دولة الإمارات والخط الأحمر

رأي مسار
اعتبر العرب في قممهم أن التطبيع مع إسرائيل شأنٌ من شؤون السيادة، وبقراءةٍ للخريطة العربية فإن الدول التي أقامت علاقاتٍ رسميةً مع إسرائيل قديماً وحديثاً، كثيرةٌ كمّا ونوعاً، والدول التي لم تقم ذات العلاقات، كثيرةٌ كمّاً ونوعاً كذلك.
مع مرور سنواتٍ طويلة على التطبيع القديم والمستجد توقف قطار أبراهام قبل وصوله المحطة السعودية، ويبدو جلياً أن التزام الكل العربي بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبها هو الجامع المشترك بينهم، بل إن الالتزام بهذه الحقوق يتقدم على كل تطبيعٍ تم، وتطبيع يجري الحديث عنه.
موقف دولة الإمارات، واعتبارها الضم خطاً أحمر، يستحق أن تنظر إليه إسرائيل وأمريكا على أنه جديرٌ بإعادة النظر في فكرة التطبيع المجاني، ليستبدل بفكرةٍ أكثر واقعية وهي إذا كان لابد من تطبيع فلا بد من دولةٍ فلسطينية تقابله.
"خارطة سموتريتش لضم الضفة الغربية"
سموتريتش وكاتس وحرب التخويف
كل ما تملكه إسرائيل من قدراتٍ عسكريةٍِ واقتصاديةٍ وتحالفية، نعرفه ونحفظه عن ظهر قلب، ليس لأننا نقرأه في الكتب والنشرات والدراسات والتقارير، ولكن لأننا جربناه على جلودنا، ليس في معركةٍ واحدة وإنما عبر صراعٍ مريرٍ بلغ مداه قرناً بكامله.
كاتس الذي يوصف بالإمّعة، لأنه يقف على رؤوس أصابعه لإظهار أنه وزير دفاعٍ يملأ مقعده، يتوعد بحسمٍ في الضفة، وزميله في الحكومة ووزارة الدفاع سموتريتش يتوعد بضم واحد وثمانين بالمائة من أراضي الضفة، وحشر الملايين المتبقية في معازل أقرب إلى السجون الضيقة، والمؤسف أننا نجد أحياناً من عندنا من يعتبر ما يقوله سموتريتش على أنه قدرٌ لا راد له، بل نجد من يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وكأن ألعاب سموتريتش لتحسين وضعه الانتخابي المتدهور لا تنطبق فقط على الفلسطينيين بل على الشرق الأوسط كله.
لا أحد يقلل من خطورة سعي هؤلاء لكسر شوكة الفلسطينيين، ولكن أكثر من نصف إسرائيل يرون ذلك مستحيلاً حتى في غزة المدمرة، فلا مجال للحسم الذي يريده نتنياهو.
بوسع حكومة إسرائيل أن تعرض ما تريد على التصويت في الكنيست والكابينت، وتحصل على النتيجة المطلوبة، غير أن أمراً كهذا الذي لم تحسمه حروب إسرائيل المتواصلة، واحتلالها المستمر وتفوقها العسكري والتحالفي، فلن يحسمه تصويتٌ في الكنيست ما دامت الملايين الفلسطينية على أرضها ولم ولن تغادرها، وهذا هو التحدي الذي يدركه الإسرائيليون أكثر من غيرهم، ويدركون كذلك استحالة فوزهم فيه.
هنالك جيش إسرائيلي سري وعلني يعمل ليل نهار وفي كل مكان لتصدير الرعب للفلسطينيين لحملهم على الهجرة، ولكن الفلسطيني بوعيه وتجذر حياته في أرض الوطن، يملك قدراتٍ هائلةً على الصمود، بدليل خلاصة حرب قرنٍ لم تتوقف وأهل فلسطين لا يتوقفون عن الازدياد.
نتنياهو يفقد التوازن واللياقة
بمقياس رئيس وزراء دولة فإن قرائن عديدة تؤكد أن نتنياهو فقد توازنه وتخلى عن الحد الأدنى من اللياقة في التعبير عن مواقفه، وذلك من خلال خطاباته تجاه الدول التي اعترفت أو ستعترف بالدولة الفلسطينية، وآخر نموذجٍ لفقدان التوازن واللياقة تهجمه على رئيس وزراء بلجيكا ونعته بأقذع الصفات، ويعتبره إرهابياً وعميلاً لحركة حماس، ويعمل معها للقضاء على دولة إسرائيل!!!
نتنياهو يبدو كما لو أنه في غيبوبة ولا يدري كم من التحولات حدثت على مستوى العالم، وإلى أي دركٍ هبطت سمعة إسرائيل وصورتها، حتى الرئيس ترمب حامي حما نتنياهو ومغامراته وأجنداته الشخصية، حذّره بأشد العبارات وضوحاً وصراحةً، بأن إسرائيل تخسر نفوذها في الكونجرس الذي هو أحد أهم عناصر بقاء الدولة العبرية، وتخسر كذلك على مستوى حرب الصورة والرواية، مسترجعاً تحذير وزير دفاع إدارة بايدن لويد أوستن منذ الأيام الأولى للحرب على غزة حين قال.." قد تكسب إسرائيل تكتيكياً ولكنها ستخسر استراتيجياً"
لم يبق على نتنياهو سوى أن يقضي جلّ وقته في الشجار مع رؤساء دول العالم، وفتح معارك معهم بفعل تسونامي الاعترافات، ذلك قبل أن تصل الأمور إلى تسونامي العقوبات.