في خطاب الرئيس... وقرار الأردن... والتعقل التكتيكي لنتنياهو

رأي مسار
خطاب الرئيس... تقطع الخيوط الواهية أصلاً مع حماس
أمام المجلس المركزي تحدّث الرئيس محمود عباس وقال الكثير، إلا أن الذي لفت الانتباه هجومه على حركة حماس، واستخدامه مفرداتٍ شديدة القسوة، كان قد استخدم مثلها في وصف غيرهم من دول العالم بما في ذلك أمريكا.
لم يكن خطابه بشأن حماس متوقعاً بهذه الدرجة من الحدة، نظراً لما شاع في الأجواء الفلسطينية والعربية، من أن توجهاً وحدوياً تبلور بمبادرة من فتح، حين قام وفدٌ من قيادتها بزيارة القاهرة، لفتح حوارٍ باتجاهين.. مع حماس.. وهذا أنعش التوقع بنجاح المسعى الذي فشل على مدى ستة أو سبعة عشر سنة من الانقسام. ومع المفصولين من حركة فتح في سياق جهدٍ لاستعادة الوحدة الداخلية لها.
خطاب الرئيس أمام المجلس بدد كل ما بُنيَ من توقعات على وحدةٍ منشودةٍ مع حماس، ومن خلال التصفيق الذي رافق هذه الفقرة من الخطاب، بدا أن للعلاقة السلبية مع حماس جمهورٌ من بين أعضاء المجلس، الذي بحكم تركيبته التي استحدثت بعد آخر دورة للمجلس الوطني عُقدت في رام الله، بدا إطاراً طيّعاً في ولاءه للرئيس ولأي توجه يختاره، وهذا سينسحب كذلك على قراره بشأن نائبه المحتمل في رئاسة منظمة التحرير.
إذا كان الأمر سيعود إلى اللجنة التنفيذية فلا مجال لتوقع معارضة تذكر لاختياره.
الأردن وجماعة الإخوان المسلمين
الإخوان المسلمون الذين يرفضون وصفهم بالحزب بعد أن اختاروا ومنذ التأسيس مصطلح الجماعة كعنوان لتشكيلاتهم ذات الطابع الحزبي، كانوا ولفترة طويلة الحلفاء الأكثر قرباً من النظام، حتى خُلع عليهم في مرحلة من أشد المراحل التي واجه فيها النظام سلسلة من المحاولات الانقلابية... مصطلح "مليشيا النظام" وكانوا من البداية الأكثر رعايةً من غيرهم، مثلما كانوا هم الأكثر ولاءً.
القرارات الأخيرة بحظر الجماعة، تعني نهاية شهر العسل الذي استفاد منه الإخوان في مراحل التأسيس وتوسيع النفوذ شعبياً ورسمياً، إلا أن التطورات التي حدثت في الإقليم، ودور الإسلام السياسي فيها، أظهرت الجماعة، ليس مجرد عبءٍ على النظام بل جهة نافذة تهدد أمن البلد واستقراره، بإقحامه في صراعات لا قِبل له بها، ولا قدرة للمعادلة الأردنية الدقيقة على تحمل تبعاتها داخلياً وخارجياً.
إلى أين ستصل الأمور بعد هذا التطور الذي بدا مفاجئاً في حسمه وجذريته؟ فهذا ما ستكشفه الأيام القادمة، ولن تكون بعيدةً على أي حال.
نتنياهو والعقلنة الأمريكية
قبل الاتصال الأخير المطوّل الذي جرى بين نتنياهو والرئيس ترمب، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يهدد ويتوعد ليس فقط باستمرار الضغط على حماس تحت النار، بل بمضاعفة مساحات الاحتلال العسكري لمعظم مناطق القطاع، حتى أن تقديراتٍ تكاد تكون دقيقة، ذهبت إلى حد التأكيد على احتلال غزة بالكامل، لتمشيط أحيائها وحتى بيوتها وتدمير ما تبقى فيها من أنفاق، مع إعلانات حكومية أطلقها سموتريتش وبن غفير، تشير إلى أن المحتجزين في غزة لم يعودوا الأولوية بالنسبة لحكومة نتنياهو وائتلافه.
حاجة الرئيس ترمب لمواصلة العمل بالصفقة على أساس مبادرة مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، "فرملت" ولو بصورة تكتيكية جموح نتنياهو، وأجبرته على إعادة النظر في خياراته وتوجهاته، وأرغمته على الإذعان لرغبة رئيسه الأعلى ترمب، والذهاب إلى خيارٍ مختلف، وهو إعطاء الصفقة فرصة، وبعدها يكون لكل حادثٍ حديث.
نتنياهو لا يملك أن يعارض ولا حتى أن يناقش رغبات ترمب، لذلك فهو لن يهدر التفويض الممنوح له بمواصلة الضغط على حماس تحت النار، وهذا أمرٌ مشتركٌ بينه وبين رئيسه، وإلى أن ينضح حلٌ مؤقت في سياق الصفقة وحتى الآن لا يُعرف متى.