الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:27 AM
الظهر 12:23 PM
العصر 3:33 PM
المغرب 6:03 PM
العشاء 7:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

القوات الدولية في غزة: بين حماية الاحتلال وتقويض السيادة الفلسطينية

الكاتب: بسام زكارنة

يُعاد اليوم طرح فكرة نشر قوات دولية في غزة وكأن العالم لم يتعلم شيئاً من تاريخه فبعد عجز إسرائيل عن تحقيق أهدافها بالحرب والدمار والإبادة والتهجير وبعد أن سقطت صورتها الأخلاقية في العالم أمام مشهد الخراب يُقدَّم هذا المقترح على أنه “خطة إنسانية” لحماية المدنيين غير أن جوهره الحقيقي هو إعادة إنتاج السيطرة الإسرائيلية بوسائل ناعمة وتحت لافتة الشرعية الدولية.

منذ نشأة النظام الدولي الحديث لم تُعرف قوةٌ متعددة الجنسيات تدخل أرضاً محتلة لتحمي شعبها من الاحتلال كانت دوماً تحمي الأمر الواقع وتُضفي عليه مسحة قانونية تجربة لبنان مع “اليونيفيل” دليل واضح: وجودها لم يمنع الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة حتى اللحظة بل شكّل غطاءً لها واليوم يُراد لغزة أن تدخل المشهد نفسه حيث تُنزع يد الفلسطينيين عن أمنهم ويُسلَّم مصيرهم إلى قوات لا تمتلك قرارها بينما يبقى الاحتلال مطلق اليدين.

يُروَّج لمشروع هدفه المعلن الاستقرار لكن أي استقرار يُقام بينما الاحتلال قائم والحصار مستمر؟ المقصود هو استقرار الاحتلال لا استقرار الشعب الفلسطيني وكبح المقاومة الفلسطينية لا حماية المدنيين أما إدخال قوات عربية أو تركية ضمن هذا التشكيل فليس سوى محاولة لتجميل الوصاية لتبدو بملامح “صديقة” فيما القرار يبقى في عواصم الغرب بيد ترامب ( نتنياهو) و توني بلير.

الخطورة الكبرى أن الطرح يقتصر على غزة دون الضفة والقدس و هذا ليس صدفة بل ركيزة سياسية تهدف إلى فصل المكونات الجغرافية والسياسية لفلسطين وتحويل القضية إلى ملفين منفصلين: غزة “مدوَّلة” وضفة “مستوطَنة” وبهذا يُضرب أساس الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة واحدة على حدود 1967 إن هذا الفصل لو تحقق سيعيد تعريف فلسطين بوصفها كياناً منقسماً فاقد السيادة ويمنح الاحتلال الوقت الكافي لابتلاع الأرض واستكمال مشروعه الاستيطاني.

ما يجري ليس مبادرة سلام بل عملية إنقاذ للاحتلال بعد فشله في الحسم العسكري و الولايات المتحدة الاميركية تسعى إلى تحويل الهزيمة الإسرائيلية إلى إنجاز سياسي بغطاء أممي فتُوقف إطلاق النار و قتل الأطفال الذي عزل إسرائيل و جعلها دولة منبوذة وتجمّد فكرة المقاومة وتمنح إسرائيل مهلة جديدة للاستيطان و تهجير الناس من خلال عدم توفير سبل العيش و الحصار المستمر و تحت شعار السلام و بإشراف “القوات الدولية” التي يقودها ترامب وهكذا يتحول الضحية إلى متهم والمعتدي إلى من يحتاج للحماية.

إن القرار الحقيقي الذي يجب أن يصدر ليس إرسال جيوش أجنبية بل إنهاء الاحتلال ورفع الحصار ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم و العدالة هي الضمانة الوحيدة للأمن أما الوصاية فليست سوى استمرار للحرب بوسائل أخرى.

وأمام هذا كله لا يملك الفلسطينيون سلاحاً أمضى من وحدتهم و الانقسام هو الثغرة التي يتسلل منها كل مشروع لتفكيكهم والوحدة هي الشرط الوحيد لأي كرامة أو سيادة. إن وحدة القرار والموقف ليست خياراً تكتيكياً بل قضية بقاء: فإما أن يُعاد بناء القيادة على قاعدة وطنية جامعة أو يُترك المجال لكل وصاية أجنبية لتقرر مكانهم.

لن تحمي القوات الدولية غزة لأن من يحتاج إلى الحماية هو الشعب من الاحتلال لا الاحتلال من الشعب وأهل غزة الذين واجهوا الموت وخرجوا من تحت الركام ليسوا بحاجة إلى حرّاس أجانب بل إلى حرية كاملة وعدالة حقيقية فحين تزول يد الاحتلال يسقط تلقائياً مبرر السلاح والحصار.

غزة لن تُدار من الخارج والضفة لن تُفصل عنها هذا وطن واحد و قيادة فلسطينية منتخبة لا يقبل التجزئة ولا يقبل الوصاية وكل مشروع لا يبدأ من إنهاء الاحتلال فهو مشروع لتكريسه مهما تبدّل اسمه أو تبدلت رايته.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...