غزة... بين ديبلوماسية الرهائن وديبلوماسية الجثث
رأي مسار
على مدى عامي الحرب على غزة، كانت الرهائن المحتجزة في الأنفاق والمخابئ، هي العنوان الإسرائيلي لحرب الإبادة، وقد انجرّت الإدارات الأمريكية وراء هذا العنوان، بأن تبنته كسبب رئيس لتبرير حرب الإبادة والموقف الأمريكي الممالئ لها.
انتهينا من حكاية الرهائن الأحياء، الذين عادوا جميعا إلى إسرائيل وبقيت حكاية الجثث مطروحةً بقوة، كذريعةٍ جاهزةٍ للاستخدام في الوقت الذي تراه إسرائيل مناسباً وأمريكا كذلك.
غير أن ديبلوماسية الجثث شهدت تطوراً لم يكن محسوباً فقد سمحت إسرائيل لعناصر حماس بالدخول إلى رفح رفقة الصليب الأحمر، من أجل البحث عن الجثث واستخراجها من تحت الأنقاض، ما شكّل سابقةً يمكن استنساخها على مناطق أخرى.
كما أن ديبلوماسية الجثث جعلت إسرائيل تتخلى عن تحفظاتها تجاه دخول المعدات المصرية للبحث عن الجثث واستخراج من يُعثر عليه تحت الأنقاض.
ما الذي يمكن استخلاصه من ديبلوماسية الرهائن الأحياء وجثامين الأموات؟
إنه الأمر الواقع الذي له سطوةً أقوى وأفعل بكثير من سطوة الاتفاقيات المبرمة والموقعة والأمر الواقع يقول مثلما حملت إسرائيل حقائب المال القطري على ظهرها وأوصلته إلى حماس بانتظام قبل السابع من أكتوبر، فلننتظر قليلاً لنرى أي مفاجآت سينتجها الأمر الواقع بفعل ديبلوماسية الجثث وما تُفضي إليه من متغيراتٍ في المواقف والسياسات.
ليس من قبيل الصدف أن تُكثر وسائل الإعلام الامريكية من الحديث عن مبادرة ويتكوف الإنسانية تجاه الحية بعد فقده ابنه جرّاء العملية العسكرية الإسرائيلية التي نُفذّت على الدوحة والتي احدثت تحولاتٍ لم تكن محسوبةً في المشهد السياسي منذ ذلك الحين، وفي هذا السياق يُمكن فهم مغزى تصريحات الحية بأن حماس غير معنية بإعطاء إسرائيل ذرائع لاستئناف الحرب دون ذكر أن من الذرائع غير الجثث والرهائن، حكاية السلاح.
