ما المطلوب من "حماس" الآن؟

الكاتب: بكر أبو بكر
وقعت الحركة النضالية الفلسطينية خلال العامين الكئيبين منذ 7/10/2023 حتى اليوم بمأزق كبير، لربما كان أصعبها على مدار 60 عامًا من حياتها منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية والمقاومة عام 1965م، وكانت الأسباب لما حصل بشكل أساس من إثارة عش الدبابير الذي شرّع للإسرائيلي تحقيق خططه العدوانية في تسريع الإبادة والقتل وسلب الأرض والتهجير وردم أي حديث عن الدولة الفلسطينية وكأن ما حصل شكّل الهدية المنتظرة التي سقطت عليه من السماء.
سارت "حماس" ما بين التسرع والغفلة، أو بين الرغبة والممكن، وما برز في صعوبة تحقيق الهدف أو استحالته أو مثاليته مرتبطًا بعدم التقدير الصحيح في ظل الفارق الهائل في مستويات القوة والقدرة المختلفة، ويمكن القول أن السير في ركاب المحاور أو الانصياع لإملاءات خارجية كان أحد الأسباب.
كان انعدام الرؤية أو ضعف إدراك المستجدات فظيعًا في الواقع العربي القائم والمرتبط بمصالح الدول الوطنية المتمحورة على ذاتها وخططها الداخلية، وحدود استخدامها لقوتها من أجل فلسطين بعد أن تراجعت القضية عندها من مركزية الى ثانوية.
يمكنكم وضع خطة الاستدراج الإسرائيلي للقوى الفلسطينية في قطاع غزة بالاعتبار، هذه القوى التي على رأسها "حماس" التي لم ترى الصورة مكتملة أو لم تدقق بالخيارات، ولم يكن لديها نضوج بالأهداف والخطط لسبب النظرة الضيقة والعجولة، أو الرغبة بتحقيق انتصارهادر مهما كان الثمن، ولربما برز لديها انعدام القدرة على رؤية الثابت والمتغير بالعلاقة الأمريكية الإسرائيلية (جسد واحد) وما يعني نقص التروية عن شجرة القرار لدى حماس التي أقدمت على المباغتة.
في إطار العامين الكارثيين على فلسطين تنقلت حماس بين الشعور بالعظمة والتفاخر والقدرة اللامتناهية، وتبرير حق الفعل المنفرد دون إستشارة أحد، والإقدام المصحوب بالأمل نحو المجهول حتى بدأ مسلسل التنازلات وكل بتبرير لم يجعل من النقد الذاتي أساسًا.
في سياق التدمير والقتل والإبادة والخراب الإسرائيلي غير المسبوق بالعالم لم تراجع حماس نفسها، او تتوقف لالتقاط الأنفاس والتفكير بروية، ولم تقبل أقل النقد حتى من بعض مؤيديها وقادتها وافتقدت الى ذلك حسّ الجماهير من حبها وحمايتها وتثبيتها واحترامها، ولم ترى أمامها أحدًا، كي يردها عن درجة بلوغها الهدف غير المفهوم-بعد كل هجمة صهيونية قاتلة تطيح بمئة شهيد يوميًا على الأقل- وهو الهدف الذي ظل يتناقص من كل فلسطين، والأقصى، الى غزة ثم الى أجزاء منها، وبشروط ظلت تتناقص مع كل انهيار في الجبهات المحيطة سواء الفصائلية أو العربية حتى وصلنا لما هو قائم الآن في مخطط النقاط العشرين البائسة للرئيس الامريكي.
بغض النظر عن الأسباب التي أدت للطوفان وبغض النظر عن طُهر النوايا وصحتها أو سوءها فإن ما حصل قد حصل وأدى في واقع الأمر للإستسلام لمنطق مخطط ترمب الأخير وبالتعديلات البشعة من نتنياهو.
ويحتاج النظر بالأسباب لجلسات نقد ونقد ذاتي للحركة الوطنية كاملة، وتقصيرها، بما فيها فصيل حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح لنصل الى أخذ العبر والمشتركات المطلوبة.
الموقف الآن بعد موافقة حماس على خطة ترمب للسلام في غزة ما المطلوب من حركة حماس أن تفعله، برأينا؟
1-الالتزامات الوطنية: من حيث الإقرار بأننا بلد واحد ودولة واحدة فلا دولة بلا غزة أوبلا الضفة، وأن لدينا حكم واحد وسلطة واحدة وقانون واحد، وكذلك الامن والسلاح واحد وما يؤسس لحركة الدم المطلقة في إطار القانون. وإنهاء فكرة الاستفراد والانعزال بقطاع غزة عن مجمل الجغرافيا الفلسطينية، الى الأبد.
2-يجب على "حماس" القطع نهائيًا مع عقلية البديل او الموازي لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي القبول بأن الإطار الوطني الجامع هو ما حقق الكسب العالمي أي المنظمة والسلطة والدولة بلا تردد أو مماطلة او استدراكات...الخ.
3-لا بد من تحقيق تغيير فلسفي فكراني (أيديولوجي) داخل التعبئة التنظيمية في الفصيل من عقل الإقصاء (الولاء والبراء والاستعلاء ضد المختلف) واستبداله بعقلية القبول والاعتراف بالمختلف واحترامه والتجاور معه لا قتله أو تخوينه وتكفيره.
4-الاقرار بالمجتمع المدني الديمقراطي وفكرة المواطنة للجميع بلا تمييز، والانتخابات والتداول السلمي للسلطة، والقطع مع مفهوم التمكين بمعنى الاغتصاب المشرعن للحكم هنا، واحتضان مفهوم السلمية بالأهداف والوسائل بالعلاقات الفلسطينية.
5-الالتزام بالدولة الفلسطينية المستقلة (على المتاح بحدود العام 1967م) جامعًا وهدفًا والسعي لتجسيدها وتحريرها من الاحتلال، وقبول الالتزامات الدولية وكل أشكال النضال واختيار الشكل المناسب وفق الاجماع الوطني بلا تفرد ولا خروج، مع امكانية وأهمية التمايز في إطار الهدف الجامع.
إن هذه الأفكار أو المواضيع المطلوبة من "حماس" كما غيرها من الفصائل وأولها فتح يجب أن تشكل معنى البرنامج الوطني العام أو الاستراتيجية الجامعة. وفي سياق حماس كانت ورقة خالد مشعل عام 2017 تمثل مرحلة مفصيلة في تطور فكر حماس يجب البناء عليها، إضافة لمقررات مؤتمرات حركة فتح السادس والسابع، واوراق الفصائل الاخرى، ما يشكل أساسًا متينًا للتقارب.
إن ما يجب الانتباه له هنا هو ضرورة انعقاد مؤتمر وطني للدرس والمراجعة والمساءلة (ربما لأول مرة) يقرر النظر والنقد لما حصل في مرحلة العامين الأسودين من الإبادة والمقتلة والنكبة في غزة، ويتم في المؤتمر الحوار والمراجعة الحقيقية والاعتراف بالخطايا دون تغطية أو تبرير أو دفاع عن مواقف سمجة او فاشلة من كل الأطراف، وبمنطق الحوار والتوافق والوحدوية، واحترام الناس وخدمتهم وتثبيتهم وتحقيق صمودهم لا سيما وأن الناس هم مشعل النور للحقيقي لأي قرار أو تنظيم، وبهم ومن أجلهم تكون فلسطين عفية بهية قوية.
حاشية: في إطار ما المطلوب من فتح وما المطلوب من حماس كان لنا كتيب بالموضوع، وكان لنا حوار مهم مع الاخ جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأمين سرها في 4/9/2025 ، وللنظر في لقائه الرائي (التلفزة) في 12/10/2025م وفي لقائنا مع صفوة الحركة في المجلس الاستشاري بتاريخ 14/10/2025 وما قبل ذلك من عديد اللقاءات، وحوارات أكاديمية فتح الفكرية ومعهد السياسات العامة...الخ. وقعت الحركة النضالية الفلسطينية خلال العامين الكئيبين منذ 7/10/2023 حتى اليوم بمأزق كبير، لربما كان أصعبها على مدار 60 عامًا من حياتها منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية والمقاومة عام 1965م، وكانت الأسباب لما حصل بشكل أساس من إثارة عش الدبابير الذي شرّع للإسرائيلي تحقيق خططه العدوانية في تسريع الإبادة والقتل وسلب الأرض والتهجير وردم أي حديث عن الدولة الفلسطينية وكأن ما حصل شكّل الهدية المنتظرة التي سقطت عليه من السماء.
سارت "حماس" ما بين التسرع والغفلة، أو بين الرغبة والممكن، وما برز في صعوبة تحقيق الهدف أو استحالته أو مثاليته مرتبطًا بعدم التقدير الصحيح في ظل الفارق الهائل في مستويات القوة والقدرة المختلفة، ويمكن القول أن السير في ركاب المحاور أو الانصياع لإملاءات خارجية كان أحد الأسباب.
كان انعدام الرؤية أو ضعف إدراك المستجدات فظيعًا في الواقع العربي القائم والمرتبط بمصالح الدول الوطنية المتمحورة على ذاتها وخططها الداخلية، وحدود استخدامها لقوتها من أجل فلسطين بعد أن تراجعت القضية عندها من مركزية الى ثانوية.
يمكنكم وضع خطة الاستدراج الإسرائيلي للقوى الفلسطينية في قطاع غزة بالاعتبار، هذه القوى التي على رأسها "حماس" التي لم ترى الصورة مكتملة أو لم تدقق بالخيارات، ولم يكن لديها نضوج بالأهداف والخطط لسبب النظرة الضيقة والعجولة، أو الرغبة بتحقيق انتصارهادر مهما كان الثمن، ولربما برز لديها انعدام القدرة على رؤية الثابت والمتغير بالعلاقة الأمريكية الإسرائيلية (جسد واحد) وما يعني نقص التروية عن شجرة القرار لدى حماس التي أقدمت على المباغتة.
في إطار العامين الكارثيين على فلسطين تنقلت حماس بين الشعور بالعظمة والتفاخر والقدرة اللامتناهية، وتبرير حق الفعل المنفرد دون إستشارة أحد، والإقدام المصحوب بالأمل نحو المجهول حتى بدأ مسلسل التنازلات وكل بتبرير لم يجعل من النقد الذاتي أساسًا.
في سياق التدمير والقتل والإبادة والخراب الإسرائيلي غير المسبوق بالعالم لم تراجع حماس نفسها، او تتوقف لالتقاط الأنفاس والتفكير بروية، ولم تقبل أقل النقد حتى من بعض مؤيديها وقادتها وافتقدت الى ذلك حسّ الجماهير من حبها وحمايتها وتثبيتها واحترامها، ولم ترى أمامها أحدًا، كي يردها عن درجة بلوغها الهدف غير المفهوم-بعد كل هجمة صهيونية قاتلة تطيح بمئة شهيد يوميًا على الأقل- وهو الهدف الذي ظل يتناقص من كل فلسطين، والأقصى، الى غزة ثم الى أجزاء منها، وبشروط ظلت تتناقص مع كل انهيار في الجبهات المحيطة سواء الفصائلية أو العربية حتى وصلنا لما هو قائم الآن في مخطط النقاط العشرين البائسة للرئيس الامريكي.
بغض النظر عن الأسباب التي أدت للطوفان وبغض النظر عن طُهر النوايا وصحتها أو سوءها فإن ما حصل قد حصل وأدى في واقع الأمر للإستسلام لمنطق مخطط ترمب الأخير وبالتعديلات البشعة من نتنياهو.
ويحتاج النظر بالأسباب لجلسات نقد ونقد ذاتي للحركة الوطنية كاملة، وتقصيرها، بما فيها فصيل حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح لنصل الى أخذ العبر والمشتركات المطلوبة.
الموقف الآن بعد موافقة حماس على خطة ترمب للسلام في غزة ما المطلوب من حركة حماس أن تفعله، برأينا؟
1-الالتزامات الوطنية: من حيث الإقرار بأننا بلد واحد ودولة واحدة فلا دولة بلا غزة أوبلا الضفة، وأن لدينا حكم واحد وسلطة واحدة وقانون واحد، وكذلك الامن والسلاح واحد وما يؤسس لحركة الدم المطلقة في إطار القانون. وإنهاء فكرة الاستفراد والانعزال بقطاع غزة عن مجمل الجغرافيا الفلسطينية، الى الأبد.
2-يجب على "حماس" القطع نهائيًا مع عقلية البديل او الموازي لمنظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي القبول بأن الإطار الوطني الجامع هو ما حقق الكسب العالمي أي المنظمة والسلطة والدولة بلا تردد أو مماطلة او استدراكات...الخ.
3-لا بد من تحقيق تغيير فلسفي فكراني (أيديولوجي) داخل التعبئة التنظيمية في الفصيل من عقل الإقصاء (الولاء والبراء والاستعلاء ضد المختلف) واستبداله بعقلية القبول والاعتراف بالمختلف واحترامه والتجاور معه لا قتله أو تخوينه وتكفيره.
4-الاقرار بالمجتمع المدني الديمقراطي وفكرة المواطنة للجميع بلا تمييز، والانتخابات والتداول السلمي للسلطة، والقطع مع مفهوم التمكين بمعنى الاغتصاب المشرعن للحكم هنا، واحتضان مفهوم السلمية بالأهداف والوسائل بالعلاقات الفلسطينية.
5-الالتزام بالدولة الفلسطينية المستقلة (على المتاح بحدود العام 1967م) جامعًا وهدفًا والسعي لتجسيدها وتحريرها من الاحتلال، وقبول الالتزامات الدولية وكل أشكال النضال واختيار الشكل المناسب وفق الاجماع الوطني بلا تفرد ولا خروج، مع امكانية وأهمية التمايز في إطار الهدف الجامع.
إن هذه الأفكار أو المواضيع المطلوبة من "حماس" كما غيرها من الفصائل وأولها فتح يجب أن تشكل معنى البرنامج الوطني العام أو الاستراتيجية الجامعة. وفي سياق حماس كانت ورقة خالد مشعل عام 2017 تمثل مرحلة مفصيلة في تطور فكر حماس يجب البناء عليها، إضافة لمقررات مؤتمرات حركة فتح السادس والسابع، واوراق الفصائل الاخرى، ما يشكل أساسًا متينًا للتقارب.
إن ما يجب الانتباه له هنا هو ضرورة انعقاد مؤتمر وطني للدرس والمراجعة والمساءلة (ربما لأول مرة) يقرر النظر والنقد لما حصل في مرحلة العامين الأسودين من الإبادة والمقتلة والنكبة في غزة، ويتم في المؤتمر الحوار والمراجعة الحقيقية والاعتراف بالخطايا دون تغطية أو تبرير أو دفاع عن مواقف سمجة او فاشلة من كل الأطراف، وبمنطق الحوار والتوافق والوحدوية، واحترام الناس وخدمتهم وتثبيتهم وتحقيق صمودهم لا سيما وأن الناس هم مشعل النور للحقيقي لأي قرار أو تنظيم، وبهم ومن أجلهم تكون فلسطين عفية بهية قوية.
حاشية: في إطار ما المطلوب من فتح وما المطلوب من حماس كان لنا كتيب بالموضوع، وكان لنا حوار مهم مع الاخ جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأمين سرها في 4/9/2025 ، وللنظر في لقائه الرائي (التلفزة) في 12/10/2025م وفي لقائنا مع صفوة الحركة في المجلس الاستشاري بتاريخ 14/10/2025 وما قبل ذلك من عديد اللقاءات، وحوارات أكاديمية فتح الفكرية ومعهد السياسات العامة...الخ.