ما بعد قطر ...

لا يمكن لحادثة متهورة مثل القصف الإسرائيلي على قطر ، ان تحدث التغيير الكامل في الموقف العربي الشامل . وانما قد تساهم هذه الحادثة في إعادة تشكيل الوعي والتخلص من بعض الأوهام لدى نفر من السياسيين وأصحاب القرار وصولا الى نتيجة ان العلاقة الامريكية– الإسرائيلية مستقرة جدا بينما العلاقة العربية الأمريكية غير مستقرة ابدا من لحظة مساهمة البيت الأبيض في اسقاط الرئيس حسني مبارك حتى قتل الزعيم الليبي والتخلص من الرئيس السوري وهكذا .

ردة الفعل العربي على العدوان كان لها ان تكون بصورة مختلفة لو كان هناك رئيس امريكي مختلف عن الرئيس الحالي ترامب. وترامب لا هو جنرال يفهم في العسكرية ولا هو سياسي يفهم في السياسة ، بل هو اقرب "ما يكون لناشط " سوشيال ميديا" يبحث عن "لايكات" واموال .

ان قصف الاحتلال لعاصمة عربية أخرى بكل هذه السهولة يعد كارثة سياسية كبيرة ، لا سيما انها اول عاصمة عربية خليجية تقع تحت العدوان . ما يعني ان كل الدول العربية الان أصبحت دول مواجهة لمشروع إسرائيل الكبرى .

برأيي ان القصف لم يكن وليد قرار ساعة او يوم او سنة . بل هو وليد هزائم سياسية واقتصادية وامنية منذ العام 1967 وحتى اليوم. ولولا هذه التراكمات لم كان الامر بهذه السهولة عند حكومة اليمين المتطرف في تل ابيب .

ان الولايات المتحدة بزعامة الرئيس المتهور ترامب ، وان إسرائيل بقيادة المتدهور نحو المزيد من العنف نتانياهو , قادرتان على اجهاض أي قرار عربي يصدر عن قمة الدوحة خلال الايام القادمة ، ولكن :

ان قصف الطيران الإسرائيلي لقطر انهى حالة الضباب والتشكك بحقيقة وجود مؤامرة إسرائيل الكبرى .

ان الحقبة التي بدأها اسحق رابين وشمعون بيريس في عام 1995 لإقامة علاقات سرية وعلانية مع عواصم العالم العربي قد انهاها نتانياهو بضربة واحدة.

كان العام 2025 فرصة كبيرة لنتانياهو ليضمن خروجا مقبولا من حرب غزة ، ولكنه أضاع الفرصة وأضاع جهود التوسط لوقف الحرب وانهاء الملف . وما كان ثمينا جدا جدا في هذا العام سوف يكون مجانا جدا في العام القادم .

ما حدث عزز دور مصر الدولي والإقليمي بقوة كبيرة واثبت ان كثيرون قد ينافسوها في هذا الدور لكن لا احد يستطيع من دونها .

لا سلام من دون مصر ولا حرب من دون مصر.