متى يتوقف السجال العبثي حول النصر والهزيمة؟
جرى الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، لم يكن اتفاقاً بين طرفين كل واحدٍ منهما يملك جيشاً يقف أمام جيشٍ آخر، بل كان بين قوة احتلالٍ تمتلك أداةً عسكريةً جبّارة، وبين طرفٍ يقاوم ويحكم غزة، ويدير مفاوضاتٍ لا يسنده فيها توازن قوىً ولو بحدودٍ دنيا.
الأطراف المتوغلة في حرب السنتين من حماس في غزة، إلى حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وآيات الله في إيران، وأمريكا وإسرائيل، كلٌ من هؤلاء إدّعى نصراً مؤزراً ليس لأنه حققه بهزيمةٍ ماحقةٍ للخصم، بل لأنه ظلّ على قيد الحياة، ويمتلك قدرةً على ادعاءه.
انقسم الرأي العام في بلدان المحاربين حول النصر المُدّعى، والأمر لا يتم وفق قرائن موضوعية، وإنما لحاجة كل طرف لتبرير فداحة الخسائر التي وقعت، دون تحقيق أيّ من الأهداف التي أُعلنت.
نحن في فلسطين أكثر من خسر أرواحاً وممتلكات في حرب السنتين، هذا إذا ما اعتبرنا أنها توقفت عند هذا الحد، ولكن وكما يقول المثل الدارج.. "عادت حليمة لعادتها القديمة" يدور في هذه الأيام سجالٌ عبثيٌ يتخذ أحياناً طابع الشجار في البيوت والمنتديات والمنابر والشاشات وعلى مستوى القاعدة والقمة في كل تنظيم، بين من يدّعي بأن الذي حصل هو نصرٌ مبين، وبين من يواجهه بعكس ما يقول، بأن الذي حصل هو هزيمةٌ واستسلام.
المراقب للمشهد من غير المتورطين في هذا النقاش العقيم والبائس، لا يرى نصراً على أي مستوىً لأن النصر الحقيقي أن يرفع الخصم رايةً بيضاء أمام الخصم الآخر وهذا لم يحدث، إذاً ما هو الوصف الحقيقي لخلاصة هذه الحرب الطويلة والتي لا ضماناتٍ حاسمة وكافية لأن لا تتجدد لفترةٍ أطول وبخسائر أفدح؟
الوصف الحقيقي هو.. إنها حربٌ لا انتصار فيها لأي طرف، وكل ما يتم بشأنها من تسويات هي بمثابة استراحةٍ للمتحاربين قد تطول وقد تقصر، وفيما نحن فيه الآن فما نأمل ونتمنى أن تطول، أمّا ادعاء النصر فهو مجرد إخلاء مسؤوليةٍ عن الخسائر الفادحة التي وقعت وكذلك عن العجز الصارخ في تحقيق الأهداف.
