كُن لأجل فلسطين وشعبها فقط

الكاتب: بكر أبوبكر
كان الأجدرُ بك أن تكون متيقنًا تعرفُ طريقك، فلا تنتمي لغير فلسطين وشعبها العربي البطل وأمتك، ولا يغزو خلاياك إلا هي أي فلسطين، لتأخذ من أنسام الربيع القادرة قِدرأ كبيرة، تحوى القُدْرَة الكبيرة على إنهاض رئتيك اللتين ترفضان عطن الهواء، ولا تقبلان إلا نسائم الزهور والخِلّان والإيمان بالقدر.
كان من الأولى لك أن تنتسب للهوية النضالية، والفكرة النضالية، والقيم النضالية، والمسلكية النضالية، والمباديء النضالية، والخطة النضالية لا غيرها، وسيلة رحبة ومدىً مفتوحا، وسياجًا آمنا ورباطًا بلا ثمن، وسعيا عند الله مشكورًا، وسبيلا للمحسنين نحو المعشوق.
إن فلسطين قلب الأمة هي الحبُ بلا حدود، وهي فكرة العِشق دون انتظار القُبلة، وهي النباهة حين تضيقُ العقول فلا تدخل حتى من ثقب إبرة.
ومن أجل فلسطين فقط ارتدى المجاهدون بزّة الثورة، ومن أجلها كانت "فتح" وسيلة، ووعاءً جامعًا، وما كانت أبدًا صنيعة أو صنمًا أو تميمة من أجل هذا القائد المرتبك أو ذاك القائد الفاسد، أو ذاك المتخم بانتهازيته، أو غيره القافز فوق عنق شعبه، أو أشباههم.
فلسطين هي مقياس النُبل فتكشف فساد الكثيرين، وهي الأرض الثابتة حين يهتزّ الآخرون ويميدون أويعجزون أو يتوهون، وهي حقيقة الصمود حينما يسقط الفاشلون.
كُن من أجل فلسطين لا من أجل هذا القائد الأيسر ولا ذاك القائد الأيمن ولا حتى الأوسط أو أشباههم، لأنك في الحركة الوطنية الفلسطينية عمومًا، وفي حركة فتح خصوصًا قد ترى الألوان كثيرة حين تختلط، ولكنك حتمًا ترى نور القمر المنير جليّا، نور فلسطين وأصالة شعبها فتهتدي ولا تضلّ.
عندما تضع فلسطين بين عينيك فأنت أخترت أن تُمسك يومَك بيديك فلا تهدره، وتضع غدك بين عينيك فتديم النظر. وعندما تنظر إلى الخلف قليلًا فإنك تتعلم وتنتقد ذاتك، وتُراجع خطواتك وتعترف بأخطائك ولا تقف عند هذا الحد، بل تُصوّب الخطة أوالمسار وتعدّل وتطور وفق الرؤية الشاملة والمنهج الثابت. ولأنك اخترت فلسطين غاية، واخترت ابنة فلسطين وأمها "فتح" الفكرة والمسيرة والكوفية، فإن عليك أن تقدّم الجديد دومًا بأن تنتقد نعم، ولكن بالمقابل تبادر وتُبدع، ولا تكلّ العمل ثم العمل ثم العمل لخدمة الشعب، وضد أعداء الشعب فتَبرَع.
أنت إبن عائلتك، وابن وطنك أولًا، لذلك تُقسِم في حركة فتح على الولاء والانتماء لفلسطين، لا كما يُقسم الآخرون ليموتوا فداء للحزب أو لأفكار الأصنام والأسلاف، فداءً للفكرة الضيقة بلا هواء منعش، أو تجدّد في شرنقة الزمن الفائت. انتبه! فأنت تقسم لفلسطين فقط، لا للوسيلة ولا للقائد (أو شبيهه) المتقنبل بكِبْره أو عليائيته أو نزقه أو تفاهته أو سخافته أوعقله المغلق.
لك أن تفخر كعربي فلسطيني أو عربي عامة، أو فتحوي أو وطني بأي بلد في أمتنا المتميزة، بالتاريخ والحضارة والثقافة الجامعة، ولا تتوقف عند ذلك، فأنت التاريخ يمشي على قدمين فيضع الفاسدَ منه في خطوة يطأها، ويرفع رجله الثانية ليبني لبنة جديدة -من عريق تراثه وتجدّد عقله وكونية حضارته- في مستقبل الأمة، وفي مستقبل فلسطين، لأنك كما ترى، تسير في درب الفتح المبين بإذن الله
يجب أن تصمد ولا تنهزم أبدا، ولا تتراجع عن الغاية، فأنت العربي الأبيّ الفلسطيني المارد ابن العمالقة، منذ الفلسطيني الأول من مليون عام، ومنذ خالد الأول وعمر الأول، ومنذ ظهر ظاهر العمر الزيداني الذي أوصى بعمامته ميراثًا لعزّ الدين القسام والذي أيضًا أوصى أصحابه بها ليلبسها الخالد ياسر عرفات كوفيةً مرقطةً، لتصبح مشعل مقاومتك اليومية، وعرفانك الدائم وخلاصك الأبدي يا ابن الحركة الوطنية المنيرةُ العلم المتجدد، والعمل المتقن، بدأب... من المهد الى اللحد.
كُن عربيًا حرًا وكن فلسطينيًا حرًا وكن وطنيًا حرًا وكن فتحويا حرًا فلا تخشى إلا الله ، ولا نقيض أعظم لك الا المحتل، ومن هنا تجلّت غايتك بتحرير ذاتك وتحرير مجتمعك وناسك وتحرير فلسطين، وتكون أهدافك وطنية أولًا وتاليًا في عمق أمتك العربية الاسلامية المسيحية المشرقية الانسانية ، فترتفع رايتك حتى عنان المساء. كن حرًا فلا تهُن ولا تكِل ولا تنكسر ولا تحزن، ولا تقطع صلاتك ولا تخنع ولا تجبُن ولا تفحش ولا تمتليء سوادا أو سلبية أبدا، فكلهم زائلون، وأنت المثابر (أنتم المثابرون)-ومن أمسك بيدك- صاحب الرسالة حتى ينال الطيرُ من الفجر بغيته.