنين لتنفيذ خطة الحكومة الإسرائيلية في التهجير والطرد والمصادرة وكذلك في تغيير شبكة الطرق بحيث تتم السيطرة على التجمعات الفلسطينية وإضعاف النسيج الاجتماعي وإنهاك الوضع الاقتصادي المهشم أصلاً، الضم يجري فعلياً في المصادرة لكل الثروات وفي إقامة بؤر استيطانية كفيلة بإغلاق آلاف الدونمات وفضائها، الضم قائم فعلاً من خلال توفير البنية القضائية والبنية التحتية من طرق وخدمات وتوفير الأمن والمواصلات والميزانيات.

الولايات المتحدة تعارض الضم العلني فقط، أما ما يجري على الأرض فالإدارة الأمريكية لم تُدِن أي إجراء على الإطلاق، إسرائيل إذن تريد من خطة ترامب أن تحقق أهدافها في غزة وأهدافها في الضفة أيضاً، ويتمثل ذلك في الضم من جهة وتحييد القطاع من جهة أخرى، وبالتالي اسقاط التسوية السياسية بمجملها، فإسرائيل ليست في وارد التسوية على الإطلاق.

إذا كان الوضع هكذا، فما هو دور الدول الضامنة والمشاركة والراعية لاتفاق شرم الشيخ؟ أليس من المفروض أن يكون هناك مواجهة للتفسيرات الإسرائيلية لهذا الاتفاق؟ أليس من الصواب الاعتراض على السياسة والخروقات الإسرائيلية؟ أليس من المهم أن يكون هناك اتفاق في حدوده الدنيا بين الدول المشاركة والضامنة على طريقة المعالجة للمسائل الأكثر حساسية: السلاح وقوات الاستقرار ولجنة الخبراء؟ أليس من المهم جداً أن يكون هناك تنسيق بين تلك الأطراف حتى لا تستطيع إسرائيل والولايات المتحدة اللعب على الخلافات والتباينات في المواقف؟ ثم أليس من المهم جداً بل من بالغ الضرورة أن يتفق الفلسطينيون على رؤية واحدة للخروج من هذه الورطة التي ربما تكون الأسوأ في تاريخ الشعب الفلسطيني؟ إن غياب الرؤية الموحدة بين الفلسطينيين سيضّيع علينا الكثير: دعم العالم وإعمار غزة والمستقبل الواعد.

لماذا تبدو إسرائيل أنها الطرف الوحيد الذي يقرر كل شيء: أمن القطاع، كمية المساعدات، الترتيبات الإدارية، قوات الاستقرار، طبيعة المشاركين في مجلس السلام؟ لماذا يقف الإقليم كله، عرباً ومسلمين، عاجزين عن فرض أجنداتهم أو على الأقل على فرض تفسير مقبول لخطة ترامب التي تبدو حتى الآن وكأنها تحقق هدفين فقط، أولاهما كسر عزلة إسرائيل وعدم تحميلها مسؤولية ما جرى في القطاع، وثانيهما اعتراض حل الدولتين؟ حتى اللحظة فإننا لا نرى ضغطاً أو اقتراحاً لمنع تدهور الخطة وإفراغها من مضامينها التي تم التوقيع عليها، فإسرائيل تترجم الخطة بما يخدم أهدافها.

المطلوب حقاً هو أن تقوم الدول المشاركة والضامنة والراعية بالضغط الكافي والحقيقي على الإدارة الأمريكية لإبقاء هذه الخطة تخدم الهدف الأساسي الذي تم التوقيع من أجله عليها، ألا وهو وقف القتل، وحتى هذه اللحظة فإن القتل ما يزال يمارس ولكن اتفاق وقف النار ما يزال صامداً، فانتازيا إسرائيلية وأمريكية أخرى.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...