الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:46 AM
الظهر 12:39 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:14 PM
العشاء 8:33 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الموروث الاسلامي و نقد روايات "الاسرائيليات"

الكاتب: بكر أبوبكر

عندما سطّرت كتابي المعنون: أساطير اليهود وأرض فلسطين في القرآن الكريم، (الصادر عام 2016م) كان الهاجس الذي يحركني هو حجم الاستغلال لدى العصبة الحاكمة في "اسرائيل" خاصة المتطرفين الدينيين والارهابيين فيهم للغث من المرويات العربية والاسلامية التراثية المندفعة لتأييد خرافات التوراة من جهة، ولقدرة هذه العصبة والمتساوقون معها على غسل دماغ الكثير في الأمة عبر المواقع الصهيونية (والمتساوقة معها) التي توهم الأمة بصلة ما بين الأقوام والاثنيات والجنسيات المختلفة التي اعتنقت الديانة اليهودية عبر الزمن، وبين قبيلة بني اسرائيل العربية المنقرضة. لذا فهأنذا أعيد نشر المقال السابق لي حول الموضوع مع بعض الإضافات عام 2025 لما فيها من توضيحات وجب العودة لها، وفي سياق أن مؤسسي الكيان استند الكثير منهم على خرافات التوراة التاريخية.

 (للنظر كتابنا: شخصيات ساهمت في تأسيس الكيان الصهيوني الصادر عام 2022م، وكتابنا الذي أعددناه تحت عنوان: تاريخ فلسطين بين تضليل الأسفار ونور العلم والآثار الصادر عام 2025م).

 وعليه، إضافة لما سبق نشير الى أن استغلال المواقع الصهيونية على الشابكة، ونواطقهم ومدفعيتهم الاعلامية للأمر، لا بل ومن بعض الأعراب (حديثًا من التتبيعيين) ، لآيات القرآن الكريم وتحريفها على عادة كهنة اليهود القدماء، وإدعاء ما لا يستقيم جعل من البحث في رفض التأويلات والتفسيرات المنحرفة التي تنشيء حقًا لأقوام عديدة متنوعة اعتنقت الديانة (المِلّة) اليهودية بأرضنا ولا صلة بين هذا وذاك، فكان كتابي والذي أشرت فيه لمدى تغلغل "الاسرائيليات" في متون بعض الأحاديث وفي تفاسير القرآن الكريم.

 والى ذلك وإثر عثوري على كتاب الشيخ محمد حسين الذهبي الثمين عن: الاسرائيليات في التفسير والحديث، فلقد لخصت أبرز ما فيه وذو صله بالتحريف والمتون الاسرائيلية بالتفاسير للقرآن وذات الصلة بفلسطيننا منذ الازل والى الابد، وقضيتنا بالتبعية، كما نورده هنا، ثم اتبعت ذلك في المقال هذا نقاشا حول آية التفضيل لبني اسرائيل القدماء المنقرضين.

الشيخ الذهبي والاسرائيليات

خلاصة القول في حكم رواية الاسرائيليات  كما يقول الشيخ الذهبي[1]:" أن ما جاء موافقا لما في شرعنا صدّقناه، وما جاء مخالفا لما في شرعنا كذبناه وحُرّمت روايته الا لبيان بطلانه، وما سكت عنه شرعنا توقفنا فيه".

          اما عن الروايات والاخبار والتاريخ والقصص فيقول  بعد تجويز روايته  عنهم أن "روايته ليست إلا مجرد حكاية له كما هو موجود في كتبهم أو كما يحدثون به بصرف النظر عن كونه حقا او غير حق"، ويقول ابن تيمية أن الأحاديث الاسرائيلية تذكر "للاستشهاد وليس للاعتقاد".

ويقول الشيخ البقاعي أن المقصود بالنقل عن بني اسرائيل أي نقل قصصهم ورواياتهم عن التوراة فقط لغرض "الاستئناس لا الاعتماد"[2]

وفي النقل عن اليهودي عبدالله بن سلام الذي أسلم لاحقا يقول الشيخ الذهبي: "لانزيف كل رواية ولا نقبل كل رواية، بل علينا أن نعرض كل ما يروى عنه على مقياس الصحة المعتبر في باب الرواية، فما صح قبلناه وما لم يصح رفضناه"[3]

ويشير الكاتب مخالفًا الى أن أحمد أمين والشيخ رشيد رضا [4]يرميان كعب الاحبار، ووهب بن منبه اليهوديان اللذين أسلما، ويُنسب لهما الخلط بروايات الحديث والثقافة اليهودية بالكذب، وبالاشارة خاصة لما ينقلانه عن التوراة وهي المحرفة. حيث يدافع الشيخ الذهبي في كتابه هذا عنهما فيقول عن كعب الاحبار أنه مظلوم وهو: "ثقة مأمون وعالم استغل اسمه فنسب اليه روايات معظمها خرافات وأباطيل لتروج بذلك على العامة ويتقبلها الأغمار من الجهلة"[5]

ونضيف مما ننقله عن كتاب الشيخ الذهبي أنه في تفسير الطبري الكثير من الاخبار والقصص الاسرائيلية، وكذلك الأمر في تفسير ابن جرير الذي يحتوي أباطيل كثيرة[6]

أما ابن كثير ففي تفسيره الذي يحوي الاسرائيليات الكثير الا أنه يتعامل معها بحذر: "فينبّه على ما في التفسير الماثور من منكرات الاسرائيليات وغرائبها، ويحذر منها عامة"[7]

ويشيرالذهبي أيضا الى أن ابن كثير مؤرخ "والمؤرخون يتسامحون في نقل الأخبار ويجمعون في كتبهم الغثّ والسمين"!

وفي هذه العبارة والشهادة من الشيخ الذهبي ما يدعونا للتمحيص بالقبول أو الرفض، وهو الأفضل بشأن التعامل مع المرويات الاسرائيلية التي تحفّ بها كُتب التفاسير خاصة ونحن اليوم في صراع مع أباطيل جديدة من أمم وقوميات تدعي امتلاك بلادنا فلسطين، ويحاول اعلامها استغلال بعض تفاسير القرآن الموشّاة بالاسرائيليات للاشارة لملكية هذه الأقوام لفلسطين أو أي بلد آخر، أو ادعاء الانتساب للقبيلة العربية اليمنية المنقرضة، أو بليّ أعناق الكلمات، خاصة وأن العوام من الناس يقرأون القرآن الكريم دون تمحيص بالمعاني ولا باللغة العربية ولا بحجة عقلية اومنهج تفكير.

أنظر لقول المولى عز وجل في الآية 8 من سورة الحج "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق"، فما بالك بمن يجادل دون ذلك!  

وحين يشير الشيخ الذهبي لتفسير مقاتل بن سليمان الخراساني،[8] وتفسير أبواسحق الثعلبي فإنه يحذر منهما ففي الثعلبي كتاب "شامل للخرافات والأباطيل " وهو تفسير "مشحون بالاكاذيب والأباطيل ومليء بالقصص الاسرائيلية، وهو مولع بالخرافات والغرائب والأعاجيب"[9] وهي مما يستهوي الناس.

ينتقل الشيخ محمد حسين الذهبي لتفسير الآلوسي فيقول أنه "أشد الكتب نقدا للاسرائيليات وعيبا على من توسعوا في أخذها وحشوها في تفاسيرهم"[10] 

أما تفسير الشيخ محمد رشيد رضا فهو أشد المفسرين انكارًا للاسرائيليات و"أعنفهم على من خدعوا بها وروجوا لها".

وفي ختام كتابه الهام يدعو لتنقية كتب التفسير من الاسرائيليات في ص 167 حيث يقول فيها: "كتب التفسير قد حوت من الاسرائيليات كل عجيب وعجيبة، واستوى في ذلك تفاسير المتقدمين والمتاخرين والمتشددين والمتساهلين على تفاوت بينهما في ذلك وقلة وكثرة" ص169

مضيفا أن: كل التفاسير فيها جانب الخطورة على عقول المسلمين وعقائدهم، مشيرًا بالتخصيص لابن جرير وابن كثير، لذا يرى المهمة بتحرير كتب التفسير من الاسرائيليات وأن يصدر مجمع البحوث الاسلامية تفسيرا خاليًا من الاسرائيليات والأباطيل، ويعمم نشره في جميع الأقطار.

إن كل ماذكرناه سابقا من إشارات وردت في كتاب عالم جليل[11] هو فقط للتدليل على ضرورة رفض المرويات والإخباريات الاسرائيلية التي حفل بها سجل تاريخنا العربي والاسلامي، والتي يحاول البعض أن يحرف فيها الأحاديث الشريفة، ومعاني كلمات القرآن الكريم خاصة فيما يتعلق بقصص قبيلة بني اسرائيل القبيلة العربية المنقرضة، ومحاولات اسقاط قصص القرآن -التي جاءت في زمنها ولوقتها- للعبرة والعظة والحِكمة فقط -لأقوام انقرضت وليس لاثبات حق عنصري أو تاريخي- على تاريخ وجغرافيا اليوم ما هو خرافات وأباطيل وأكاذيب.

وفي تقديم الشيخ عبدالحميد السايح لكتاب د.رمزي نعناعة حول الاسرائيليات في كتب التفسير إذ يقول ص 5 أن: "الاسرائيليات وضعت في ثنايا التفسير لتوضيح بعض الآيات القرآنية، وهي دخيلة على الاسلام ومنافية لتعاليمه، ومصادمة لبعض قواعده وسمو أهدافه"، وهي كذلك فيما يتعلق بالعقيدة، فكيف وتلك التي تتعلق بالتاريخ والقصص التوراتي المقنبل بالخرافات والاكاذيب والأباطيل؟

أنها كومة من القش تذروها الرياح لا قيمة لها، الى جانب أن العلم الحديث وعلماء التاريخ المنصفين كما علماء الآثار ينكرونها، بل وينكر الاستناد للتوراة ككتاب تاريخ معتبر.

الكاتب محمد بن محمد أبوشهبة من علماء الأزهر الشريف في كتابه الهام: الاسرائيليات والموضوعات  في كتب التفسير، الصادر عام 1971م: يقول

"ومن التوراة وشروحها، والأسفار وما اشتملت عليه، والتلمود وشروحة، والأساطير والخرافات، والأباطيل التي افتروها، أو تناقلوها عن غيرهم: كانت معارف اليهود وثقافتهم، وهذه كلها كانت المنابع الأصلية للإسرائيليات التي زخرت بها بعض كتب التفسير، والتاريخ والقصص والمواعظ، وهذه المنابع إن كان فيها حق، ففيها باطل كثير، وإن كان فيها صدق، ففيها كذب صراح، وإن كان فيها سمين، ففيها غث كثير".

ودعنا هنا نقول أنه إذا كان هكذا هو الحال في التراث الاسلامي وما يتعلق بالتفاسير والمرويات عن سيد الخلق، فكيف لنا قبول الرواية التوراتية التاريخية هكذا كما هي على إطلاقها (وفيها الخرافية و المبالغات أو المكذوبات والأسطوريات، والاماني والاحلام...) سواء بصيغتها التاريخية الخرافية، أوبصيغتها الجغرافية المشكوك بها آثاريًا؟

 

"بنو اسرائيل" والفضل!

وفي ضوء ما سبق وبسياق الوعي والادراك دعونا نرى حكمة الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وفي قصة قبيلة اسرائيل (المندثرة) حيث  يقول الله تعالى في سورة البقرة بخطاب لقبيلة بني اسرائيل العربية اليمنية المنقرضة "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)" والتفضيل هنا بمعنى (بمعنى خصّكم) على عالمي زمانكم المنقضي فقط، بكثرة الأنبياء وبما أنزل عليكم من كتب، وتفضل عليكم هو سبحانه وتعالى بالهداية، وليس معنى التفضيل كما يفهم السُذّج والأغبياء أوالكذابون الأصلاء! أو كما يقول التوراتيون أنها أفضلية القبيلة أو العِرق (الإثنية) مطلقا!؟-أي عنصرية بغيضة، حاشاه تعالى-او ما يسمونها خبالاً "شعب الله المختار"، وما يتنافى مع التقوى عندالله والتي هي مقياس الإكرام لأي شخص أو فئة عند الله جل وعلا.

وفي موضع آخر في سورة آل عمران تبدو الصورة جلية فالفضل من الله تعالى اذ يقول بالآية74: "يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" ويقول قبلها: "إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"..

يكذب كهنة التوراة وبني اسرائيل القدماء، فهم كما قال الله عنهم "باؤوا بغضب على غضب" وهما غضب الجحود بالرسول وغضب تحريف التوراة وتزييفها، فأنى تكون شخوصهم أو قبيلتهم (المندثرة تاريخيًا) هي المفضّلة؟!  وكيف نجيز لأنفسنا النقل عن قصصهم-على علاتها- وما هي  بغالبها الا خرافات وأحلام وآمال؟!

 إن القبيلة العاصية هي من قال سبحانه وتعالى فيها أيضا "استكبرتم"، و"قالوا قلوبنا غُلف-أي مغلقة عن الايمان"، فحكم الله عليهم بالقول "لعنهم الله بكفرهم، فقليلا ما يؤمنون" (البقرة88)

   أي أنهم مع ما فضّل (خصّ) الله عليهم بكثرة الانبياء لدعوتهم للحق إلا أنهم ظلّوا مستكبرين جاحدين كاذبين مزورين، ومن هنا جاءت التوراة مليئة بالأساطير والخرافات والأكاذيب والاحلام والآمال لا سيما وانها كتبت بعد مئات السنين.

 كهنة الديانة  اليهودية كانوا محرّفين للكتاب مزورين-الا من رحم ربي من القبيلة أو القبائل الأخرى المعتنقة للديانة فآمن بالتوحيد- فحق عليهم الغضب واللعنة.

 وبالطبع -نقول نحن- ومن يسير على درب مزوري وجاحدي هذه القبيلة المنقرضة العاصية من أي مِلة أو قومية أو شعب حديث يحق عليهم لعنة الله وغضبه.

أي أن كثرة ذكر قبيلة بني اسرائيل بالقرآن الكريم كان للعبرة والحكمة والأمثولة لكل ظالم وجاحد وكاذب وعاصي في كل زمان ومكان رغم انقراض قبيلة بني اسرائيل كما انقرضت عاد وثمود وقوم لوط وقوم صالح.... الخ.

وما هؤلاء الأقوام والجنسيات التي تحتل فلسطين اليوم والمتسمّون باسم القبيلة العربية المندثرة أي "الاسرائيليون" الا أتباع الديانة او المِلّة اليهودية السائرين بمتطرفيهم خاصة على آثار جحود القدماء ولايمتون لهم بأي صلة قومية قط إذ غالبهم من جنسيات مختلفة أبرزها الخزر ثم الأوربية....

وفي قول آخر حول التفضيل في البقرة يقول تعالى عن ابراهيم وبنيه ويعقوب "اسرائيل" وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) فالاصطفاء والتفضيل والإكرام مرتبط بالدين والتوحيد والاسلام والخضوع لله.

 

 

الهوامش:

 [1]  الشيخ د.محمد حسين الذهبي في كتابه "الاسرائيليات في التفسير والحديث"، القاهرة مكتبة وهبة، دون تاريخ نشر وذلك ص52

[2]  المصدر السابق صد54

[3]  المصدر السابق ص 69

[4]  المصدر السابق ص 80-81

 المصدر السابق ص 82[5]

[6]  المصدر السابق ص97 وص100

[7]  نفس المصدر ص107

[8]  نفس المصدر ص110

[9]  المصدر السابق ص123-124

[10]  المصدر السابق ص 136

 [11] للتوسع يمكن الرجوع أيضا لكتاب د.رمزي نعناعة،الاسرائيليات وأثرها في كتب التفسير،دار الضياء، بيروت، 1970، وكتاب الإسرائيليات والموضوعات (الموضوعات أي المكذوبات) في كتب التفسير للدكتور محمد أبوشهبة.

*لمراجعة كتاب شلومو ساند الإسرائيلي المعنون (اختراع أرض إسرائيل) والآخر المعنون (اختراع الشعب اليهودي)، وكتاب اليهودي الهنغاري المعنون (القبيلة 13 ويهود اليوم) عن يهود الخزر وسط آسيا حيث أصل غالبية اليهود محتلي فلسطين اليوم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...