قرار المجلس المركزي بخصوص استحداث نائب رئيس للجنة التنفيذية.. معيب قانونا وجب التعديل عليه

الكاتب: المحامي صلاح موسى
تجنب المجلس المركزي التعديل على النظام الاساسي لمنظمة التحرير، واحسن اذ فعل ذلك لان التعديل على النظام الاساسي لا يجوز الا من خلال المجلس الوطني حصرا حسبما ورد في المادة (30) من النظام. لذا فان ديباجة القرار جاءت ان المجلس المركزي اخذ بعين الاعتبار ما ورد في المادة (13) الفقرة (ب) والمادة (16) منه، قرر اولا: استحداث نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دولة فلسطين. ثانيا: يعين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين من بين اعضاء اللجنة التنفيذية،بترشيح من رئيس اللجنة وبمصادقة اعضائها، وله ان يكلفه بمهام، وان يعفيه من منصبه، وان يقبل استقالته.
بالتدقيق بالقرار نجده معيبا من الناحية القانونية للاسباب التالية:
1. القرار به خلط ما بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، حيث ان دولة فلسطين تستخدم كناية عن السلطة الوطنية الفلسطينية وبالتالي فان السلطة الوطنية والتي اصبح يشار اليها بدولة فلسطين يحكمها القانون الاساسي الفلسطيني وليس قرارات المجلس المركزي، خاصة وان الرئيس اصدر اعلان دستوري حدد فيه ان من يحل مكان الرئيس في حالة شغور المنصب(منصب رئيس الدولة) هو رئيس المجلس الوطني الفلسطيني،حيث ان كافة القرارات بقانون والمراسيم تصدر باسم رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين منذ ان اصدر الرئيس مرسوم باستبدال عبارة السلطة الوطنية باسم دولة فلسطين، ورغم تحفظنا على شكل ومضمون الاعلان الدستوري في حينه الا انه اصبح نافذ، وهذا النص الوارد في قرار المجلس المركزي يثير التناقض ويدفع على التساؤل لماذا هذا الخلط، واعتقد انه سقطة غير مقصودة، لان بقاء النص في هذه الحالة سيؤسس لتنازع في الاختصاصات بين رئيس المجلس الوطني بصفته يملك كافة الصلاحيات وفقا للاعلان الدستوري ونائب رئيس اللجنة التنفيذية بصفته نائب لرئيس دولة فلسطين.
2. الفقرة الثانية من القرار به تناقض من حيث الصياغة والمضمون والنتيجة حيث تنص على " يعين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين من بين اعضاء اللجنة التنفيذية،بترشيح من رئيس اللجنة وبمصادقة اعضائها، وله ان يكلفه بمهام، وان يعفيه من منصبه، وان يقبل استقالته" يتضح من النص الامور التالية، ان الرئيس هو من سيرشح نائب له، وان دور اللجنة التنفيذية هو المصادقة على الترشيح، وان الرئيس هو من يعزله و/او يقبل استقالته هنا نكون امام امور متناقضة قانونا واصولا وهي:
اولا: يتعلق بمفهوم الترشيح، عندما تقوم جهة ادنى بالترشيح لجهة اعلى يجب ان ترشح اكثر من شخص للاختيار من بين المرشحين وبالتالي فان النص جاء حصريا واستخدم كلمة ترشيح وهذا تناقض واضح مع صياغة هذه الفقرة مع مفهوم المصادقة.
ثانيا: ان عبارة وبمصادقة اللجنة التنفيذية، تعني ان الترشيح وكما هو وارد يجب ان يتم باجماع اعضاء اللجنة التنفيذية دون استثناء، حيث ان المصادقة طالما ارتبطت باللجنة التنفيذية اصبحت شاملة وكاملة ومتصلة بكافة الاعضاء دون استثناء، وهذا فيه غلو ومبالغة وتخالف نص المادة (22) من النظام الاساسي لمنظمة التحرير والتي نص على ان قرارات اللجنة التنفيذية تأخذ باغلبية اعضائها.وبالتالي فان هذا النص معيب ولا يحقق النتيجة المتوخاه من التعديل.
ثالثا: يتعلق بعزل النائب وقبول استقالته: فكيف للرئيس وحسب النص ان يقبل استقالته ويعزله مع العلم ان الجهة التي منحته الثقة (المصادقة) هي اللجنة التنفيذية،وان الرئيس وحسب القرار يقتصر دوره على الترشيح، وهنا نحن امام مبدأ مسلم به قانونا واداريا ان من يقوم بالتعيين (المصادقة) هو من يقوم باعفائه من منصبة. وهذه سقطة في القرار يستوجب الوقوف امامها والتراجع عنها وصياغة القرار بصور تحقق الغاية من استحداث المنصب.
3. القرار مع الاحترام استحدث تعبير قانوني جديد يتعلق بمفهوم المصادقة على اعمال وصلاحيات اللجنة التنفيذية، وهذا امر لا مكان له حيث ان المصادقة استقر فقها وقانونا تتم من وزير و/او من جهة رقابية وليست من جهة كاللجنة التنفيذية والذي منحها النظام الاساسي في المادة (17) اصدار اللوائح والتعليمات، فكيف لجهة تشريعية ان يكون دورها يقتصر على مفهوم المصادقة بالمفهوم الاجرائي. مع تفهمنا لمن صاغ القرار انه هدف منه ان يكون قرار اللجنة التنفيذية كاشفا وليس منشأ، فان كان كذلك فعليه ان يعدل بصيغة القرار واستبدال كلمة ترشيح بتعين نائب له على ان تصدر اللجنة التنفيذية لائحة تحدد صلاحيات نائب الرئيس مثلا.
4. القرار لمن صاغه فيه خلط ما بين القرار الاداري والتعديل التشريعي وارساء ابعاد سياسية، وهذا امر معيب من حيث الصياغة والنتيجة.
وعليه نوصي استدراك القرار والتعديل عليه بحيث يخدم الغاية من انعقاد المجلس المركزي والا فان هذا القرار يصبح متناقض مع ذاته ويحمل بذور فناءه القانوني !!!